الناير اليعقوبي
من إن تخرج أزمة حتى تدخل أخرى، وغالبًا تلتقي مع بعضها البعض على كاهل مواطن يتجرع مرارتها على مرّ الأيام منذ أكثر من عقد من الزمان في ظل عملية سياسية انفرط عقدها ولم ترسو سفينتها على مرسى يتنفس المرء خلاله صعداء الاستقرار والاسترخاء.
أزمات حادة ما انفكت تنهش لحم المواطن الذي عجز قبل أيام عن شراء أضحية العيد، ولم يجد مخرجًا أمام فلذة الكبد إلا بكيلو كبدة خروف مستورد تشوى وتؤكل بشراهة على عجل داخل منزله أو على شاطئ البحرالعام إن وجد.
أوجاع قصمت ظهره، وأطاحت به أرضًا، غير قادر على الإيفاء بالنزر اليسير من أبسط مقومات الحياة على خلفية اقتصاد هش ومشوه تتدحرج كرته في اتجاه معروف مآله، مُكبل في قيود صندوق النقد الدولي إن لم يكن عن قريب، فالبعيد قاب قوسين أوأدنى.
كثيرة هى الأوجاع بداية من أوضاع أمنية مُتقلبة في رعشة عين، يُمسي المواطن على صورة قاتمة، ويُصبح على أخرى غامقة، وتضخم برزت أنيابه في نوائب عدة أفقدت العُملة قوتها، وأزهقت على بقايا قوت لأسرة ذاقت الأمرين لإسكات أجواف صغارها.
وجع آخر تجلت أعراضه في بنية تحتية صحية تُضخ ميزانيات ضخمة عليها، في وقت يجبر المريض على شد الرحال إلى خارج البلاد باحثا عن ” بنادول” لآلامه، في ظل تقاعس وتهاون وفساد ضرب منظومتي الأمن الغذائي والصحي في مقتل.
وتبقى العملية السياسية – أساس ومُسببات كامل الأوجاع – لعبة في أيد أناس يتلذذون في بواطنهم بانسداد مجراها إلى أجل غير مسمى، بخلاف ما يتشدقون به من جميل الكَلِم عن وطن مكلوم وشعب ملغوم بكوارث من صنع أبنائه، يُمعنون الدوس على الأرواح دون أن تحن قلوبهم بمثقال ذرة عليها.
وبعد … إن جروح الأوجاع لن تندمل في أجساد ارتضت وإستأنست الركون إلى الرضوخ أمام ذئاب بشرية وجدت في تقطيع أوصال الوطن أربًا نشوة وشهوة، واستنزفت باسم الوطنية مياه خيراته، ولن تشفي غليلها منها إلا بآخر قطرة.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.