الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-10-16

6:20 مساءً

أهم اللأخبار

2024-10-16 6:20 مساءً

المأساة الإسمنتية … الإدارة والانتاج والتسويق والأسعار

المأساة الإسمنتية ... الإدارة والانتاج والتسويق والأسعار م. عبد السلام زبيدة

م. عبد السلام زبيدة

ربما تكون صناعة الإسمنت من أسهل الصناعات من ناحية المواد الخام والآلات على الأقل فهي عبارة عن الآلات تطحن وتحرق نوعًا معينًا من التربة وتعبئه في أكياس ..
هذا من الناحية النظرية ولكن المشكلة دائما وأبدا خاصة في بلادنا هي مشكلة تخطيط وإدارة وتسويق .
الأكيد والثابت أن الطاقات الإنتاجية لمصانع الاسمنت في ليبيا قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي ولكن الثابت والمؤكد أيضا أنها  لا تعمل إلا بحوالي ثلث طاقاتها الإنتاجية .
قد يكون من الغريب أن لا تعمل مصانع الاسمنت بكل طاقاتها الإنتاجية ،وعندها كل العوامل المُشجعة على ذلك، من مواد خام ومعدات وخبرات وسوق يستوعب كل الإنتاج وهذا يقود إلى التساؤل حول أسباب عدم تشغيل المصانع بطاقتها الإنتاجية القصوى.

في تقديري أن هناك مجموعة من الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع الشاذ المُخالف لكل الأسس الصناعية والتجارية ولعل من أهمها :


أولا : القصور بل والعجز في إدارة وتشغيل  مصانع الاسمنت بشكل اقتصادي وإداري سليم .


ثانيا :نشوء وترسخ أوضاع من” الفوضى المنظمة “في تسويق الإنتاج حيث تشكلت حلقات أو مجموعات سيطرت بشكل كامل على شراء وتوزيع الاسمنت تتكون من الفاسدين في إدارات المصانع والشركات التي تتبعها وسائقي سيارات الشحن وبعض الأثرياء وطالبي الثراء وقد التحقت بهم في السنوات الأخيرة بعض قادة المجموعات المسلحة فأصبحت هذه المجموعات تسيطر سيطرة كاملة ومُطلقة على كل كيس إسمنت تنتجه المصانع وتتحكم في أسعار  البيع للمستهلك وتحقق لأعضائها أرباحًا خيالية تفوق عوائد المصانع .
    هذه المجموعات يهمها بالدرجة الأولى الفارق بين سعر الاسمنت من المصنع وسعره في السوق السوداء التي يخلقونها ويديرونها ويسيطرون عليها ،ولذلك ليس من مصلحتهم زيادة الإنتاج ووصول المصانع إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص الفجوة بين السعر الرسمي والسعر في سوقهم السوداء.
   انهم وببساطة شديدة لا يريدون ولا يسمحون بموت الدجاجة التي تبيض لهم ذهبا .. السوق السوداء !!!

ثالثا : وقوف الدولة موقف المُتفرج غير المبالي بمأساة الإسمنت في ليبيا ومن مظاهر ذلك :
1 /  إهمال المتابعة الدقيقة والدائمة لمستويات الإنتاج ومراجعة عوامل التكلفة وعدم حث المصانع على زيادة الإنتاج وعدم معاقبة الإدارات التي تخفق في ذلك .
2 / اهمال متابعة نظام التسويق والتأكد من صحة وسلامة إجراءات البيع وعدالتها وشفافيتها .
3 /  إهمال متابعة وحل المختنقات والمشاكل الإدارية والمالية للمصانع وعدم الاكتراث بخطورة وتداعيات قيام بعض المصانع ببيع الإنتاج لبعض كبار الأثرياء بكميات ضخمة بحجة الحصول على تمويل لتشغيلها .
4 /  إهمال متابعة التوازن بين العرض والطلب وعدم التدخل لتوجيه المصانع والتجار إلى استيراد منظم  .
5/  الإهمال والتقصير في السيطرة على أسعار بيع الاسمنت في السوق السوداء وعدم اتخاذ إجراءات رادعة ضد المضاربين في الأسعار والمتحكمين في السوق السوداء .


 رابعاً : من الغريب والمؤسف أن تتخذ الدولة موقفا مُغايرا لواجباتها في حماية المستهلك وتحقيق التوازن العادل بين مصالح المنتجين ومصالح المستهلكين ، وقد تجلى ذلك في الاجتماع الذي عقده السيد رئيس حكومة الوحدة الوطنية مع السيد وزير الاقتصاد والتجارة والسادة مدراء شركات صناعة الاسمنت لبحث ارتفاع أسعار الاسمنت في السوق السوداء وما صدر عنه من رأي بأن هناك فجوة كبيرة بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء وأن الحل لذلك يكون بتقريب الفجوة بين السعرين أي بزيادة السعر الرسمي بدلًا من التوجيه بزيادة الإنتاج والعمل على استيراد كميات لغرض تخفيض الأسعار.
     هذا الاجتماع كان من نتيجته اصدار السيد وزير الاقتصاد قرار بزيادة أسعار الاسمنت الرسمية من 19 دينار إلى 39 دينار !!!!،ومع أن السيد رئيس مجلس الوزراء تدارك الأمر وطلب من السيد وزير الاقتصاد سحب قراره إلا أن هذا الاجتماع يؤكد أن معالجة أوضاع قطاع صناعة الاسمنت في ليبيا معالجة خاطئة في أهدافها وأساليبها ونتائجها لأنها تركز على معالجة النتائج لا معالجة الأسباب. 


اكتشاف المزيد من New Jetpack Site

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة