بقلم: خالد علي الدرسي
لو لم يكن هذا التاريخ لما اكتمل مشروع قيام الدولة الليبية. الأول من شهر يونيو لعام الف وتسعمائة و تسعة و أربعين, يأتي الحدث الأهم في التاريخ السياسي الليبي. حيث أعلن في هذا التاريخ استقلال الدولة العربية الثامنة ((برقة))أمارةً تحت راية أميرها (( ادريس المهدي السنوسي))..فقد توجت الزعامة الروحية للسنوسيين بزعامة سياسية.
رغم محاولة بعض الجهويين في طي صفحة الولاية المؤسسة للدولة الليبية. الا ان عظمة الحدث يفرض عليهم بقوة وثائقه السياسية و التاريخية الإقرار به… فقد قادت الحركة السنوسية الجهاد المسلح و السياسي في برقة منذ الاحتلال الإيطالي للأراضي الليبية, فكانت قيادة منظمة فإنطوى تحتها كل أبناء برقة دون استثناء, على عكس ما حدث في أقاليم طرابلس حيث مزقتها الزعامات القبلية و حدت من استمرار النضال رغم بسالة أهلها المقاوم للاحتلال.
ظل النضال المسلح مستمرا وقويا في برقة لأكثر من عشرين سنة ولكنه تقهقر كثيرا بعد اعدام شيخ الشهداء (( عمر المختار)).
اعدام عمر المختار لم ينهي حركة المقاومة في برقة , بل اتخذت الزعامة السنوسية بعدها نضالا سياسيا اكثر مقاومة من القتال , حيث بدئ التفكير الجدي في اخراج الاستعمار الفاشي من الأراضي فاتخذت هذه الزعامة من مصر مقرا لها حيث سعى أمير برقة ادريس السنوسي الى تأسيس الجيش الذي يعرف بالجيش السنوسي , فقد ضم هذا الجيش أبناء ليبيا في المهجر حتى اطلق فما بعد عليه بالجيش العربي الليبي وكان الإعلان عن تأسيسه في القاهرة في اليوم التاسع من شهر أغسطس1940 .
استفادت الحكمة السنوسية من مجريات الحرب العالمية الثانية وعقدوا تحالفا مع بريطانيا زعيمة التحالف في تلك الفترة لتحرير ليبيا من الاستعمار الإيطالي احد دول المحور , على ان تظل ليبيا تحت الوصايا البريطانية على أن تساعد بريطانيا ليبيا في الحصول على استقلالها فيما بعد.
مع بداية عام 1943 دخل الجيش العربي الليبي مع القوات البريطانية و تم تحرير ليبيا بالكامل من الاستعمار الايطالي .
دخل بعدها ادريس السنوسي الذي كان يطلق عليه حتى هذه اللحظة التاريخية بلقب امير برقة , في خلافات دولية و محلية التي لم تتطور الى حد الصراع . فحكمة هذا الأمير كانت في مستوى هذه الاحداث , حيث قادته الظروف الى فرض امر الواقع و انهاء الخلافات و بعد مباركة زعماء طرابلس و فزان, أعلن أمير برقة ادريس المهدي السنوسي استقلال الامارة العربية البرقاوية الدولة العربية الثامنة العضو في الجامعة العربية و المعترف بها دوليا و إقليميا و أيضا بكيانها السياسي المتكامل من دستور و شعب و ارض و علم و نشيد وطني . فما كان امام هذه الدولة الحديثة الا ان تبحث عن تشكيل حكومة برقاوية فجاءت حكومة السيد فتحي عمر الكيخيا, و مارست كافة مهامها المحلية و الدولية لمدة تزيد عن سنة و نصف.
أثناء تلك المرحلة أي بعد استقلال أمارة برقة, بدأ حراك من جمعية عمر المختار مقرها درنة, في مطالبة زعماء طرابلس و فزان لحث امير برقة لإعلان الدولة الليبية تحت زعامته. فشكلت لجنة الاستقلال من كل الأقاليم وتوجهت الى الأمم المتحدة لعرض مشروع الدولة الليبية بعد استقلال برقة.
توج هذا النضال الوطني باعتراف الأمم المتحدة باستقلال ليبيا .. فأعلن أمير برقة يوم الرابع و العشرين من عام الف وتسعمائة و واحد و خمسين , من شرفة قصر المنار في مدينة بنغازي عاصمة الامارة, استقلال ليبيا بكامل اقاليمها ,على أن يكون أمير برقة هو ملك المملكة الليبية, و احتفظ ادريس السنوسي بلقب أمير برقة ملك المملكة الليبية المتحدة حتى انهي النظام الفدرالي فصار لقب ادريس السنوسي (ملك ليبيا) بدون ذكر أمير برقة .
فمنذ استقلال ليبيا كان دستورها هو دستور برقة مع تعديل في شكل الحكم و احكامه. وكان العلم الوطني للدولة الليبية هو علم برقة اضيف عليه 25% من الأعلى اللون الأحمر رمزا للجهاد و 25% من اللون الأخضر في الأسفل رمزا للاستقلال, و احتفظت ولاية برقة بنسبة 50% من اللون الأسود في علم الدولة الليبية يتوسطه نجمة و هلال .
فهذا الحدث ليس فيه أي دعوة للجهويين لممارسة طقوسهم . فطي هذه الصفحة هو عمل غير وطني لتاريخ ليبيا. فبرقة قادها الحدث ان تكون هي المؤسسة بفضل القيادة فيها ليس الا, ولو غلب على زعماء طرابلس و فزان مصالحهم الشخصية او الجهوية لما استقلت ليبيا . فيوم استقلال برقة هو يوم وطني بامتياز لكل ليبي يحب ليبيا و يحترم كفاح الأجداد و الإباء المؤسسين للدولة الليبية , في الذكرى 73 لاستقلال برقة
طاب لي ان أقول لكل الليبيين و الشعب العربي…. (( كل عام و انتم بالف خير وأمن وسلام))
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.