من الطب إلى اللغة العربية حددت وجهة علمية وعملية فكانت كما أرادت إشارة لبنات بنغازي
وتحرك الشوق الذي كابدته // وكتمته في غربتي كي لا يبين // وأذبت أميال المسافة هائما // وشردت بالأفكار يملؤها الحنين // وحدانى الحب المؤجج نحوها كي أرتمي في حضن زنقتى الحنون // وحثثت خطواتي إليها مسرعا حتى أرى ماأحدثته بها السنون // عدت أراكض نبض قلبي لهفة أهفو إلى لقياك هلاتعلمين ؟؟! // ماذا لقيت وا .. هول ماقد لفني صمت وحزن يالهول العائدين // ولقيت هاتيك المرابع بدلت تلك المتاجر والصوى والبائعين // فدلفت أبحث عن ملامح حلوة // مألوفة تطفي جوى القلب الحزين// فوجدت أطلالا بيوتا هدمت // ولبست سربالا من الدمع الهتون // وغرقت في لجج من الذكرى أبت إلا مدافعتي وإغراقي المبين .
عادت إلى ( زنقتها ) حيث ولدت وترعرعت بحب بين أناس بسيطة ودودة وما رأته حرك مشاعر حزن لحنين للماضي كانت دموعها تلك كلمات تتكون في داخلها قصيدة أسمتها رسالة إلى زنقة الكوافي وبعد ذلك ضمنتها ديوانها الأول ( دفقات قلب ) إنهاالشاعرة د . هنية علي يوسف الكاديكي ابنة بنغازي أحبتها حتى كتبت كثيرا من أشعارها عنها فهي ابنة زنقة الكوافي (اللاطمة ) المتفرعة من سوق الجريد فيها زيدت 27/ 12/ 1942 تأسست في الدين واللغة العربية منذ نعومة أظفارها على يد معلمتين فاضلتين أولاهما التي بدأت في تعليمها المعلمة السيدة “خديجة الجهمي” ولظروف عملية واجتماعية تركت التعليم لتتولى المهمة السيدة والمعلمة “أمل شنيب” وكم ذكرت فضلهما في كل حوار معها فاللبنة اللغوية الأولى تلقتها منهما فكيف تنسى ولا تفي ؟ تلقت الدراسة الإعدادية و الثانوية القسم العلمي في مدرسة الاميرة بجليانة بعد أن تلمست سني دراستها الابتدائية الأولى في مدرسة الراهبات .. غادرت بعد ذلك بنغازي مع والدها للدراسة في القاهرة فدرست بكلية الطب بجامعة عين شمس لمدة عامين ، ثم انتقلت للدراسة في قسم اللغة العربية بكلة الآداب جامعة عين شمس، حاى تحصلت على الليسانس، ثم الماجستير عام 1974م ، وتوجت مسيرتها العلمية بحصولها على درجة الدكتوراه من جامعة قاريونس عام 2001 ، لتصبح بذلك أول امرأة ليبية تحصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية .. إنها الإشارة بالنجاحات التي تلت لكل بنات بنغازي الذين انتهجوا سبيل العلم وناضلن ليكن في الواجهة العملية والعلمية .

الكاديكي عقب انتهائها من دراسة الماجستير، بدأت العمل في التدريس الجامعي ، بقسم اللغة العربية بكلية الاداب بجامعة قاريونس ، فكانت أول معيدة بالقسم، حتى تولت رئاسته لمدة خمس سنوات 1993 – 1997 كأول إمرأة تتولى رئاسة القسم كما لم تتخصص فقط هنية الكاديكي في اللغة العربية عمليا بل تخصصت أيضا في الأدب العربي والإسلامي .
إضافة للأعمال البحثية في مجال اللغة والأدب العربي، والمشاركة في الملتقيات والندوات والمؤتمرات العلمية. نشرت الراحلة نتاجها الأدبي بعدد من الصحف والمجلات المحلية وبعدد من الدوريات العلمية الجامعية ..عرفت بقصائدها التي تغنت فيها بمدينتها .. بنغازي .
إلى جانب التدريس الجامعي ساهمت في بناء جيل جديد من المتخصصين في مجال اللغة العربية ، ولم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت مناشطها إلى المجالات الثقافية والأدبية ، كانت ناشطة في مجالات الأدب والثقافة والفنون ، حيث كانت عضواً باللجنة الإدارية في «مركز تنمية الإبداع الثقافي» ، وعضواً في «مجمع اللغة العربية بطرابلس»، وعضواً في «جمعية أصدقاء اللغة العربية».
خلال عام 1954 _ 1955 م حيث كانت طالبة ماتزال شاركت مع القامة الكبيرة الإعلامية حميدة بن عامر في إعداد مواد برنامجها ( ركن المرأة ) فقد فتحت بن عامر الأبواب للكثير من الكتاب والمثقفين للعمل الإعلامي وكذا أمام المرأة فساهمت المتميزات منهن ومن بينهن الطالبة هنية الكاديكي وكان لهذا البرنامج أثره وتأثيره .

# كتبها وإن كانت قليلة لكنها تنوعت وأخذت منها الوقت الطويل لإعدادها .. ففي مجالها التدريسي في الشعر والأدب كان لها إصدار تحت عنوان (( الشعراء المخضرمون بين الجاهلية والإسلام )) ورأى النور في العام 1989 م .
_ شعريا صدر للكاديكي رحمها الله ديوان شعر يحمل عنوان “دفقات حب” في العام 2003 م يعكس شغفها باللغة العربية وقدرتها على التعبير عن مشاعرها وأفكارها الشعرية .
_ كما صدر لها كتاب ( محمد صدقي – سيرة ومسيرة ) عن تجربة الفنان الراحل محمد صدقي الفنية ، يقع الكتاب في 360 صفحة .
تميزت الدكتورة الكاديكي بمسيرة حافلة بالإنجازات، ولها مساهمتها في تطوير التعليم العالي في ليبيا، لا سيما في مجال اللغة العربية وآدابها .. ورحلت عن عالمنا عن عمر ناهز الواحد والثمانين عاما ، في أبريل 2023 بعد مسيرة حافلة بالإنجازات والعطاء في المجالات الأدبية والأكاديمية والثقافية.
ورجعت أشبه ماأكون بنبتة .. مجتثة من فوق أرض الخالدين!