د. على عبيد
بركة بن فرج ” بضم الباء” هو أحد أبناء عمومة جدي، ولد في نهاية القرن التاسع عشر وغادر الدنيا في نهاية الحقبة الإيطالية.
جدي بركة انسان بسيط للغاية، أغلب حياته عاشها في بني وليد يطارد لقمة العيش في وديانها الممتدة.
لم تسمح له ظروف الحياة بالاطلاع على العالم المعقد الذي يحتوي كل البشر، لهذا لا يدرك أن في هذا العالم أحد غير قومه والترك والنصارى…!
في حقبة دخول الطليان إلى ليبيا، ذهب بركة إلى سوق بني وليد فرأى لأول مرة في حياته شخصين إيطاليين يتبادلان الحديث باللغة الايطالية.
التفت إلى رفيقه قائلا في سخرية واستهزاء: “الله الله.. حتى هالرطانة شياخة”. شياخة كلمة مستعملة في ذلك الوقت تعني كلام أو لغة..
لا يمكننا اتهام جدي بركة بضيق الأفق، وعدم الوعي، والانعزال عن العالم، فظروف حياته فرضت عليه فرضًا هذا اللون من التفكير.
اليوم ومع وجود كل وسائل الاتصال واكتساب المعلومة، ومع توفر أدوات التحليل والاستقراء والاستنباط، وملايين الكتب والمراجع المتاحة بالمجان في الفضاء الافتراضي، يصر الكثير من الليبيين على سلوك نفس مسلك جدي بركة عندما يصادفون رأيا مختلفا لا يروق لهم، ولسان حالهم يقول: ” الله الله.. حتى هذا رأي”.
الاختلاف في الرأي ناتج عن اختلاف المنظور، وهو أمر طبيعي باعتبار أن البشر لا يمكن أن يكونوا في نفس الموقف ليكون لهم نفس المنظور.
عندما نتفهم الرأي الآخر تصبح الآراء مكملة لبعضها، وليس متناقضة، وقابلة للتناغم من أجل تحقيق هدف مفيد وسامي.
جمال الحياة وغناها ينتج عن التنوع وليس عن التطابق، ولنا أن ننظر إلى عوالم المخلوقات المختلفة، والبيئات المختلفة، والثقافات المختلفة لنفهم ذلك.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.