د. خميس العربي الجريبي
لم يعد استخدام تقنية المعلومات اليوم حكرًا على أحد، فنظراً لما تقدمه الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية من خدمات لمستخدميها، فقد انتشرت انتشارًا واسعًا حتى وصل استخدامها إلى أطفال لا تتجاوز أعمارهم الثلاث والأربع سنوات، وقد استغلت بعض الشركات الفرصة لإنتاج برمجيات ترفيهية للعمل على هذه الأجهزة، ما أدى إلى الإفراط في مدة استخدامها حتى وصل في بعض الحالات إلى الإدمان، خصوصا مع توفر الاتصال بشبكة الانترنت والتي تعج ببرمجيات وصفحات تواصل اجتماعي عديدة تأسر الناس لساعات طويلة.
دفع الاستخدام الطويل للأجهزة المحمولة كثير من البحاث إلى إجراء دراسات لاختبار التأثيرات السلبية لهذه الأجهزة على الإنسان بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص و أظهرت نتائج الأبحاث حقائق مرعبة، حيث تشير معظم الدراسات إلى أن الاستخدام المفرط للأجهزة المحمولة له تأثيرات سلبية كبيرة من الناحيتين النفسية و الجسدية فمن الناحية النفسة، يؤثر الاستخدام المفرط لهذه الأجهزة في سلوكيات الأطفال بشكل سلبي، مسبباً ظهور سلوكيات غير سليمة كالعنف والكذب والخوف، وقد يسبب أيضاً ما يعرف بالكسل الدماغي وضعف النشاط، وهى الحالة التي يكون الطفل فيها فقط متلقٍ للمعلومات دون محاولة لفهمها وإدراكها، وتدخله في حالات التوحد والانطوائية أو صعوبة معالجتها.
أما من الناحية الجسدية، فإن استخدام الأجهزة المحمولة لفترات طويلة يسبب آلاماً شديدة في الرقبة والرسغين بالإضافة إلى إحداث أضرارًا كبيرة للعيون والجهاز البصري، وذلك بسبب الإشعاعات المنبعثة من الشاشات وخصوصاً عند ضعف الإضاءة في البيئة المحيطة، وتقول الدكتورة هيام يونس، أستاذة علم نفس النمو..” إلى جانب ما ذكر آنفاً فإن استخدام الأجهزة المحمولة يسبب نقصاً في نوم الأطفال، حيث إن الإضاءة الصادرة من شاشات تلك الأجهزة لها نفس تأثير الكافيين، فهي ترسل إشارات إلى الدماغ فتبقيه مستيقظا، مسببةً بذلك اضطرابًا في نوم الطفل بدلاً من الاسترخاء والراحة وهذا ما يؤثر سلباً على نموه الجسدي والذهني “.
خطر آخر بالغ الأهمية يداهمنا كبارًا وصغارًا تشير إليه الأبحاث الحديثة بالمعهد الوطني للسرطان بأميركا ألا وهو أن الإفراط في استخدام الهواتف والأجهزة المحمولة يسبب تلفاً لخلايا الدماغ، حيث يصل الضرر إلى الإصابة بمرض سرطان الدماغ خصوصاً لدى الأطفال والمراهقين .
من ناحية أخرى، تشير الأبحاث إلى أن الإكثار من استخدام تلك الأجهزة يشكل خطرًا على صحة النساء الحوامل وصحة أطفالهن، وربما كان وراء تلك الإعاقات الجسدية والذهنية التي انتشرت مؤخرًا في المجتمعات غير المبالية بتلك المخاطر كما تشير دراسات أخرى إلى وجود علاقة بين الإفراط في استخدام الأجهزة المحمولة وضعف خصوبة الرجال (أي قدرتهم على الإنجاب).
وبشكل عام، فإن استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وغيرها من التقنيات لا يشكل خطرًا إذا ما أُحسن استخدامها، وبمعدلات طبيعية، ولكن الخطورة تكمن في استخدام تلك التقنيات لأوقات طويلة.. لهذا يُنصح بتقنين استخدامها وخصوصاً من قبل الأطفال بحيث لا تتجاوز ساعة يوميًا.