يعد الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية عاملًا مهما لتحقيق الأمن القومي للدولة، كما أنه يمكن أن يكون مورد دخل مناسب، وعاملًا مهمًا في الحفاظ على العملة الصعبة التي نضطر لاستخدامها لشراء هذه المنتجات.
وباعتبار أن المحاصيل الزراعية تحتاج لبيئة زراعية تختلف من محصول إلى آخر، انصب الاهتمام على إجراء دراسات على بعض المحاصيل الزراعية الهامة للمواطن، وكان القمح والشعير من أبرز الحبوب التي تم العمل عليها من قبل مركز البحوث الزراعية والحيوانية، وقد تمكن المركز من خلال أبحاثه من الحصول على نتائج جيدة جدا خاصة فيما يتعلق بمحصول القمح.
القمح الطري
وفي هذا الصدد أكد مدير الدراسات بمركز البحوث الزراعية والحيوانية إدريس حسين، في تصريح خص به “المنصة” أنه تم العمل على 160 صنف، واعتمد على الانتخاب بين هذه الأصناف لبدء دراستها، موضحا أن عملية الانتخاب تعتمد على عدة عوامل منها اختيار الإنتاج، وحجم الإنتاجية، مقاومة الصنف للأمراض، الجودة، وتم في النهاية اختيار صنف سمي 210 وهو القمح الطري.
وأضاف حسين أن هناك فرع مختص في المركز قام بأخذ عينات من التربة والمياه وتم تحليلها، فيما يقوم فريق مختص آخر بزيارات مستمرة للحقول وتقديم توجيهات للمزارعين.
وأكد أن الصنف حقق نجاحًا كبيرًا وإنتاجيته كبيرة، حيث يبدو حجمه كبيرًا والمؤشرات تبين أن حجم السنابل كبير وبالتالي المحصول سيكون مبشر.
وأضاف حسين أنه بعد نجاح الصنف في البيئات الليبية المختلفة واختباره واختبار إنتاجيته التي كانت كبيرة، إضافة إلى أن إنتاجيته لم تتغير من موسم لآخر، ويحمل جودة عالية من البورتين والجلوتين، فتم إكثار العمل على إكثار البذور، عبر إبرام اتفاقية مع هيئة إكثار البذور.
وأشار إلى أن خلال الموسم الحالي تم زراعة 1000 هكتار، وتم تسمية فرقين أحدهما في الغربية والآخر في الشرقية وفيها تم زراعة 113 هكتار وزعت على مناطق العزيات، سمالوس، فرزوغة، مراوة، قندودة، مسة، الوسيطة، عمر المختار.
دعوات لتوفر دوائر زراعية
وطالب مدير الدراسات بمركز البحوث الزراعية والحيوانية، أجهزة الدولة المعنية بإشراك مركز البحوث الزراعية في الدوائر الزراعية التي يصل عددها إلى 84 دائرة في العمل وتخصيص دائرة واحدة ليتم تجريب هذه الأصناف الجديدة التي يتم العمل عليها، مشيرا إلى إمكانية الاستفادة أيضا من المشاريع الزراعية التي يتم إعادة إحياءها في سرت.
ودعا الدولة لشراء أنواع الحبوب التي أعطت إنتاجية كبيرة وتوزيعها على المزارعين بأسعار مقبولة، مشيرا إلى أن حبوب القمح وزراعته تعتبر مندثرة في الوقت الحاضر لأن غالبية المزارعين يهتمون بزراعة الشعير لاستخدامه كأعلاف، مؤكدا أنهم يحاولون من خلال هذه الدراسات والتجارب إحياء زراعة القمح، للحصول على محصول ونشره بين المزارعين لتشجيعهم.
من جانب آخر أفاد مركز البحوث الزراعية والحيوانية أن العمل مستمر لمتابعة حقول مزارعي القمح بحوث 210 بالمنطقة الوسطى ضمن برنامج التعاون بين المركز وهيئة إنتاج الحبوب لإكثار الأصناف الواعدة وأخذ عينات قبل الحصاد لمعرفه نسبة الرطوبة وجهازية الحقول إلى عملية الحصاد، حيث كانت نسبة الرطوبة ما بين 09 إلي 12% وهي الرطوبة المناسبة للبدء في عملية الحصاد.
إلى جانب ذلك تتواصل عملية الحصاد والدراسة في محطة مصراته للبحوث الزراعية لبعض الأصناف المحلية وذلك للمحافظة عليها وصيانتها وتجديد حيويتها.
جهود تطوعية
وبالإشارة إلى أهمية الاعتماد على الإنتاج الوطني والسعي لدفع عجلة الإنتاج، دعا المدير التنفيذي لمنظمة سدر التطوعية الحكومات الليبية، ووزارة الزراعة، والبنك الليبي للبذور، وإدارات المشاريع الزراعية، وكليات الزراعة بالجامعات الليبية، والمنظمات والجمعيات التطوعية الزراعية، لتبني مشروع إكثار بذور بالتعاون مع المزارعين للاستفادة من التجارب التي توصلوا إليها.
وأوضح مدير المنظمة أن مجموعة من الباحثين والمتطوعين عملوا على مدار عامين على إعادة إكثار بذور أصلية غير مهجنة من حبوب وقرعيات وخضروات ورقية تم جمعها من مناطق ليبية مختلفة وبعضها من الدول المجاورة، تم توزيعها على المزارعين في عدة مناطق وأثبتت جودتها في الإنتاج، ويجري العمل الآن لتوزيعها على أكثر من 40 منطقة من مختلف أنحاء ليبيا.
وأكد مدير المنظمة أن الكمية المتوفرة من البذور الأصلية قليلة جدًا ويصعب التفريط فيها لذلك تحتاج لمختصين لديهم الخبرة والإمكانيات لعمل حقل متخصص لإكثارها على مدى الـ 5 سنوات القادمة ومن ثم توزيعها على الفلاحين.
ما بين عمل الفرق المختصة في الهيئات البحثية والمتطوعين لتحسين المحاصيل الزراعية، وبين الحاجة الملحة لزيادة الإنتاج الليبي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، تبرز أهمية تعاون أجهزة الدولة المعنية ورصد ميزانيات كافية وتخصيص قطع أرض ومساحات مناسبة لإجراء التجارب التي قد تكون كفيلة بسد احتياجات الأجيال القادمة من المحاصيل الزراعية الرئيسية.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.