1923 م _ 2000م
(أن أكتب تـاريخ ليبيـا مفصلاً ومسلسل الحلقات .. هذه أمنيتي الغـالية في الحياة ) محمد بازامه
تجميع وإعداد : عفاف عبدالمحسن
هكذا يؤرِخُ لحياة المؤرخ من عاصروه وواكبوه وعرفوه عن قرب ومن قرأوا له وجايلوه .. حين فقدوه في الثاني من شهر مايو للعام 2000م _ لم يتوانوا أن لملموا شتات قلوبهم الباكية عليه والتقوا في أمسية أدبية علمية تاريخية بيوغرافية لم تحتوي جسده هذه المرة كما تعود مثقفوا بنغازي بل ليبيا برمتها من أدباء وإعلاميين ومؤرخين أكاديميين وباحثين في التاريخ القديم والحديث .. فكانت هذه المرثية التي سردت جزء من حياته وعلومه وبحثه ودأبه على العطاء دون الأخذ للشاعر الراحل حسن السوسي .. وقد ربطت بينهما صداقة وأخوية متينة العرى منذ الصغر لم تنفصم إلا برحل بازامة وصعد المنبر السوسي كبير القيمة بين الجميع وقد اغرورقت عيناه بالدموع وتحشر صوته الهادئ وهو يقول في صديق عمره الراحل :
حياتك كلها تعب وكد وعمرك كله سعى وجدّ
تراوح بين تدوين ودرس يميرك منهما جزر ومد
فللتعليم من مغداك بند وللتدوين من مأتاك بند
فما ألقيت رحلك مستريحاً وكيف يريح من يحده مجد
عصامي فما للناس فضل عليك وان فضلك لا يعد
فلم يفخر عليك بما تأتي من استعلى به حظ وجد
وأنت ومن برتبته تباهي على مضماره ند .. وند
وأفذاذ الرجال وهم قليل بهم لبلادهم فخر وسعد
سلكت سبيل (هيرودوت) تجلو وقائع لطلمسها للحق وأود
لــوجه الحق يكتب إلا فلـــــيس يهمه ذم وحمد
ومن قصد الصواب وتاه عنه فقد يكبو الجواد وقد يند
وللتاريخ ألسنة طوال تحقيق بمن على الحرمات يعدو
ولد المؤرخ “محمد مصطفى بازامة” في سنة 1923م، بمدينة بنغازي ، تزوج سيدة فاضلة من مدينة جالو في العام 1944م أنجبت له ولدين وابنتين ، وهكذا اقتضت ظروفه العملية أن يعيش متنقلا بين مدن ليبياه التي تمنى أن يكتبها عمقا ومعنى وأصلا وأصالة .. فمن مسقط رأسه بنغازي إلى جالوا ومنها إلى طرابلس ليعود من جديد للعمل في اجدابيا ويستميله الشرق حيث كان ولكنه هذه المرهة يتجه إلى البيضاء وهكذا حتى استقر به المقام في مدينة بنغازي مسقط رأسه وكان هذا في 1952م في البركة بجوار مبنى البريد القديم هناك كان منزله والعائلة الذي شهد أهم كتاباته التاريخية مضمننا الكتب العديدة أهم أفكاره المستولدة هناك ولكنها لم تكن مكمنه الأول وأسرته الصغيرة إذ ردهة من الزمن استهوته منطقة القوارشه وعاش فيها ليعود إلى طرابلس عام 1963 م ظل هناك في حالة دأب عملي كما لم يترك التأرخة لكل مدينة في بلاده قديما وحديثا ولم يطب له المقام إلا في بنغازي ليعود إليها بعد ثلاث سنوات أي في حوالي العام 1969 م ولذات المكان البركة وتقول معلومات السكان الأصليين أن بازامه كان بيته مطلا على مقر الهيئة الرياضية مايعرف اليوم مقر نادي النصر الرياضي حيث اختلفت معالم المنطقة بين الأزمان .. لكن مخطوطاته التي تحولت لكتب مهمة تاريخية خطها هناك عادا عظيم الأبحاث والكثير من المقالات التي نشرت له وكما كتب عليه الزمان الانتقال من مدينة لأخرى .. وهو في بنغازي من القوارشة بداية للبركة ثانيا وثالثا إلى السلماني الشرقي في العام 1981 م وهناك بالفعل استقر وأسرته في بيت العمر كما نقول في بلادنا ليبيا …..
(( انتقاء للتعرف أكثر لمن لم يقرأه .. من بحثه في مؤتمر ليبيا في التاريخ .. كتب بازامة )) :
إذا كان لليبيين تاريخ حافل قديم وتأثير حضاري روته وسجلته لنا نصوص ورسوم ونقوش مصر الفرعونية ، وإذا كانت لليبيين حضارة عريقة ساهمت في تقدم حضارات وادي النيل منذ عصور ما قبل الاسرات *، وكانت في بعض الأحيان أصلا أولا لها ، وهذه الحضارة سابقة زمناً لحضارة اليونان في البلاد بعدة قرون بل بآلاف السنين، فلماذا لا تكون لليبيين آثار ليبية في ليبيا بذاتها؟ ولماذا لا يكون لهم تراث حضاري من أي نوع قابل للكشف عنه داخل ليبيا ذاتها؟ في الشرق أو في الشمال كما هي لهم في أقصى الجنوب؟ ولماذا تبهرنا آثار الحضارة الكلاسيكية من يونانية ورومانية، فنتوقف بعمليات التنقيب والحفر عند هذه الآثار وحدها، تاركين ما كان لليبيين قبلها من تراث ذاتي؟ هل فقدنا الآمل في العثور على شيء من حضارة الليبيين قبل العهد اليوناني في ليبيا ذاتها بعد أن بحثنا ولم نوفق، أم هو إهمال غير مقصود منا، فرضته علينا ظروف مادية وفنية، إنها دعوة ارفعها إلى هذا المؤتمر التاريخي حتى نسد فترة الفراغ الواسعة فيما بين العصور الحجرية، والقرن السابع قبل الميلاد.
محمد مصطفى بازامه اجتهد في تثقيف الذات والنهل من كل المصادر التي وقعت تحت يده رغم كونه درس أكاديميا إبان ووفق نظام تعليمي كانت تحكمه نظرة استعمارية فترة الاحتلال الإيطالي لليبيا وقد التحق بالدراسة ووفق فيها كما أجاد اللغتين الإيطالية والإنجليزية ، هذا ما أهله ليكون معلما بعد تخرجه 1944م وتنقل عبر مدارس مدن عديدة عاش فيها فكان مدرسا بمدرسة بنغازي واجدابيا ثم في جالو، وترقى وظيفيا ليستلم إدارات بعض المدارس الابتدائية كما مدرسة القوارشة في ضواحي بنغازي .. ومدرسة ابتدائية في مدينة البيضاء .. وأخرى حين عاش سنة وأكثر في اجدابيا عمل مدرسا فيها ثم مديرا لمدرسة اجدابيا الابتدائية .. ولأنه ممن لايكلون عن الاستزادة والتطوير الذاتي في العام 1962 م كان ضمن عدد من موظفي التعليم في الدول العربية أقيمت لهم دورة في التخطيط التربوي أقامها المركز الإقليمي لتدريب كبار موظفي التعليم في الدول العربية وكانت في بيروت ليعود بعدها مؤهلا لعديد من الوظائف المهمة في مجال التربية والتعليم .. فمنذ العام 1962 وحتى العام 1968 م كان بازاما .. مدير التعليم بالجبل الأخضر، ومدير عام إدارة الثقافة وشؤون البعثات ، ليتولى في العام السابع بعد جولته الوظيفية المهمة مدير إدارة التخطيط التربوي .
نتوقف لننقب في أفكاره التاريخية النيرة وكيف كان يصيغها .. مع جزء في كتابه (ليبيا هذا الاسم في جذوره التاريخية ):
الإنسان بماضيه وماضي الإنسان في تاريخ أرضه ووطنه وقومه، وإحياء الماضي سنة في الأمم قديمها وحديثها على السواء والقيام بذلك واجب على بعض بنيها ممن شغفوا بالتاريخ دراسة وبحثا وتخصصوا فيه إجازة وعلماً .
كتب بازاما العديد من المقالات وأعد أبحاثا تاريخية على درجة من الأهمية حتى سطر اسمه بين أول وأهم المؤرخين الليبيين إبان حقب مختلفة مر بها السكان والبلاد .. وتشهد عناوين المقالات والبحوث أن الرجل أفنى عمرا في صياغة وطن عبر النبش الدقيق في تفاصيله وجزئياته والربط بين القديم الضارب في القدم والحديث والمعاصر ليثبت بدراساته البحثية أيضا كم ساهمت بلاده في الرفع والتعريف من وبحضارات أخرى هي على الأغلب ذاع صيتها لأنها وجدت من يروج لها من أبنائها بينما ظلت ليبيا تاريخا وحضارة وكأنها من المسكوت عنه عنوة لتثرى أخريات وتنهض .. من بين هذه البحوث والمقالات المهمة :
1- تأثير الليبيين في الحضارتين المصرية واليونانية وتأثرهم بها.
2- نقد كتاب برقة الدولة العربية الثامنة.
3-رفيق وفلسفة الجمال.
4- الختان والحفاض لدى بعض الشعوب في الإسلام.
5 -المسيحية في ليبيا.
6- ليبيا بحث حول هذه الكلمة.
7- أسطورة النزوح الإغريقي.
8- الحلف المرابط.
9- البنت لاكترث (دراسة تاريخية تأصيلية).
10- تجربة تعليم الكبار في برقة.
11- مشكلة الرسوب في الامتحانات وأبعادها الفردية والاجتماعية والاقتصادية.
نشر بحوثه ودراساته ومقالاته في هذا الجانب، وجوانب أخرى في التربية والاجتماع في صحف (برقة الجديدة، العمل، الحقيقة، الكفاح) ، ومجلات (ليبيا، صوت المربي، النور، الثقافة العربية، الفصول الأربعة …. ) وغيرها من الصحف والمجلات العربية التي لم يردنا ذكر لعناوينها أثناء البحث عن سيرته العطرة وأغلب الظن أنها مما كان ينشر في بيروت ومصر .. حيث عمل في مجال الطباعة والنشر فترة لا بأس بها من الزمن وتكونت لديه الخبرة المؤسستية بعد أن تسلم صحيفة العمل في بنغازي عام 1972 كمدير للتحرير في قفزة حياتية مختلفة من حيث المجال العملي .. أسس محمد مصطفى بازامه (( مؤسسة ناصر للثقافة _ ببيروت )) كما أسس دار إلماس بكالياري _ ودار الحوار والثقافة بقبرص )) وكان له العديد من الكتب التاريخية المؤثرة التي نوصي ونحن نبحث عبر منصتنا عن سيرة المؤرخ الكبير المهم أن تدرس عبر المناهج التعليمية لدقة ماورد فيها ورغم عدد كبير من المطبوعات الصادرة للمؤرخ بازامة ترك قبل رحيله مجموعة مماثلة في العدد والأهمية من المخطوطات لم يتسن له إذ لم يمهله العمر لطباعتها وإصدارها آملين أن يتبنى ورثته ذلك للاستفادة منها .. أجمع لحضرات القراء هنا عددا من هذه النشرت وتلك المخطوطة :
1- القضية الليبية (3 أجزاء).
2- سكان ليبيا في التاريخ (الجزء الثاني والثالث).
3- ليبيا وعودة الأتراك.
4- الكراغلة بناة العهد القرمانلي ومقوضوه (الجزء الاول البناء).
5- حسونة الدغيس.
6- رفيق أكثر من شاعر.
7- تاريخ جمعية عمر المختار (الجزء الأول 4- – 1949).
8- عمر المختار ليث العرين.
9- صفحات من تاريخ فزان (أسرة أولاد العم).
10- ليبيا معالم وتراجم.
11- مجتمع يتغير (ملامح وصور من حياة الأجداد).
_ هو القائل في أحد مقالاته المهمة : إن تاريخ هذا البلد لم يكتبه بعد بنوه، ولكنهم مطالبون بان يفعلوا هذا، ليصححوا حوادثه وتفسير أحداثه، وهذا في اعتقادي دين في عنق كل دارس للتاريخ باحث فيه حتى تستكمل حلقاته وتشرق صوره وتتجلى بطولاته وتضحيات المخلصين من بنيه وهم كثيرون وفي كل جيل.
هذا هو بازامة الذي اهتم بالكتابة في مجالات التاريخ الليبي منذ أوائل خمسينات القرن العشرين، وأصدر مجموعة من المؤلفات المميزة في جوانب التاريخ الليبي ومصادره وترك بعض المخطوطات للنشر، وساهم بالمشاركة الجادة في المؤتمرات والندوات العلمية والتاريخية والأدبية، كمؤتمر وزارة التعليم والتخطيط في البلاد العربية سنة 1966م _ مؤتمر ليبيا في التاريخ سنة 1968م _ مؤتمر الأدباء والكتاب الليبيين سنة 1968م _ مؤتمر أدباء وكتاب المغرب العربي سنة 1969م _ مهرجان رفيق بكلية الآداب سنة 1971م _ مؤتمر الأدباء والكتاب الليبيين الثاني سنة 1973م، وغيرها من المؤتمرات والندوات .. ليس هذا فحسب بل التحق بجمعية الرفيقيات كعضو ومهتم والتي أصدرت ديوان الشاعر (أحمد رفيق المهدوي) ، وكان أيضا عضو اللجنة العليا لرعاية الفنون و الآداب ، وعضوا بالمجلس الأعلى للآثار، وترأس لفترة اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة ، ومن ضمن الأعضاء المؤسسين لمجمع اللغة العربية بليبيا إلى تاريخ وفاته ، متحصلا خلال رحلة حياته على عديد التكريمات التي شرفيا ولأهميتها المعنوية ترقى لمستوى ماقدمه واحتراما لتاريخه الطويل فتحصل على شهادة تقدير في عيد العلم الأول سنة 1970م ، كما كرمه رئيس الجمهورية الإيطالية عن أحد مؤلفاته وألبسه مدالية تشير لهذا التكريم الدولي .. ولم يترك الوطن ومواطنيه دون إرث ثقافي تاريخي أدبي على درجة عالية من الدسامة والتمعن وبه كان محط اهتمام واحترام الجميع داخل وخارج الوطن ليبيا التي بقدر حبه لها أحبته وكرمته وأرخت لحياته إذ ترك لنا من الكتب المنشورة مايمهد لباحثين ومؤرخين أرضية خصبة للمزيد من البحث في روح وعمق حضارات سادت وبادت وأخرى تأتي تباعا وهذه العناوين للراغبين الاستزادة هي :
1- بداية المأساه، أو التمهيد السياسي للاحتلال الايطالي. 1961
2- العدوان، أو الحرب بين ايطاليا وتركيا في ليبيا. 1965
3- ليبيا هذا الاسم في جذوره التاريخية. 1965
4- الثورة الثقافية العربية. 1973
5- الدبلوماسية الليبية في القرن الثامن عشر. 1973
6- قورينا وبرقه : نشأة المدينتين في التاريخ. 1973
7- بنغازي متصر فيك، تاريخ برقة (3 أجزاء). 1994
8- واحات الجنوب البرقي بين الأسطورة والتاريخ. 1994
9- المدينة الباسلة. 1994
10- مدينة طرابلس وأسماؤها في التاريخ. 1983
11- ليبيا في عشرين سنة من حكم الأسبان. 1965
12- تاريخ ليبيا في عهد الخلفاء الراشدين. 1965
13- وثائق عن نهاية العهد القرمانلي (تعريف وتحقيق). 1965
14- بنغازي عبر التاريخ. 1968
15- تاريخ مالطة في العهد الإسلامي. 1971
16- ليبيا في عصور ما قبل التاريخ. 1973
17- تاريخ جزيرة كريت في العهد الإسلامي . 1984
18- ARABI E SARDI NEL MEDIOEVO. 1988
19- UN, IPOTES SUL DECLINO DI UHA RICCA EGRNDE SARDENIA. 1989
20- سكان ليبيا في التاريخ (الجزء الأول عصور ما قبل الإسلام). 1994
21- اثر الدين والقومية في تاريخ الأمة الإسلامية. 1994
_ أسوق لحضراتكم في نهاية التأرخة البسيطة عن تاريخ لرجل عظيم بعلمه وعمله وتعبه وكفاحه من أجل وطنه .. جزئية صغيرة من كتابه (ليبيا هذا الاسم في جذوره التاريخية) يقول فيها : إن تاريخ هذا البلد لم يكتبه بعد بنوه، ولكنهم مطالبون بان يفعلوا هذا، ليصححوا حوادثه وتفسير أحداثه، وهذا في اعتقادي دين في عنق كل دارس للتاريخ باحث فيه حتى تستكمل حلقاته وتشرق صوره وتتجلى بطولاته وتضحيات المخلصين من بنيه وهم كثيرون وفي كل جيل .
أخيرا وعبر سرد مبسط لحياة مؤرخ كبير أستشف يا أصدقائي القراء أن بعض الناس قدرهم الترحال وبالنسبة للمؤرخ الليبي محمد مصطفى بازاما منذ صغره أتاح له الترحال فرصة للتعرف على تاريخ بلاده وفكره المستنير أتاح له فرصة تدوين ماشاهد وعرف وتعلم وسبر غوره من تفاصيل التفاصيل في عميق عميق ماضي وحاضر وربما استشراف مستقبل بلاده ليبيا .. ولم يثنه العمر ولا الترقيات الوظيفية ولا المؤسسات الناشرة المطبعية العديدة عبر أوطان مختلفة عن عزمه السفر والتنقل المعرفي والحياتي إذ نعرف أنه سافر في العام 1982م خارج الوطن ، متنقلا بين : إيطاليا ، لبنان ، قبرص ، ومالطا ، مشتغلا ومقدما بلده كأفخم مايكون السفير المتعلم الأديب المؤرخ وواجهة مشرفة للوطن الذي حط رحاله عنده أخيرا عام 1996م في بنغازي وفيها توفي مساء خميسيا بتاريخ 23/3/2000م، وربما كما يليق به أو كانت الأمسية بسيطة الشكل كبيرة المعنى في قلوب كل من حضروها ونظموا لها .. علمنا من مصادر البحث أن .. أقيمت للراحل بازامة في بنغازي أمسية تكريمية من قبل رابطة الأدباء وفي شهر ديسمبر 2002م بعد رحيله بعامين ، كما عقد مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية بمقره في طرابلس ندوة علمية عنه استمرت لثلاثة أيام ، بمشاركة مجموعة من الأساتذة والمهتمين وطلبة الدراسات العليا وأصدقاء المؤرخ ، كما منح درع مهرجان التحدي الثقافي من اللجنة الشعبية للإعلام والثقافة بشعبية بنغازي سنة 2003م ، وفي شهر مارس 2008، بالتحديد في الذكرة الثامنة لوفاته في يوم 24 أقامت نقابة أعضاء هيئة التدريس الجامعي بجامعة قار يونس أمسية علمية وفاءً وعرفاناً منها لجهود المؤرخ والمربي والباحث “محمد مصطفى بازامة” والذي أعطى الوطن واسهم في تدوين تاريخه والعناية به وليظل بازامة على الدوام في ذاكرة الوطن وأبنائه .. في مدينة طرابلس عاصمة الوطن الغالي كانت مبادرة كبيرة ومهمة أن سمي أحد الشوارع باسمه محمد مصطفى بازامة ابن الوطن ليبيا .. تخليداً لهذا الاسم الذي أعطى الكثير .
ويظل “محمد مصطفى بازامة” ابن هذا الوطن .. ليبيا، الذي عشقه وأحبه، فكان واحداً من مؤرخيه المعاصرين، وصاحب وعي مبكر بأهمية البحث في تفاصيل التاريخ والاتجاه المستمر في العناية به والإخلاص له، قيل عنه : تميز بازامة تجربته العصامية التي اعتمدت التكوين الذاتي والتثقيف الشخصي في ظروف صعبة مرت بالوطن أثناء الاحتلال الايطالي وبعده، ونذر حياته وجهده لكتابة التاريخ الليبي، بالقدر الذي استطاعه، وفقاً لتلك الظروف، واهتم بمراحله القديمة والحديثة والمعاصرة، وقدم للمكتبة التاريخية عصارة تلك الجهود الدؤوبة ممثلة في العديد من المؤلفات والكتابات المهمة التي صارت من المراجع الرئيسية التي يعتمد عليها كثير من الباحثين وطلاب العلم المهتمين بشؤون التاريخ الليبي وشجونه المختلفة، وتنوعت اهتمامات “بازامة” بموضوعات الكتابة التاريخية وتميز عن غيره من أبناء جيله من المؤرخين الليبيين بتلك الاهتمامات المتعددة، فتناول جوانب تاريخية متنوعة، واهتم ببعض البلدان ذات الصلة بليبيا مثل مالطا، وكريت، وسردينيا، وكتب في جوانب أخرى اجتماعية وأدبية وتراجم أيضا .. أترك القارئ مع مقتطف من كتاب بازامه ( بنغازي عبر التاريخ ) :
إن معالجة التاريخ أمر صعب وان كان لا يدرك صعوبات الكتابة فيه إلا من تجابهه هذه الصعاب وتتحداه، ولولا الإحساس بقوة الصلة بين الإنسان وماضيه لما اهتم بالبحث في زوايا التاريخ باحث، ولكن الماضي بسحره وتأثيره القوي يشد المؤرخ إليه به فيدفعه دفعاً إلى البحث فالكتابة، فلا غرابة إذاً في أن أقدم لك اليوم أيها القارئ العربي تاريخ المدينة التي رأيت فيها النور واستنشقت فيها أول عبير للحياة فهي واحدة من مدننا الليبية التي يستحق كل منها أن يسجل لها ما قامت به من ادوار في التاريخ، ولعلها أول محاولة يبذلها ليبي – على الأقل في العصر الحديث –وأمل مخلصاً أن تتلوها محاولات مماثلة لكتابة تاريخ جم.
______________________
*مصر في عصر ما قبل الأسرات هي مصر في الفترة ما بين بدايات الاستيطان البشري في مصر وحتى بداية عهد الأسر حوالي عام 3100 قبل الميلاد مع حلول عهد مينا/نارمر وتوحيده البلاد المصرية.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.