احتفل العالم خلال الأيام الماضية باليوم العالمي للسلاحف البرية، مناسبة عامة تذكر العالم بالدور الحيوي الذي تلعبه هذه المخلوقات في صحة محيطاتنا.
يطلق على السلاحف بأنهم البحارة القدامى، حيث يبحرون لمسافات شاسعة ويربطون النظم البيئية، تمكنوا من التكيف مع البيئة فكانت منهم فصائل برية وأخرى بحرية وثالثة برمائية، ولكن مع ذلك تحتاج موائلهم لاجتماعنا للحفاظ عليها والحد من تلوثها، ودعم ممارسات الصيد المستدامة الموزونة القانونية، وتشجيع السياحة المسؤولة.
خطة لحماية السلاحف
وسعيا للحفاظ على هذا الكائن بادرت ليبيا منذ العام 2002 في اصدار خطة وطنية لحماية السلاحف البحرية وبيئاتها المختلفة، وتم تحديثها عام 2020، وفي عام 2005 أسس البرنامج الليبي لحماية السلاحف البحرية والذي جمع شبابا من كل ربوع المناطق الساحلية للعمل على حماية الاحياء البحرية.
ويعتمد برامج حماية السلاحف على متابعة التعشيش والفقس ومراقبة جنوح ونفوق السلاحف نتيجة الصيد العرضي إلى جانب الرفع من ثقافة المواطن في هذا المجال، إضافة إلى إجراء الدراسات العلمية التي انتهت بصدور كتاب الكتروني يضم حصيلة البرامج العلمية التي قام بها فرق البرنامج بين عامي 2005 و2020، والتي أجريت بدعم من وزارة البيئة والمركز الاقليمي RACSPA.
وأكد تقرير ميداني نشره موقع “ذا ناشيونال” الإخباري الدولي عن إيجاد السلاحف ذات الرؤوس الضخمة المهددة بالانقراض ملاذا آمنا لها في شواطئ ليبيا.
وأشار التقرير إلى تمكن برنامج السلاحف البحرية الليبي من مضاعفة عدد أعشاش هذه السلاحف على الساحل الليبي بعد توقف برنامج ممول من الأمم المتحدة لزيادة أعداد الأنواع النادرة منها بعد العام 2011.
ومن بين جهود المجموعة الليبية نقل أعشاش السلاحف إلى أماكن بعيدة عن الحيوانات المتطفلة والصيادين ووضع شبكات واقية فوقها للحد من خطورة تعرضها للالتقاط من الطيور وسرطانات البحر، كما يتم مساعدة تلك الصغار خلال موسم الفقس في رحلتها القصيرة للبحر.
وبفضل هذه الجهود تمكن ليبيا وفريقها من نقل السلاحف ذات الرؤوس الكبيرة في عام 2015 من قائمة المهدد بالانقراض إلى المعرضة للخطر.
ولفت التقرير إلى أن ليبيا تعد أحد أهم الملاجئ في العالم للسلاحف ضخمة الرأس لدفن بيضها فيه، مبينا أن هذا النوع من السلاحف مهددة بالانقراض منذ العام 1978 .
الساحل الليبي
وأضاف التقرير أن مواقع التعشيش في جميع أنحاء ليبيا آخذة في الازدياد ففي أحد الامتدادات الرملية التي تمت مراقبتها عن كثب من قبل دعاة الحفاظ على البيئة تم الإبلاغ عن 494 عشا خلال العام الماضي قياسا بـ271 في العام 2011.
وقد كانت الأمم المتحدة تساعد ليبيا بتوفير أجهزة تتبع للإناث لمراقبة أنماط الهجرة والتعشيش إلا أن هذه التقنية اندثرت منذ زمن طويل في ظل تذمر من عدم اهتمام الدولة.
وتركز اهتمام المركز الإقليمي RACSPA على ليبيا كموطنًا مهمًا لتعشيش السلاحف البحرية، حيث أنها أحد الدول الرئيسية التي تعد مناطق حيوية لتعشيش السلاحف البحرية في حوض البحر المتوسط، وذلك لتميزها بطول ساحلها وتوفر عدة شواطئ رملية توفر بيئة آمنة ومناسبة لتكاثر وتعشيش السلاحف البحرية.
ويمتد موسم التعشيش خلال الفترة المنحصرة بين شهري مايو ويوليو، حيث يفقس البيض من أغسطس وحتى أكتوبر، وقد يحوي العش الفردي على أكثر من 100 بيضة إلا أن جزء ضئيل منها يبقى على قيد الحياة حتى سن الرشد، حيث تشير التقديرات إلى أن 1 من كل 1000 يبقى على قيد الحياة..
أهمية السلاحف
وجاء الاهتمام بالسلاحف البحرية أكثر من غيرها باعتبارها جزءً مهمًا من التنوع البيولوجي في البحر المتوسط، وتلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على توازن النظام البيئي والمحافظة عليه من التدهور.
إلى جانب ذلك برزت السياحة البيئية والسياحة البحرية التي تستند إلى تعشيش السلاحف في ليبيا، والتي يتزايد الاهتمام بها يوما بعد آخر ما يؤهلها لأن تصبح مصدرًا هامًا للاقتصاد المحلي، وعاملا مساهما في تعزيز السياحة الداخلية والدولية.
المخاطر
وعلى الرغم من كل هذه المميزات إلا أن السلاحف البحرية في ليبيا تواجه العديد من الأخطار التي تهدد وجودها، ومن أبرزها تغير المناخ، التلوث البحري والشاطئي بالمخلفات ومياه المجاري والزيوت والنفايات الصناعية والزراعية والبلاستيكية والتي تعتبر الأكثر انتشارا.
ومن بين المهددات للسلاحف البحرية أيضا الصيد الجائر الذي يتم بشكل عرضي من قبل الصيادين إضافة للصيد العمد رغم ان هذا ممنوع قانونا، إلى جانب تدمير البيئة الطبيعية، حيث تجري عمليات تعديل الشواطئ والسواحل بشكل غير مسؤول ويتم إقامة المشروعات السياحية (الاستراحات والفنادق) والعمرانية الاخرى على سواحلها والتي يمكن أن تؤثر سلباً على المواطن الطبيعي لتعشيش السلاحف، ومن بين المشاريع الصناعية محطة كهرباء غرب سرت التي سببت في انخفاض معدل التعشيش في اهم شاطي للسلاحف في البلاد وهو شاطي القبيبة.
ما بين جهود المتطوعين والجمعيات للاهتمام بهذا الكائن، وقدرتهم على وضع ليبيا ضمن أبرز الدول التي تمكنت من الحفاظ على السلاحف من الانقراض، وبين استمرار اهمال الجهات المعنية والمسؤولة في الدولة لهذه الجهود وتوفير الإمكانيات لها، يبقى التطوع هو المفتاح للحفاظ على هذه الكائنات.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.