“حكايات في دفاتر قديمة” محاضرة ألقاها الفنان الليبي القدير يوسف الغرياني بحوش محمود بي بالمدينة القديمة طرابلـس.
تم في حوش محمود بي بالمدينة القديمة بطرابلس عقد أمسية ثقافية أدارها الباحث مصطفى حقية والإعلامية أمل بن ساسي الأمسية كانت بعنوان “حكايا دفاتر طرابلس القديمة” يوثق فيها الفنان القدير يوسف الغرياني قصص وحكايا وشخصيات المدينة القديمة في طرابلس.
الغرياني عرض خلال الأمسية صور لمشاهد من المسرح تجمعه مع زملائه الفنانين ، وتحدث الغرياني بشوق وشجن عن رحلته الفنية الثرية.
الغرياني أو كما يعرفها الكثيرون بقزقيزة تلك الشخصية التي إرتبط بها الليبييون سرد للحضور الحكايا في قالب كوميديا سوداء قارن فيها بين البيئة الحاضنة للثقافة والبيئة الطاردة، ووصف حظوظه مع القدر والقرارات الغير مدروسة التي تحول مسار الحياة وتقذف بأصحابها إلى نهايات مؤلمة.
في تقرير فني نشرته الوسط عن تفاصيل الأمسية رصد الثلاث حكايا التي تحدث فيها الغرياني وغاص في تفاصيل حكايا دفاتر المدينة القديمة..
الحكاية الأولى: حوش القنصل
في حكايته الأولى يتحدث الغرياني عن حوش القنصل «القنصلية الفرنسية»، وكيف كان بيتاً لعديد العائلات ومن ضمنها أسرة الفنان يوسف الغرياني، وبطبيعة المكان وماضيه يبقى للساكن مخزون معرفي عن أحوال البيت والأحداث التي مربها.
يقول «في عهد يوسف باشا القرمانللي سكن البيت قنصل فرنسي يتكلم العربية والعامية وهو من مواليد الجزائر، وكان يأتي للقنصل من زنقة الشيخة زينوبة المؤرخ الليبي ابن غلبون بطلب من القنصل على عربة ذات عجلتين وحصان، حاملا معه كتاباً، يجلس به أمام القنصل ويقرأ ما تيسر من فحواه». ويحاول القنصل بدوره بحسب تعبير الغرياني تلطيف الأجواء ببعض الجواري والمأكولات، وهكذا حتى حلول المساء ثم يقفل الشيخ راجعاً إلى منزله في الشيخة زينوبة.
ويواصل «تمر الأيام والشهور ويسافر القنصل إلى فرنسا بعد أن نسخ كتاب ابن غلبون وترجمه إلى الفرنسية ونسبه الى نفسه، ثم وضع النسخة في جامعة السوربون، وقد طالعتنا مكتبة الفرجاني بنسخة من هذا الكتاب تحت عنوان الحوليات الطرابلسية».
ويمضي قائلاً «كان هناك طالب ليبي درس في فرنسا الماجستير والدكتوراه عثر على الكتاب، وقام بنقله للعربية ونسب الكتاب إلى مؤلفه الأصلي، هذا الطالب هو الباحث عبدالكريم الوافي زوجته فرنسية رفضت العيش في ليبيا، ورجعت الى فرنسا، ورجعت به الأقدار أيضاً إلى مدينة البيضاء حتى توفي، وللأسف لم يكتب عن سيرته أحد أو توقف عندها في جريدة أو مجلة».
الحكاية الثانية: بشير ونرجس
ويصف الغرياني بطل قصته بالشاعر الهائل واسمه بشير يعيش في سوق الحرارة نشأت علاقة حب بين الشاعر وفتاة تسكن في الشارع ذاته اسمها مريم ويسميها في قصائده نرجس، كانت ملكة جمال الشارع، محترمة وعلى خلق كبير، مع مرور الزمن تزوجت نرجس وأنجبت ولداً، كبر الابن وسافر إلى اليونان للعمل، وألمح بشير إلى رغبته في ترك المكان، ورأت أم نرجس أن على ابنتها ألا تضيع الفرصة إذا أرادت الزواج من بشير، لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، عارض ابن نرجس زواجها من بشير بل تطور الأمر إلى تهديد الابن لبشير الذي غادر السكن إلى فندق طرابلس الغرب».
يضيف «قرر بشير الهروب إلى فندق آخر، وساءت به الظروف بعد إصابته بجلطة وظل يلح عليه عامل الفندق في معرفة ما إذا كان له أقارب أو أسرة أو أصدقاء دون أن يحصل على إجابة، وطلب بشير من العامل نقله إلى دار العجزة ليكمل ما تبقى له من أيام، وعندما توصل سكان حيه القديم إلى عنوانه كان قد فارق الحياة ولم يترك إلا حقيبة فيها بعض الأوراق وقصائده عن نرجس، وبقية أوراق ونصوص يمكن أن تشكل ديواناً لم يعثروا عليها وتبين لاحقاً أن عاملة الفندق رمتها في القمامة، وهكذا انتهت رحلة الشاعر وشعره إلى هذه المأساة.
الحكاية الثالثة: رموزهم ورموزنا
أما الحكاية الثالثة فتدخل في باب المقارنات بين ما حدث وما ينبغي أن يحدث في بيئة تهمل رموزها الفنية والأدبية، وبالرجوع إلى الوراء قليلاً يعلق الغرياني «كانت هناك سيدة إيطالية تملك عيادة للدواء لها معرفة بالفنان مصطفى الأمير الذي قرر مع زملائه من أعضاء الفرقة القومية للمسرح شراء قطعة أرض لبناء مسرح، واتجه الأعضاء للبحث عن داعمين لهذا المشروع، وأبرزهم كانت السيدة الإيطالية التي ابتهجت للخبر وتبرعت بأربعين ديناراً».
ويكمل الغرياني حكايته الثالثة «ثم ذهبت الفرقة إلى المتصرف الذي استمع إلى طلبهم ووافق بشرط أن ينضموا إلى سلك الشرطة بحكم أنهم أولاد عائلات معروفة للرفع من أسهم سمعة البوليس، وللأسف لم يكن دعمه إلا مجموعة أكياس فارغة قمنا ببيعها وتحصلنا على مبلغ ثلاثة دنانير، ولكم أن تقارنوا بين موقف السيدة الإيطالية وموقف المتصرف».
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.