أزمات اقتصادية متكررة تعاني منها ليبيا منذ سنوات، تفاقمت مع نقص السيولة والفجوة بين السعر الرسمي للعملة والسعر في السوق الموازية، مما زاد من تكاليف المعيشة وأثر على استيراد السلع الأساسية، وكلها كانت نتاج الانقسامات السياسية التي تعيشها البلاد.
إصلاحات المركزي
وأمام هذا الوضع أطلق مصرف ليبيا المركزي مجموعة إصلاحات لتجاوز تداعيات الازمة الاقتصادية، وحل مشكلة شُح السيولة النقدية، وفق رؤية تتناغم فيها كافة السياسات الاقتصادية بهدف المحافظة على الاستقرار المالي والاستدامة المالية.
وتشمل الإصلاحات، السيولة واستقرار سعر الصرف وتنظيم سوق الصرف الأجنبي، والتوسع في خدمات الدفع الإلكتروني.
استبدال العملة القديمة بأخرى جديدة
أعلن مصرف ليبيا المركزي تعاقده على طباعة 30 مليار دينار لضخِّها في القطاع المصرفي واحلالها بدل العملة القديمة التي قال إنه سيتم سحبُها بشكل سلس وفق مخطط زمني تم إدراجَهُ مَسبقاً.
و جاء قرار تغيير العملة القديمة بأخرى جديدة لغرض حل مشكلة شُح السيولة النقدية، بشكل تدريجي وجذري ابتداء من شهر يناير 2025 ، حسب توجيهات محافظ المصرف لمدراء الإدارات المعنية بمصرف ليبيا المركزي، وفريق السيولة، والمدراء العامون للمصارف التي تُعاني من نقص السيولة لدى فروعها.
رفع سقف الدفع
ومن ضمن خطة المركزي لحلحلة أزمة شح السيولة ، الاتفاق على رفع اسقف الدفع الفوري على مستوى الافراد والتجار ليكون 20 الف دينار للحوالة الواحدة للأفراد، و 100 الف دينار لعملية الشراء الواحدة.
هذا بالإضافة الى إطلاق خدمة جديدة للتحويل بين الشركات بسقف مليون دينار للحوالة الواحدة.
القرض الحسن
سمح مصرف ليبيا المركزي للمصارف التجارية بمنح عملائها أسقفا لعمليات الشراء بناء على قوة مرتبات الأفراد، من خلال القرض الحسن. وذلك خلال اجتماع محافظ المصرف ناجي عيسى مع بعض أعضاء مجلس الإدارة ومديري الإدارات المعنية.
وقال المصرف إن هذه الخطوة تأتي في إطار تجنب تأخر صرف المرتبات للمواطنين نتيجة تأخر ورود أذونات الصرف بين الحين والأخر من وزارة المالية، كما يساهم في تسهيل المعاملات المالية اليومية.
وتم تحديد تلك الأسقف لاستخدامها في عمليات الدفع الإلكتروني عبر الخدمات المتاحة، على أن لا يتجاوز السقف الممنوح 60% من صافي المرتب بعد اقتطاع أي التزامات قائمة على العميل.
وحسب خبراء الاقتصاد فان منح القروض الحسنة على أساس المرتب يمكن أن يساعد في تخفيف الضغوط على السيولة النقدية في النظام المصرفي إذا تم استغلال القروض بشكل صحيح.
خدمات الدفع الإلكتروني
أكد مُحافظ مصرف ليبيا المركزي على ضرورة تحسين البُنى التحتية للمصارف وتطويرها بما يُحَقّق التَوَسُّع في خدمات الدفع الإلكتروني وفق خطة قصيرة ومتوسطة الأمد للدفع الالكتروني.
وتمثلت إستراتيجية مصرف ليبيا المركزي الجديدة حيال تطوير أنظمة وخدمات الدفع الالكتروني في نقل الموزع الوطني وما يتعلق بالبطاقات الذكية ورفع الأسقف وإعادة النظر في سعر العمولات على P.0.S، وذلك من خلال تحديد تكلفة الخدمة (سعر الآلة، عمولة الخدمات). وكذلك إعداد معايير وضوابط جديدة تنظم أعمال شركات الدفع الإلكتروني. فضلاً عن مُطالبة الشركات بخطة عمل واضحة لسنة 2025.
بالإضافة إلى إعادة النظر في كل المنشورات الصادرة عن إدارة الرقابة على المصارف والنقد والمُنظّمة للدفع الإلكتروني من قبل مصرف ليبيا المركزي. والتزام شركات الدفع الإلكتروني بتقديم تقارير شهرية إلى مصرف ليبيا المركزي تشمل: (عدد المشتركين، عدد معاملات الدفع الإلكتروني، شحن كروت الدفع الإلكتروني، تحويل الأموال، شحن المحفظة الرقمية، ودفع الفواتير)، بحسب منشور للمركزي على صفحته بفيسبوك.
ومن ضمن الإجراءات، مطالبة الشركات بتعزيز وتطوير أنظمة الرقابة الداخلية لمواجهة أية مخاطر فيما يتعلق بعمليات الدفع الإلكتروني بحيث تخضع لتقييم مصرف ليبيا المركزي. وأيضاً مُطالبة الشركات بتحسين جودة الخدمات والرفع من مستواها وفقاً لأفضل المعايير، وتنويع الخدمات وتطويرها.
وخلال اجتماع عقده محافظ المصرف ناجي عيسى شهر نوفمبر الماضي
في إطار دعم عمليات الدفع الإلكتروني وتذليل الصعوبات والتحديات التي تواجه تطوير هذه الخدمات، تم الاتفاق على نقل إدارة وتشغيل الموزع الوطني من شركة معاملات إلى مصرف ليبيا المركزي بالإضافة الي تطوير مشاريع الدفع الفوري (LY Pay) و ( One Pay) وذلك لتحسين جودة الخد مات الإلكترونية والرفع من مستواها وفقاً لأفصل المعايير الدولية.
النقد الأجنبي
لجأ البنك المركزي في الأشهر الأخيرة إلى تغيير ضريبة بيع النقد الأجنبي بشكل متكرر في محاولة لتحقيق استقرار في سعر الصرف وتخفيف الضغط على الاحتياطيات الأجنبية.
ويبقى المصرف المركزي، صمام أمان، الاقتصاد الليبي، وعليه الوقوف بجدية وراء الإجراءات المتخذة في السياسة النقدية لتحسين اقتصاد البلاد.