فن الكاريكاتير.. من برديات الحضارة الفرعونية إلى العالم

يعد فن الكاريكاتير من الفنون القديمة التي عرفها الإنسان منذ أمد بعيد، وبرز هذا الفن لدى المصريين القدماء والأشوريين واليونانيين، كما يرجع تاريخ أقدم رسم كاريكاتيرا إلى عام 1250 ق م، وذلك عند وجوده في مقابر وادي الملوك بمصر القديمة، ومن هنا انطلق هذا الفن للعالم حيث تعد بداية انتشاره في وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية في الثلث الأول من القرن ال 19، ويعتمد فن الكاريكاتير على رسوم تبالغ في تحريف الملامح الطبيعية.

وتلامس الصورة الكاريكاتيرية رسالة من الفنان إلى المتلقي من خلال سياق مشترك قائم على بنية الواقع الذي يعيشونه معا، ومن هذا المنطلق فإن الفكرة الكاريكاتيرية قسمت إلى أنواع منها الكاريكاتير الاجتماعي، والكاريكاتير الرياضي والكاريكاتير السياسي وهو أشهرها.

جزء من بردية يرجع تاريخها إلى عام 1150 ق.م

(يرى فيها قطة ترعى سرباً من الإوز وثعلب يعنى بقطيع من الماعز)

ونجد في الحضارة المصرية القديمة حرص المصري القديم على تسجيل رسوماته النقدية على قطع الفخار والأحجار الصلبة وتشمل رسوما لحيوانات مختلفة أبرزت بشكل ساخر قام برسمها العاملون في تشييد المقابر بوادي الملوك بدير المدينة في عصور الرعامسة.

كان لفن الكاريكاتير عند الفراعنة هدف ومضمون فلم يكن لمجرد اللهو أو التسلية بل إنه يعمل على السخرية من نظام اجتماعي منحرف رغبته في إصلاح أو تفادي عيوبه وتقويم اعوجاجه، وهذا ما أكدته الباحثة في الآثار المصرية القديمة ردانا باهر في تقرير نشرته صحيفة أخبار اليوم المصرية وتابعته المنصة، أن المصريين كانوا بلا شك أولا من فطنا إلى ذلك النوع من الفن التمثيلي الهزلي بدليل ما تركه من أمثلة رائعة على آثارهم الباقية فعلى أحد جدران المقابر صور الفنان شكلا يمثل وليمة ظهرت فيها إحدى السيدات وقد أفرطت في تعاطي الشراب فجلست على الأرض وقاءت ما شربته.

جزء من بردية من دير المدينة ترجع إلى عصر الرعامسة

(يرى أسد يلعب الشطرنج مع حمار)

وفي أحد النقوش صور الفراعنة صراع بين القطط والجرذان يدور ملك الغيران في عربته الحربية ويشد بزمام كلبتين تجرانها وهو يسدد بالسهام ويحوطه جيش من الغيران وقد استعد الهجوم على حصن تسهر على حمايته والدفاع عن مجموعة من  القطط ومن الرسوم الفكاهية الطريقة أيضا رسم كروكي هزلي علي قطعة برديه نشاهد مجموعة من  القطط ساهرة على خدمه فأرة جالسة على مقعد وتمسك كأس بيديها.

وكان الرسام الفرعوني يظهر عيوب المجتمع أملا في إصلاحها فمثلا صور فرس النهر وقد عرش فوق جميزة بينما اضطر النسر إلى الصور إليها بسلم والتخيل هنا إلى أي كان نظاما يسود في دولة يرعى الثعلب فيها الماعز أو تقود الذئاب الإوز، وعلينا أن ندرك أن روح المرح والفكاهة التي اشتهر بها المصريون لم تكن موجودة اليوم فقط بل إنها صفة تورثها المصريين عبر الأجيال من أجدادهم الفراعنة.

وبهذا نقلت الحضارة الفرعونية فن الكاريكاتير للتعبير عن احتياجات ومطالب الواقع الشعوب أمام الحكام، وهو الصورة التي تنادى بتصحيح أوضاع تعانى منها الشعوب والمطالبة بكل ما يصون الكيان الاجتماعي من مشاريع وهذا هو الدور الأساسي للكاريكاتير إلى جانب أدواره في التسلية والمرح والفكاهة.