موسم صيد الذهب الأزرق بين ضعف الإمكانيات والقيمة الاقتصادية

تشهد ليبيا هذه الأيام ازدهار موسم صيد “الذهب الأزرق”.. إنها أسماك التونة التي تعد موردًا اقتصاديًا مهمًا لليبيا، خاصة وأن الساحل الليبي يملك سمكة التونة ذات الزعنفة الزرقاء والتي تعد من أهم الأسماك الاقتصادية في العالم.

الزعنفة الزرقاء التي تملكها هذه السمكة هي التي منحتها اسم الذهب الأزرق، وقد بدأ صيدها من الساحل الليبي منذ عام 1919، ويعمل الصيادون على اقتناص موسمها بدء من منتصف شهر إبريل وحتى منتصف شهر يوليو.

وقالت الجمعية الليبية لعلوم البحار، إن أسراب سمكة التونة ذات الزعنفة الزرقاء تهاجر من الشواطئ الممتدة من حقل البوري غربًا قادمة من المحيط حتى سهل راس التين شرقًا فيسهل صيدها في ليبيا.

خسارة إيرادات

وعلى الرغم من القيمة الاقتصادية الهائلة لهذه الثروة البحرية إلا أنها تتعرض لإهمال شديد يتسبب في خسارة كبيرة في الإيرادات، حسبما أفاد موقع بي إن إن بريكنج، الذي نقل عن الخبير في صيد سمك التونة وعضو جمعية البحار الليبية سالم محمد المسعود تأكيده خسارة البلاد نحو 5 مليارات دولار سنويًا بسبب الصيد غير المشروع في المياه الإقليمية، مشيرا إلى أن كميات صيد سمكة التونة في ليبيا تقدر بحوالي 902 طن سنويًا وهي تفوق احتياج السوق المحلي.

من جانب آخر كشفت وزارة الثروة البحرية أن حصة ليبيا في عام 2022 من صيد سمكة التونة كانت 2253 طن، إلا أنها لم تكشف عن حصة ليبيا في 2023، في وقت ارتفعت فيه حصص بعض الدول المجاورة، إلا أن السوق الليبي شهد انخفاضًا كبيرًا في أسعار سمك التونة إذ وصلت إلى 20 دينار ليبي، بسبب وفرة المعروض في السوق المحلي، والذي افتتح ببيع سمكة يصل وزنها إلى 300 كيلوجرام، وخلال الموسم تم صيد سمكة بوزن 450 كيلوجرام.

وأكدت تقديرات رسمية أن المخزون السمكي الذي يمكن استغلاله في ليبيا يزيد عن 100 ألف طن من مختلف أنواع الأسماك التي لا يتم الاستفادة منها بسبب قلة وسائل الصيد الحديثة والحاجة إلى وسائل المناولة والتجهيز والتسويق.

وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى أن أبرز طرق صيد التونة في ليبيا، لا تتجاوز الخيط الطويل، الإحاطة، التنارات.

من جانب آخر يمكن أن تحصيل استفادة أكبر من سمك التونة في ليبيا في حال تم إعداد مصانع خاصة بالأسماك ووضع خطة محكمة لتسويقها.

أنواع وفوائد سمك التونة

وتتعدد أنواع سمك التونة الذي تزخر به المياه الإقليمية الليبية، ومن أبرزها وأشهرها التونة ذات الزعنفة الزرقاء، التونة ذات الزعنفة الصفراء، التونة الوثابة، التونة ذات العين الكبيرة، تونة الباكور، وتشكل هذه الأنواع 75% من الإنتاج العالمي من لحوم أسماك التونة في الأسواق العالمية

وأفاد عبدالله المقاوشي الخبير في الشبكة الليبية لرصد التنوع الحيوي البحري، بأن لسمك التونة قيمة غدائية كبيرة حيث يحتوي كل كيلو من التونة زرقاء الزعنفة على 144سعر حراري، و 4.90غ دهون غير مشبعة، و1.25 غ دهون مشبعة، و38 ملغم كولسترول.

كما أن لسمك التونة فوائد لمقاومة العديد من الأمراض وعلاجها، وعلى رأسها السرطان إذ أن الباحثين اكتشفوا أن التونة تحتوي على السيلينوم في تركيب فريد من نوعه يسمى سيلينونين وهو يلعب دوراً هاماً كمضاد للأكسدة ويحمي خلايا الدم الحمراء من التلف، كما أن التونة مفيدة للقلب حيث أنها مصدر جيد لأحماض أوميجا-3 الدهني وهي دهون صحية غير مشبعة تعمل على تحسين وظائف الأوعية الدموية وتحمي القلب من الأمراض، علاوة على فوائدها للتخسيس لأنها منخفضة الكربوهيدرات وغنية بالبروتينات والتي يمكن أن تساهم في خفض وزن الجسم على المدى القصير دون إطالة هذا النوع من الرجيم، إضافة إلى أهميتها للكولسترول، حيث أثبتت دراسة أجريت مؤخراً في جامعة كاليفورنيا، أن النياسين وهو فيتامين B3 يعمل على تثبيط LDL من خلال تعزيز مستويات .HDL

التونة في السوق المحلي

وبالنسبة للسوق المحلي في ليبيا، فإنه يشهد إقبالًا كبيرًا على شراء سمك التونة، ويعد من الوجبات الشهية في المائدة الليبية، ويتم إعداده بطرق مختلفة، فقد تؤكل في سندوتشات مع الهريسة، ويمكن إعدادها في الفرن، أو مقلية، أو كمونية، أو طبيخة، أو الحرايمي، أو طاجين، أو مع المكرونة، أو مع الكسكسي، وغيرها الكثير من الأصناف التي تزخر بها المائدة الليبية.

ما بين قيمة سمك التونة وأهميتها وبين قيمتها الاقتصادية الكبيرة وإمكانية استغلالها لتكون مصدر دخل مهم لليبيا، تقف الإمكانيات حائلا كبيرا أمام الاستفادة المثلى من هذه الثروة البحرية القيمة.