منذ اليوم الأول لإعصار درنة، الذي اجتاح المدينة ودمر جزء منها وتسبب في سقوط ضحايا بالمئات ومفقودين بالآلاف، القيادة العامة للقوات المسلحة والحكومة الليبية تحركا بشكل سريع لمساعدة المدينة وأهلها.
وقال القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر في كلمة تلفزيونية بعد ساعات من وقوع الكارثة: إنها لحظات صعبة ومؤلمة مرت على المناطق والمدن والقرى الليبية في الجبل الأخضر التي تعرضت لهطول كميات غزيرة جدا من الأمطار، وصلت ذروتها إلى نسبة 400 مليمتر، هذا رقم لم يسجل عبر تاريخ ليبيا، صحبتها رياح عاتية، أدت إلى وفاة الآلاف من المواطنين وإصابة الآلاف منهم”.
وأضاف حفتر: “وما زال البحث جاريا عن المفقودين الذين جرفتهم السيول القوية، وما تبع ذلك من حدوث الفيضانات الهائلة، وانهيار عدد من السدود وسقوط الكثير من المباني والضرر الجسيم للمنشآت العامة والخاصة”.
وأكد حفتر: “وتتابع القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، عن قرب ولحظة بلحظة، عمليات الإنقاذ والإغاثة والبحث عن المفقودين، حيث تمكنت فرق البحث والإنقاذ من إخراج عدد من العالقين تحت الأنقاض في مناطق متفرقة تضررت جراء السيول والفيضانات”.
’’عدد المتضررين كبير جدا والأضرار كبيرة، يعجز المرء عن وصفها وحصرها’’
وأضاف قائد القوات المسلحة ” تم إصدار تعليماتنا الفورية بتسخير كافة الإمكانيات، وتوفير الدعم اللازم من المعدات الطبية العاجلة، وتسيير القوافل الطبية وتخصيص أماكن للإيواء لمن فقدوا منازلهم وبيوتهم، وذلك بالتعاون مع رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب ولجنة الطوارئ وكافة الأجهزة للتخفيف من آثار هذه الكارثة المؤلمة”.
وأردف حفتر: “وقمنا بتوجيه الحكومة لتشكيل لجنة متخصصة لتقييم الأضرار، وضرورة البدء الفوري في إعادة رصف الطرق المدمرة، وربطها بالطرق المعبدة لتسهيل حركة التنقل، وإعادة التيار الكهربائي، واتخاذ كافة التدابير اللازمة في هذا الخصوص”.
وأكد أنه “على جميع الأجهزة الليبية، خاصة مصرف ليبيا المركزي توفير التمويل المالي المطلوب والعاجل حتى تستطيع الجهات التنفيذية القيام بمهامها في المناطق التي لا تحتمل التأخير والتردد في دعمها بكل الإمكانيات”.
وقال حفتر: “عدد المتضررين كبير جدا والأضرار كبيرة، يعجز المرء عن وصفها وحصرها فكل المسؤولين الليبيين اليوم، وعلى اختلاف مسؤولياتهم ومسمياتهم، يقفون أمام هذه اللحظات الوطنية والتاريخية الحرجة، وكذلك أمام أبناء شعبنا الذي تعرضت مدنهم وقراهم للدمار، وشُردت مئات الآلاف من الأسر، وفاق عدد الضحايا 2000 حالة وفاة، والعدد في ازدياد من المصابين والمفقودين”.
وأضاف: “كما أننا اليوم مطالبون جميعا، أكثر من أي وقت مضى، بالتعاضد والتآزر والتكاتف في مواجهة آثار هذه الفيضانات والأعاصير”.
’’نحن الليبيين قادرين على امتصاص أعنف الصدمات والبقاء واقفين لنصنع معا حياتنا الكريمة ونعبد معا الطريق نحو مستقبل مزدهر’’
مؤتمر إعادة الإعمار
وفي كلمته خلال مؤتمر إعادة إعمار درنة، أكد أن هذا الإعصار كفيل بإظهار مدى الإصرار على مواجهة الكوارث الطبيعية مهما بلغ حجمها، مثمنا “دور القوى الوطنية العازمة على تغيير الضعف والسكون والتذمر واليأس لأعلى مستويات القوة والوطنية والأمل وتطوير نمط الحياة للمراتب العليا بما يتناسب مع طموحات الشعب الليبي”
ورأى المشير خليفة حفتر أن انعقاد “مؤتمر إعادة إعمار درنة رد مناسب على ما خلفة الإعصار من مواجع وآمال لنثبت أننا نحن الليبيين قادرين على امتصاص أعنف الصدمات والبقاء واقفين لنصنع معا حياتنا الكريمة ونعبد معا الطريق نحو مستقبل مزدهر ونثبت أنه إذا كان بمقدور ذلك الإعصار أن يخطف منا أخوة وأحبة لنا وأن يجرف المباني ويدمر الطرق فإنه لن يقدر أبدًا أن يقسم ظهورنا أو يشدنا للوراء أو ينتزع ما في نفوسنا من عزيمة قوية وإرادة لا تقهر وإصرار على عدم السقوط والمضي قدمًا في جميع مسارات البناء والتطوير”
وتابع قائلا “لا يفوتني أن أحيي الشعب العظيم على الصورة المشرفة حين هب من جميع المدن والقرى لتقديم يد العون والمآزرة للمناطق التي أصابها الإعصار، وأحيي الحكومة على مجهوداتها لتخفيف الأضرار وأحيي أبطالنا من القوات المسلحة وفرق الهلال الأحمر والأطقم الطبية والنيابة العامة وكل المتطوعين لإنقاذ العالقين ومعالجة المصابين وانتشال الجثامين الطاهرة من بين الأنقاض في ظروف قاسية القاسية، أحييهم حين كانوا يجازفون بأرواحهم لينقذوا إخوانهم ونترحم على من فقد حياته جراء تلك الفاجعة وأحسبه عند الله شهيدًا”
وأضاف كما “نقدم الإجلال والعرفان للدول الصديقة والشقيقة التي فتحت مخازنها وسخرت إمكانياتها ومدت جسور جوية وبرية وبحرية تعمل على مدار الساعة لتقدم لنا أقصى ما بوسعها من العون والمساعدة ونشكرهم على موقفهم التاريخي الشهم الذي يعكس مكانة وشعبها لدى تلك الدول وسيحفظ الليبيون في ذاكرتهم هذه المواقف جيلا بعد جيل”.
’’الشعب الليبي جدير بأن ينعم بأرقى أنماط الحياة المتطورة، وقد منّ الله عليه بخيرات لا تحصى وآن الأوان ليستثمرها للوصول لأعلى المراتب التي بلغتها البشرية’’
وقال المشير خليفة حفتر أيضا “لا يخفى عليكم حجم الدمار الذي لحق بالمناطق التي أصابها الإعصار وطبيعة المشاريع التي يجب تصميمها والإمكانيات الهائلة التي يتطلب تنفيذها ولست هنا لأخوض في وصفها أو التطرق لتفاصيلها لكن ما أود التأكيد عليه هو ضرورة أن تحقيق تلك المشاريع بدقة فائقة وجودة عالية الأهداف الاستراتيجية التي نطمح إليها والرؤية العصرية المتطورة التي ضحى المواطن الليبي من أجلها ليعيشها واقعا ملموسا لينتقل من بيئة التعاسة والمعاناة والشقاء لظروف جيدة لا تقل في مستواها عن أفضل ما حققه التطور البشري في مجالات التنمية المختلفة حتى يومنا هذا ولن نقبل بما هو دون ذلك”.
وأكد حفتر أن “الشعب الليبي جدير بأن ينعم بأرقى أنماط الحياة المتطورة، وقد منّ الله عليه بخيرات لا تحصى وآن الأوان ليستثمرها للوصول لأعلى المراتب التي بلغتها البشرية وعليه يجب أن تضعوا في حسبانكم ونصب أعينك هذه الطموحات والتطلعات السامية التي يسعى لها الشعب الليبي وأنتم تعقدون مؤتمركم هذا والذي نستبشر به وأن يكون البداية لمشاريع تنموية كبرى ليس في المناطق المتضررة فحسب بل تشمل كامل المدن والقرى في بلادنا العزيزة”
وأضاف “أود طمأنة أهلنا في المناطق المعنية بمشاريع الإعمار في هذه المرحلة بأن القيادة العامة من واقع مسؤولياتها وواجباتها الوطنية في هذه الظروف الاستثنائية الطارئة ستتابع عن قرب سير العمل في جميع مراحله لضمان دقة الإنجاز من حيث الجودة والالتزام بأعلى مستويات الأداء وفق المعايير العالمية الحديثة ونحث الحكومة على توسيع النطاق الجغرافي للمشاريع التنموية لأقصى مدى وأن تخلق منها فرص عمل للشباب الليبي لتطوير مهاراتهم المهنية والمعرفية والمشاركة في بناء وطنهم”
’’يجب طي صفحة الماضي بكل مآسيه ويتعين لم الشمل في درنة’’
زيارة درنة
وبعد الفيضانات لم يتردد حفتر في زيارة المدينة لمعاينة الأضرار التي لحقت بها ، ومن قلب المدينة المنكوبة، أكد القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر أنه يجب طي صفحة الماضي بكل مآسيه ويتعين لم الشمل في درنة التي تعرضت لكارثة فيضانات وسيول عارمة أودت بحياة الآلاف وسببت دمارا واسع النطاق.
وأضاف المشير حفتر خلال زيارة إلى درنة “عقدنا العزم على قطع دابر كل من تهاون أو قصر في أداء واجبه أو سولت له نفسه استغلال منصبه”.
وتابع قائلاً إن هذه المحنة تعتبر لحظة تاريخية للتضامن و”لن تغمض لنا عين حتى يحاكم هؤلاء القتلة والمجرمين وكل من شارك في هذه الجريمة”، وأوضح أن كارثة درنة تذكر الليبيين بالمليارات المنهوبة والزمرة السياسية الفاسدة.”
كلمات المشير خليفة حفتر عن مدينة درنة المنكوبة بالإعصار لم تكن وعودا أو حبرًا على ورق إنما أفعالا جسدها واقع يلمسه المواطن وتمثله المشاريع الجاري العمل عليها.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.