عفاف عبدالمحسن
السلام عليكم صديقي الحريص .. مرحبا صديقتي الحريصة .. أكلتما خروف العيد هنيئاً مريئاً يا ترى ؟ ذاع صيت الشواء في الأجواء عالياً في الأيام الثلاثة لإجازة العيد السعيد ؟ هل أصبتما بالتخمة مع المشروب الغازي وخلطات السلطة الحارق الناري لفتح الشهية لالتهام الطعام الشهي ؟ راسلتكما بتأدب إذ دعوتكما بالحريص والحريصة .. وكان لزاما أن أقرأ عليكما أولا ما كتب منذ أزمان لعلني في رسالة أخرى على قارعة شوق وقفت عندها أطالع الخير في أيديكما تضنان به على جائع يقف على مشارف قلوب توخاها رحيمة .. فركلته بخفقة كبر لا مشاعر للتحانن فيها ذكرتني الكلمات التي تداولت وقتها ( الي ما عنداش ما يلزماش ) أو ( احفظوا ماء وجوهكم والأنكأ ” وبلاش من الشحتة ” ) وكأنهم نسوا أو تناسوا أنه في كل الأيام أيام الله للمسلم على المسلم حق ( التكافل الاجتماعي ) فما بالكم بأيام خصصت للتراحم والتحابب في الله والتقرب إليه سبحانه بمرضاته بأقل ما يمكن أن يفعل من عبادة هي التصدق ومعاونة المحتاج وجبر الخاطر تلمسناها في قوله تعالى ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ” ومامروا هؤلاء الكتبة الكبار والقراء النهمين بقول إسماعيل بن محمد العجلوني رحمه الله (( ما عُبِدَ الله بشيء أفضل من جبر الخاطر )) اقرأوا ما قال ابو نواس على أمثالهم في ” الب خ ل ” الحرص :
رغيف سعيد عنده عدل نفسه … يقلبه طورا وطورا يلاعبه
ويخرجـه من كمـه فيشمـه … ويجلسـه في حجـره ويخاطبه
وإن جاءه المسكين يطلب فضله … فقـد ثكلتـه أمـه وأقاربـه
يكر عليه السوط من كل جانب … وتكسر رجلاه وينتف شاربه
مادعاني لأرسل لكما حزني عليكما حينما فتحت الفضاء الأزرق أيام عيد الأضحى ووجدت مشاركة منكما لتكون على صفحتي يوم الوقوف العظيم بين يدي الله على جبل عرفات والمسلمون في خشوع وبكاء ونحن في بيوتنا صيام لله ويفكر واحدنا مع الآخر .. كيف ياترى أعين جاري وزميلي وأخية مترملة على صغارها إثر حرب أو كرب آخر فإذا بمنشور فاضح لأفكار عقيمة مريضة يطالعني بقسوته .. أي ضمير للعالم الذي نعيش فيه ولأناس نظنهم خيرين فنتفاجأ بأن الخير اعترضهم وارتحل لغيرهم من رقيقي الحال والقلب معا .. تكتبون الشعر والشعر مشاعر كيف تضيق بكم المشاعر لتكون شوكا يتناثر .. عيد الأضحى ياصديقي ياصديقتي كنا نعرفه صغارا لا يتبقى من الخروف الأضحية إلا ما نقيم به عاداتنا الليبية الجميلة وليس وحدنا بل أيضا بين كل أفراد العائلة الكبيرة القاطنة بيتا باحته غير مسقوفة تملؤه الحجرات المفتوحة أبوابها على بعضها تقول للقاطنين ذات الدفء فيه رغم اتساعه هيت لك داري الحلوى على صندوق بورنة تنتظر الأطفال وعصير الكركدية في ذلك الإناء الأنيق ببساطته فلنرتوي وتمتد الأيدي على ( قصعة العصيدة بالرب ) بعد صلاة العيد ثم يلتحم الرجال في الشارع والبيت يتهيؤن للتضحية كما أمر الله تعالى ولا يشعر من رق حاله فلم يستطع شراء ( حولي للعيد كما نسميه في بنغازي ) أن طفله لم يحتفل بين أطفال العائلة والجيران قبل العائلة الكبيرة أووواه يالتطور والعصرنة والعولمة والتكالب على الاكتناز الذي غير معالم ضمائرنا ونظرات عيوننا ومداخل صدورنا المتهيئة لاحتضان الأخ والقريب والجار لمباركة دخول العيد ونحن نوحد الله ونعبده ونقيم شعائره كما أوصانا ديننا وسرنا على هدي نبينا عليه الصلاة والسلام.
هل نعشق المال وأنفسنا ولا نعشق أن نكون ضمن زمرة جابري الخواطر مع رسول قال عنه ربه ( وإنك لعلى خلق عظيم ) لأن قلبه لين ولسانه هين وسلوكه القويم الطيب الناعم في معاملة الآخرين بين ؟ أوتجرأ بعد كل هذا أن تكتب وتشاركني الجفاء فتقول : ( أنا مش مستعد نقسم خروف جايبة بهاذاك السعر المخيف مع حد يا الله يسدني ) وتكتب أخرى وأحسب أن النساء أكثر رقة في القلب ورحمة وشفقة بالآخرين ( تعففوا يرحمكم الله ومش لازم شوايات في العيد راهو سنة مؤكدة والي ماعنده مايلزمه ) ؟
في الحكاية الأخيرة للحريصين ممن كانوا أصدقاء والآن هما مجرد معارف : عشق أبو القماقم امرأة فلا يزال يتبعها ويبكي بين يديها حتى ترحمه وتحن عليه ثم راح يطلب اليها أن تهديه من أصناف الطعام ويكثر حتى علمت المرأة موضع هواه وأنه يحب الطعام لا إياها فقالت ” رأيت عشق الناس يكون في القلب وعشقك انت ليس يجاوز معدتك”.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.