ازداد اهتمام أنور؛ بهذه القضية وتعلق فكره بها لأنها مصيرية بالنسبة له، وبعد حضوره حواراً علمياً بين ثلة من العلماء؛ المتخصصين في علم الوراثة وتطور البحث العلمي في الجينات؛ والحامض النووي DNA . قرر الاستفادة من هذا العلم ومحاولة توظيفه في حل هذه القضية . في مكتب المستشار الطبي ماهر بمبرة العصافرة يستمع للحديث في هذا الجانب . قال المستشار ماهر: لا شك أن الاكتشافات الطبية، والعلمية الجديدة بخصوص إثبات النسب قد لعبت دوراً قوياً جداً وحازت تقدماً مذهلاً، في اكتشاف هذه الوسائل التي تساعد على إثبات النسب ، والنسب يُعد من أقوى الدعائم، التي تقوم عليها الأسر، ويرتبط به أفراده برباط دائم من الصلة ، تقوم على أساس وحدة الدم والجزئية ، والبضعية: فالولد جزء من أبيه والوالد بعض من ولده، ورابطة النسب هي نسيج الأسر التي لا تنفصم عن النسب ، وقد أنطلق أنور من مسلمة محددة تقول: ” إن إثبات النسب للطفل ليس حقاً له وحده ، ولكنه حق للأب والأم كذلك ، وهو أيضاً حقٌ لله تبارك وتعالى . قال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ …} الأحزاب: الآية 5 والإثبات في للغة : من أثبت وليس من ثبت وهو على عدة معانٍ منها : إقامة الدليل على صحة الادعاء ، أو البرهنة على وجود واقعة معينة . والإثبات في الاصطلاح الفقهي : إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددتها الشريعة، على حق أو على واقعة معينة، تترتب عليها آثار شرعية . والنسب لغة : القرابة ، والنسبة بكسر النون وضمها مثل ورجل نسابة أي عالم بالأنساب والهاء للمبالغة في المدح ونسبت الرجل ذكرت نسبه .أما النسب اصطلاحاً وهو لا يبعد عن المعنى اللغوي للنسب وهو في الحقيقة يعبر عن المعنى الاصطلاحي الشرعي، ولذلك لم يهتم الفقهاء رحمهم الله كثيراً بوضع تعريف خاص للنسب ، ولعل ذلك بسبب وضوح معناه والمعنى الاصطلاحي : أن يكون الشخص معلوم الأب ،لا لقيطاً ، أو مولى إذ لانسب له معلوم .
و كان المصدر الوحيد للتعرف على الإنسان هو بصمة إصبع اليد حيث لا يتشابه إنسان مع إنسان آخر في هذه البصمة إطلاقاً أما إذا كان الإنسان ابنا لهذا الأب فمن الجائز أن يتشابه الابن مع أبيه في نسبة 16شكلا فقط من أشكال بصمة الأب ،ولكن مع التطور العلمي والتقدم التقني تم التنوع في مصادر البصمة الوراثية ومنها :أخذ عينة من خلايا الدم البيضاء؛ لأن كريات الدم البيضاء فقط هي التي يوجد بها الحامض النووي، ومنها كذلك أخذ عينة من الشعر، و عينة من المني، أو من نخاع العظم، أو من اللعاب، ويمكن أيضاً أن تكون هذه العينة من أي نسيج داخل الجسم، أومن أي سائل من سوائل الجسم يحتوي على نواة؛ وتقدر الكمية المطلوبة والتي تكفي لمعرفة البصمة الوراثية بقدر حجم الدبوس . ويوضح الطب الشرعي أن تحليلDNA يُجْرَى من خلال عينة دم، وأخذ خلايا الدم البيضاء من خلالها لأن كرات الدم البيضاء فقط هي التي يوجد فيها الحامض النووي، أو من خلال مسحة من الغشاء المبطن للخد من داخل الفم وتحليلها، إذ يمكن من خلال هذا التحليل أن يتأكد الإنسان من النسب أو عدمه، ومع التقدم العلمي الهائل والتطور التقني في وسائل التحليل ثم اكتشاف “الحامض النووي” الموجود في كريات الدم البيضاء؛ وهو الذي يحمل الصفات الوراثية ، ورغم أن كل إنسان يتميز بأن له تركيبة خاصة في هذه الأحماض بحيث لا يتشابه اثنان فيها ،ففي عملية المطابقة لهذا الحامض بالنسبة لهذا الجنين لا بد من المقارنة بالحامض النووي للرجل المشكوك في نسبة هذا الجنين له ،ونظراً لأن هذه العلمية دقيقة للغاية فإن المسألة تحتاج إلى تقنية عالية جدا حتى يثبت مشاركة نسبة من الحامض النووي للجنين بالحامض النووي لوالده ، وإذا ثبت ذلك فمن المؤكد علميا أن يكون هذا الجنين لأبيه . ويقول البحث الطبي أن هناك وسائل أخرى يمكن اتخاذها لإثبات النسب وهي مشاركة التشابه في لون البشرة أو لون العينين ، فهذه عوامل مساعدة في عملية الاختبارات لإثبات النسب بشرط ألا تعارض البصمة الوراثية DNA . وهنا يطرح السؤال المهم: ما الفائدة من إجراء هذه الفحوصات ، من قبل أنور ووالده متوفي؟؟ هناك مادة جينية تنتقل من الأمهات إلى الأبناء، من الأمهات فقط تسمى الميتوكندريا، على الرغم من وجودها عند الآباء في حالة أنور ستكون المقارنة بين جينات تلك المادة وجينات أمه المتوقعة وهي هنا سماح البحر .
للدكتور محمد محجوب
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من New Jetpack Site
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.