في مثل هذه الإيام من العام الماضي، شهدت منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط كارثة طبيعية غير مسبوقة، حيث تشكل إعصار دانيال في اليونان قبل أن يشق طريقه عبر البحر المتوسط متجهًا نحو الساحل الليبي، ليضرب في طريقه مدينة درنة وبعض المدن المجاورة بعاصفة مدمرة، جعلته أحد أشد الكوارث الطبيعية التي شهدتها ليبيا في العصر الحديث.
تشكّل الإعصار في اليونان
بداية الكارثة كانت عبارة عن منخفض جوي قوي في البحر الأبيض المتوسط، وتحديدًا فوق السواحل الشرقية لليونان، لكنه تطور سريعًا بسبب الظروف المناخية غير الاعتيادية، واشتد تدريجيًا ليصبح إعصارًا متوسطيًا نادرًا، مصحوبًا برياح عاتية وأمطار غزيرة.
بدأ الإعصار الذي أطلق عليه في البداية “دانيال” من اليونان وتسبب دانيال في فيضانات هائلة، خاصة في المناطق الساحلية، وأسفر عن تضرر في البنية التحتية والمنازل وعرض السكان إلى مخاطر كبيرة.
عبور البحر المتوسط
واصل الإعصار مسيرته عبر البحر المتوسط متجهًا جنوبًا نحو السواحل الليبية، ومع استمراره كانت قوته تتزايد شيئًا حيث أنه كان يمتص مزيدًا من الطاقة والرطوبة من البحر الدافئ، ليصل إلى ذروة قوته على شواطئ ليبيا وتحديدًا في درنة يوم 11 سبتمبر 2023.
درنة في عين العاصفة
وصل دانيال شواطئ ليبيا وضرب بشكل رئيسي مدينة درنة، بعد أن كان في ذروة قوته ليعرض هذه المدينة الساحلية لواحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخها الحديث، إذ تسببت الأمطار الغزيرة مع الرياح القوية تسببت في انهيار سدين رئيسيين يحميان المدينة من الفيضانات، الأمر الذي أدى لاندفاع كميات هائلة من المياه بسرعة كبيرة جرفت معها البشر والحجر وكانت النتيجة دمار أحياء كاملة وتغير ملامح المنطقة.
التأثيرات على مدينة درنة
مع انجراف الأحياء السكنية بتلك السرعة في وقت قصير تحوّلت المدينة إلى منطقة منكوبة في غضون ساعات، حيث دُمّرت المنازل، المباني، والبنية التحتية الأساسية بشكل كامل، وأدى الفيضان إلى فقدان مئات الأرواح، وبقي الكثيرين في عداد المفقودين، إضافة إلى الآثار النفسية التي تعرض لها الناجين، ناهيك عن تحول المدينة التي كانت مركزًا للحياة في المنطقة لساحة دمار وخراب وموتى في كل جانب، ومصاعب جمة تواجه فرق الإغاثة للوصول إلى الناجين وإزالة الأنقاض.
التضامن والإغاثة.. جهود محلية ودولية
بعد الكارثة، تحركت جهود الإغاثة المحلية والدولية بسرعة، حيث تم إرسال قوافل مساعدات من مختلف أنحاء ليبيا، كما قدمت منظمات دولية مثل الصليب الأحمر والهلال الأحمر المساعدات الطارئة، وتضمنت الإغاثة الغذاء، الأدوية، والخيام، بالإضافة إلى فرق متخصصة للبحث والإنقاذ.
كان التعاون بين الدول والمنظمات الإنسانية عاملًا حاسمًا في مواجهة تداعيات الكارثة، لكن حجم الدمار كان يفوق بكثير قدرات الاستجابة الفورية، مما جعل من الضروري التركيز على جهود إعادة البناء الطويلة الأمد.
الاستجابة للطوارئ
إعصار دانيال لم يكن مجرد كارثة طبيعية، بل كان أيضًا تذكيرًا بضرورة تعزيز قدرات الدول على الاستجابة للطوارئ، وتحسين البنية التحتية القادرة على مواجهة الأزمات المناخية، وفي حالة درنة، كان من الممكن أن تقلل الاستثمارات في تحسين السدود وبناء أنظمة إنذار مبكر من حجم الكارثة.
لم يعد إعصار دانيال بل إعصار درنة
من اليونان إلى ليبيا، عبر إعصار دانيال رحلته عبر البحر الأبيض المتوسط ليترك وراءه دمارًا كبيرًا في مدينة درنة، ليطلق عليه اسم “إعصار درنة” بعد أن وصل إلى ذروته فيها، وكشف وجه الطبيعة الغادر الذي يمكن أن يفاجئ الجميع بقوته.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.