الحكاية بدأت من الرياح التي تعصف بتضاريسه فتطلق اصواتا ظنها المارون عبر المكان، أنها أصوات عفاريت الجن ،ومن هنا اطلق عليه اسم “كاف الجنون” أو كما يسمى عند الطوارق بـ “أيندينان ” .
ما يحدث فيه من أشياء غريبة وأصوات مخيفة أضفى على الموقع عنصر جذب فريد يستوقف من يسير على الطريق للبحث بين تفاصيله.
وعلى الرغم من أنه لا يختلف كثيرا عن غيره من الجبال ،حيث تبرز تكويناته على شكل هلالي، يبلغ ارتفاعه ما يقارب من 700 متر فوق مستوى سطح البحر ،هذه المساحة الجغرافية الواقعة على مسافة تقارب الـ 30 كيلومتراً شمال مدينة غات، إلا أن سكان الصحراء يعتقدون أن الجبل ، يعد مصيدة للجن والأشباح.
ويقع الجبل في منطقة أكاكوس في الجنوب الغربي لليبيا قرب الحدود مع الجزائر، تعلو جبالها رسوم حفرت في مواقع مختلفة على الجبال، ويقول مؤرخو عصر ما قبل التاريخ إنها كانت أرض حضارة وزراعة، ويستدلُّون على ذلك بالرسومات التي تتعدد فيها الحيوانات والنشاطات الإنسانية، وصنفتها منظمة اليونيسكو جزءاً من التراث الإنساني.
“كهف ايدينان” مملكة للجان:
يقول الباحث الطارقي الشيخ محمود محمد وهو من سكان مدينة غات إن “كهف ايندينان كما هو معروف عند الطوارق أو كما يعبر عنه بالمصطلح الحديث بكهف الجنون هو مملكة للجان لدى الطوارق كما تقول الأساطير.
ويقول محمد “في هذا الكهف بشكله المخيف تروى عدة قصص تختلط بها الحقيقة والخيال، ولا نستطيع أن نجزم بحقيقتها ولا بعدم صحتها حول وجود الجن وهناك عدة محاولات لاستكشاف الكهف واسراره، وقد حاول البعض ان يتسلق الكهف ولكن الجبل هش وهذا ما أعطاه نوع من السرية والخوف منه.
ويضيف أن “مسألة وجود الجن أمر معروف ولا خلاف عليه ومذكور حتى في القرآن الكريم وفي الصحراء له دور أساسي ومعتقد مهم جداً عند الطوارق”.
وبحسب محمد فإن “الطارقي دائما يحمل معه سكين او سيف وخاصة في المناسبات الاجتماعية كالزواج بالرغم ان السيف ليس لمقاتلة الجن، ولكن الطوارق يعتقدون أن الجن “يخاف من الحديد وما يجعلهم متمسكين بتلك السيوف حتى في عصرنا هذا.
وقائع عن الجن ..جزء من تراث الصحراء :
يشير الباحث الطارقي محمد إلى أن هناك قصص عن “كيل اسوف” أو الجن عند الطوارق في هذا الكهف وتعتبر جزء كبير من الأسطورة ومن تراث الصحراء للرجل الطارقي
ومن بين هذه الوقائع “رؤية غزال في الكهف ليلاً وهذا الغزال لا يمكن اصطياده، حيث يعتقد أن الجن تمثل في هذا الغزال.
وهناك رواية أخرى لأحد الطوارق وهو يبحث عن الإبل بناءً على طلب والده، وعندما جاء إلى موقع الكهف جاء عليه الليل ولم يستطع الرجوع إلى منطقته حيث نام بجانب الابل وعندما مضى جزءا من الليل سمع صوتاً غامضا بالكهف يناديه “انهض لكي تتعشى”، وهو ما أصابه بالرعب وفر هاربا.
لغز الأصوات الصادرة من الكهف:
وعلى الرغم مما سمع من السكان، قام (جيمس ريتشاردسون)، وهو أحد المستكشفين، في عام 1845، بمحاولة استكشاف المنطقة، وتعرض لوعكة صحية أثناء محاولة تسلقه القمة، فيما أصاب المستكشف الكبير (هاينريش بارت)، التعب والإرهاق عقب وصله أعلى الجبل، وظل طريق العودة وتاه في مساربه، ونال منه الجوع والعطش، ولكن حالفه الحظ في النجاة إثر عثور السكان الطوارق عليه وهو يشارف على الموت.
وظل سر الأصوات الصادرة من المكان من الألغاز المحيرة، إلى حين تمكن الرحالة (ريتشاردسون) و (هنريش بارت) في محاولة أخرى من فك اللغز، وكشف حقيقة الأصوات الصادرة من جوف الجبل، والناجمة عن ملامسة الرياح جدران الكهوف والأنفاق الجبلية التي تصدر أصواتاً يتردد صداها في المكان الأخاذ.
إلا ان حكايا وخفايا عالم الجن ، تبقى جزءً كبيرا من الأسطورة ومن تراث الصحراء للرجل الطارقي مستندا في ذلك الى عدة وقائع حصلت بالمنطقة لكثير من الناس مشهود لهم بالصدق.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.