بيوغرافيـــا – جمعتها _ عفاف عبدالمحسن
ما تجرح غيرك بالسية ** خلي الناس تعيش هنية
عمل الخير بعشرة زيه ** والحسنة ما ليها مثيل
ما تنسى حق الولديــن ** والسنة وفروض الدين
راهو وقت الساعة تحين ** ما ينفع غير كل جميل
هو جلال محمد أبو القاسم عثمان ، من مواليد عام 1968 زيد في مدينة طرابلس ولكن الجميع عرفه من سكان الزاويه ، إذاعي قدم عديد البرامج عبر قنوات مرئية وإذاعات مسموعة ونظم وقدم الاحتفالات والمهرجانات وصحفي بارع بالميران والدراسة معا فقد تحصل في العام 1998 على بكالوريوس إعلام وواصل حتى تحصل على الماجستير في 2008 م وقبلهما تمكن في مجال الحاسب الآلي عبر دبلومة البرمجة التي نالها في العام 1991 م ويشهد لقلمه القاصي والداني حيث عمل بكفاءاته الأكاديمية أستاذاً للصحافة، والبرمجيات الالكترونية المرتبطة بالإعلام .. وعمله أستاذاً بكلية الآداب في الجامعات الليبية أهله لتقديم عدد من الدراسات المهمة في مجال الإعلام ، وكالصحافة الورقية برع أيضا في الصحافة الالكترونية .. خطوه وتعاملاته وبرامجه كلها دعوة للحياة .. وحينما اهتم بإصدار ديوان للشعر باللهجة الليبية أسماه ( حفلة موت ) !!!!!
أويكون الداعي للحياة داعيا لحفلات الموت ..
(زين المرا في الدين ** وف طاعة الولدين ** ف كلمة لما تقولها
تبري المجروحين ** وتفك حتى الدين)
جلال عثمان وهكذا عرف في الوسط الصحفي والأدبي .. مهتم بكتابة الشعر الغنائي ، أصدر ديوانه الأول باللهجة الليبية وأسماه ( حفلة موت) في العام 2008م ماجعلنا نعنون سيرته بمتناقضين ( الحياة الضاجة بالعمل والتعلم والتدريب والإبداع التي يعيشها .. وعنونته للديوان ( حفلة موت ) التي مات فيها الشعور بالجفاء وظهر لمتذوق الشعر المحكي أسمى المشاعر الإنسانية بجزالة تعبيراته وصوره وأخيلته بين السهل الممتنع .. لنعرف أن خلال مسيرته تحصل على جائزة الترتيب الثاني في مجال الشعر الغنائي ، ضمن فعاليات مهرجان الثقافة للعام 1992 _ ومن مشارب الإبداع أنه كتب القصة القصيرة وكان إصداره ” لماذا ذهبت إلى العراق ؟!! دليلا على حنكته السردية والحوارية والوصفية التي تجذب القارئ ، ومن لم يشاهد لعامين متتاليين المنوعة الرمضانية ” إيسارها ” 1999 إلى 2001 م التي كان بطلها الفنان حاتم الكور .. أما عثمان فقد كتب وأعد سيناريو المنوعة التي أعجب بها الشارع الليبي كثيرا .. كما تعامل بسيناريوهاته المتقنة مع عدد من الفنانين المعروفين كالفنان إسماعيل العجيلي.. وبين الفصيح في كتابة القصة القصيرة واللهجة في الغنائي شعرا وسيناريوهات لم تضع منه البوصلة الإنسانية إذ القارئ يدرك أن جلال غارق لانتشال الإنسانية من بؤرة الخوف أو التنازل أو المماطلة أو التخلف الاجتماعي فكانت مواضيعها بين خصوصية العلاقات الوجدانية التي تربطه بالحبيبة والأصدقاء وعمومية حب الوطن واحترام العقيدة السمحة .. في أحد المقالات القارئة لديوان ” حفلة موت ” قال الكاتب :
الصورة الشعرية عند الشاعر جلال عثمان في ديوانه (حفلة موت) حاضرة وواضحة المعالم والخصائص الفنية، ومليئة بالتعبيرات والصور البلاغية الرقيقة، كما أنها متضمنة معاني إنسانية وتربوية لا يمكن أن تغيب عن حياتنا أو ممارساتنا اليومية. بالإضافة إلى إن نصوص “حفلة موت” زاخرة بالتراث والتاريخ، وتتمثل فيها أسماء الأشخاص والأمكنة بكل دفء لتعمل جميعها للرفع من قيمة النص التعبيرية وليس لمجرد السكن بلا جدوى. إن الديوان يحمل الكثير من الشعر والمتعة والنصيحة والأحاسيس الجميلة، أما الشاعر الرقيق فهو كما وصفه شاعرنا القدير أحمد الحريري:
(أنت تشبه نجم سهيل // يهدى الغربا … عبر الليل // والغرابا … بعدك يرتاحوا // وأنت تسهر طول الليل)
أخيرا وأنا ألملم تفاصيل قصته الإبداعية المشوقة لنتركها هنا لأجيال ستقرأ أن عصرنا وزمننا وبلادنا حظوا بمبدعين لم تحرمهم منابع الإبداع من صقل مواهبهم وممارسة هواياتهم حتى أصبحوا فيها مدربين ومؤثرين يتتلمذ عنهم آخرون .. فهو مدرب معتمد في مجال السلامة الرقمية منذ العام 2015 .. كما أسس عددًا من المؤسسات ذات العلاقة بمجال التدريب والإعلام ، ومنها مؤسسة إعلام للتدريب والتنمية، والمؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية، التي يتولى مهام مدير مجلس إدارتها، والمنظمة الليبية لمناهضة العنف وخطاب الكراهية، وهو مسؤول التدريب بالمختبر الإعلامي لكلية الفنون والإعلام بجامعة طرابلس .. قد لا يربط القارئ العادي بين كل هذه الأعمال وروح هائمة للكاتب والشاعر في صاحب السيرة اليوم تعتمل بين جنباته تؤرق قلمه ليكتب الغنائي تارة والمحكي أخرى بقوة كتابته للتحقيق الصحفي أو إعداده للبرنامج الإذاعي مرئي أو مسموع أو إعداد محاضراته التعليمية لطلبته في الجامعة أو لمتدربيه هنا وهناك عبر المؤسسات الإعلامية وغيرها .. لنلمس فيه عذوبة شاعر يتأثر بالموقف الحياتي فيترجمه بل ويتوحد مع الكلمة الوجد والفرح والألم والأنين والنصح والكبر لعنفوان فحين سألته عن أقرب حكاياته المنسوجة قصيدة باللهجة بين دفتي غلاف حفلة موت أشار إلى (( شن تحكي )) التي يقول فيها :
شن تحكي ؟! أنتِ في أول الجملة
وأنا الساكن
لقانا يخرب المعنى
شن تحكي ؟!
أنت واحة تبي العذب ونا الآسن
قصيدة شعر واستعصت على النفري وديك الجن والعبسي
قصيدة تجاوزت لبحور والمنثور والشعبي
قصيدة ما يروضها ولا المحكي
وأنا مازلت تقليدي وعاروضي
أنتِ تبي اللي يقدح زناد الحرف
يفض بكارة الكلمة
ويهتكها سطاش الفراهيدي
شن تحكي
إنقول الطير لو يعشق الحورية
إيديروا العش ع الشجرة وإلا تحت لمية ؟؟
كلام بعيد يا بنية
لكن حق
مش حكي التخاريف
ولأني هاذي شخصيتي بلا تزييف
وهاذي لهجتي زاوي بلا تحريف
ما نفهمش في أليوت لا سيزيف
و إلا انقول أبصر كيف (1)
ولاني فارس لـ (ليلى) ولا جوليت
هذا حد هللي عرفت
وهذا حد هاللي قريت
أنا أوزاني المربع وبورجيلة
وما عنديش غير فاضل وبلقاسم وماجد خوت (2)
و لو نطلع من بحوري أكيد انموت شن تخرفي ؟!ه
حينما يكون الإنسان أكثر تنظيما في حياته سيكون قادرا على تحديد الأطر وتنسيقها وتنميقها فما بالكم بصاحب العين الثاقبة عين ثالثة كيف ترى المشهد أمامها فتنسق حوافه وتسبر غور كنه منتصفه المعبر عنه ثم تلتقطه ذاكرة وأرشفة وتاريخا كذا كان المبدع مترامي أطراف الموهبة التي تركت بصمتها في ذوقيات اختياراته الكتابية كما المشهدية وهو يمارس هواية التصوير الفوتوغرافي، متحصلا على جائزة الترتيب الأول في المهرجان العربي الأوروبي للتصوير بولاية هامبورغ الألمانية في العام 2005.
في الجانب الوظيفي، شغل السيد جلال عثمان مؤخرًا مهام مدير مكتب الإعلام بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، في الفترة من عام 2016 حتى 2020، ثم كلف مرة أخرى مديرًا لذات الإدارة في المجلس الرئاسي الجديد، من مارس 2021 حتى تاريخ تكليفه رئيسًا للهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي في يناير 2022.
جلال عثمان يمكن أن نقول إنه متأني في إصدار أعماله الأدبية وربما أخذته الصحافة والتدريس والتدريب إلى عوالمها فضيقت عليه التواقيت التي تمكنه من تنقيح أعماله لتكون بين يدي القراء إذ مسافة زمنية غير قصيرة بين إصداره الشعري اللهجوي والقصصي الفصيح بينهما أصدر كتبا علمية عملية مهمة للدارسين في مجال الإعلام خاصة الصحافة فكانت إصداراته :
_ ديوانه الأول / حفلة موت _ شعر باللهجة الليبية 2008 .
_ لماذا ذهبت إلى العراق _ مجموعة قصصية . عن مكتبة الكون 2024
عندي كتاب بعنوان “ليبيا والجزيرة نت” وهو أول دراسة عن موقع الجزيرة نت
_كتاب “دليل منهجية الرصد الإعلامي” تأليف مشترك
_دليل “حماية” لتجنب خطاب الكراهية والتضليل في وسائل الإعلام.
مع زميل آخر
_ تحت التجميع والتنقيح مجموعة من النصوص الغنائية.. وقصائد المحكية كمخطوط جاهز قريبا تحت الطبع
الآن خاتمة سيرة الوجد والتعب والكفاح والنجاح والتميز لرجل لم يركن للمريح من الأعمال بل امتهن مهنة المتاعب فكان ندا لها .. أترك القارئ لبيوغرافيا دعوة الحياة الضاجة بالعطاءات والعلم والحياة للإعلامي الأكاديمي الأديب جلال عثمان مع جزء من نص قصصي تخيرته من قصة روح القهوة ضمن مجموعته القصصية لماذا ذهبت إلى العراق :
واصلت قنينة الماء المغلقة بإحكام سيرها عبر وادي موسى . وبعد ستة أيام كانت قد وصلت إلى شواطئ سيراكوزا . من يسلك هذا الطريق لابد أن تقذفه الأمواج في النهاية هناك ولكن البحر كان آبقا . خلال أسبوع كامل لم يشهد عابروا المتوسط من مهربي البشر مثل هذا الأسبوع الدامي .. يعرفون أنها ظاهرة تصيبه كل خمسين عاما ولكنهم لا يعرفون تحديدا متى تأتي … الخمسون قد تنقص أو تزيد …………..
………………….. ……………….. ………………..
قنينة تسبح في البحر مشهد طالما رآه ماريو في مسلسلات الرسوم المتحركة ولكنه كان على يقين بأن مايحدث في مسلسلات الكرتون لا يمكن أن يكررها الواقع فمن الطرف الجنوبي للبحر لايأتي أبدا مايسر . راقب الطفل القنينة وهي تتراقص تحت آشعة الشمس ومباشرة ذهب نظره إلى مجموعة من الأوراق داخلها .
………………………. ……………….. ……………………
( قويدو دنيلو) باحث معروف في الديموغرافية كتب أكثر من 23 بحثا في هذا الشأن ولديه عضوية في 76 مؤسسة بحثية حول العالم . فتح القنينة المغلقة ببإحكام وسط إصرار طفله الأصغر فيما زوجته تسوق النكات …. كعادة أي إيطالية نصف ثملة تجاوزت الأربعين .. لم يكن في القنينة مارد كما كان يأمل ماريو .. ولا قسيمة يانصيب أو سيارة فيراري ولكنه كان بحثا باللغة الإنجليزية حول الهجرة غير القانونية لباحث ليبي اسمه يونس حسن السالمي ___________________ **
إشارات وردت في قصيدة شن تحكي أوضحها الشاعر عبر هامش صغير تقديرا وإنصافا لأعمال شاعري المحكية العالم والدنقلي فجاءت في الديوان :
1. أبصر كيف: ديوان الشاعر محمد الدنقلي
2. أنا والليل خوت: ديوان للشاعر سالم العالم