بيوغرافيا .. شريفة القيادي
قصة الصراخ بقلمها عبرت جملة وصفية فيها عن قدرة الأديبة توصيف حالة امرأة مغلوبة تكره ذاتها لأنها أنثى ولكنها تدفعها حالتها لتصرخ ولكنه لم يكن صراخا متعارفا عليه بل برفعة من أخرج ذته من بئر سحيق كاد أن يختنق فيه وتغلب على انصياعه للأمر الواقع بالمقاومة والاعتداد بأنها أقوى لتصرخ في وجه الظلم والمهانة وتقول لا لن أستمر وليكن مايكون .. تقول تلك الجملة الفصل :
“كانت المرة الألف فيما يخيل إلى التي أتعرض فيها لنفس الإحساس بالضآلة والضعة …” لماذا… لماذا… لماذا؟!
لتنتهي نهاية مشرفة :
” الآن لم أعد بقادرة على الصمت ، هذه الصرخات صارت تطرق جدار مخى، وأنا لست بقادرة على الاستمرار في الصمت ذلك أن الصمت ليس موقفاً، لم أعد بقادرة حقيقة على الصمت والثورة في داخلي، عذابي يغذى ثورتي، قلقي يغذى ثورتي، إحساساتي النارية الملتهبة تغذى ثورتي…
وثرت بطريقة هادئة “

معطارة ولدت في زمن صعب على جنسها تنفس أرج حرية التعلم بداية ثم الشهرة الأدبية فشريفه محمد القيادي مولودة في طرابلس 31/1/1947 م ولكن الله سبحانه حباها بأسرة تحب التعليم وتشجع أبناءها الذكور الثلاثة كما بناتها الثلاثة على النهل ما استطاعوا منه وكأنهما يعوضان في أبنائهم الستة مافقداه من قدرة على القراءة والتعليم وحينما تلمسوا أيضا موهبتها حيث روت المعلمات لأسرتها تألقها في الكتابة بشكل يختلف عن زميلاتها في مادة تعتمد على التخيل وانتقاء الكلمات العميقة لم يتوانوا عن دفعها أكثر للاستزادة المعرفية بدء من مدرستها الابتدائية ( المدينة القديمة ) حيث يشجعنها المعلمات بالوقوف في الصف لقراءة ماتكتب سواء في مادة التعبير المقررة في منهجها أو ماخطر على بالها من كتابات حتى في مدرستها ( الحرية ) حيث انتقلت للإعدادية فالثانوية كانت المتميزة بقلمها وقدرتها على نثر ماتكتبه بشجاعة المتمكن من أدواته الأدبية فخاطرتها (( الحب )) كانت انطلاقتها في الصف الأول الثانوي قدمتها في العام 1963 عبر برنامج (( ركن الطلبة )) الذي يعده ويقدمه الفنان راغب المدنيني ثم الكاتب فوزي البشتي .. فتألقت موهبتها وانتشر عطرها من أسوار المدارس إلى فضاء الإذاعة حيث عرفت في الوسط الأدبي بكاتبة المستقبل .
أسوق هنا ليتعرف عليها عبر قلمها الجرئ في العلم والأدب سيان .. جزءً من دراسة بحثية ودفاع بقلمها القوي عن المادة التي يجب أن تقدم خاصة حينما تمس سمعة أديب أو أديبة لهم باع ومكانة في عالمهم المؤثر على أجيال آنية ولاحقة فتقول القايدي تحت عنوان عندما تركتب الجرائم في حق البحث العلمي :
الباحث ما هو إلا واسطة بين القارئ الذي يبحث عن موضوع متكامل بمعلومات وافية لقراءته في فترة وجيزة، وبين المعلومات الموزعة في مظانها الوفيرة والتي تتالت في النشر في بعض الحالات على مدى سنوات عديدة، وهذه الواسطة يجب أن تتوخى الصدق والدقة والتثبت قبل الإتیان بأي قرار نهائي عند رصد أي موضوع، وعند نشر أي دراسة. وما يدفع للشك في نقطة، يدفع للشك من نقاط تتلى، ومن مؤلفات تتلى، ويدفع للشك أخيراً في أهمية نتاج الباحث لأنه يدفع لاستبعاد أمثال تلك الكتابات المنشورة.
ففي كتاب (الفنون الأدبية وأعلامها في النهضة العربية الحديثة) من تأليف الأستاذ أنيس المقدسي، والذي نشرته دار العلم للملايين، والنسخة التي لدي هي الطبعة الثالثة الصادرة في آب/ أغسطس 1980 نجد واحدة من تلك الأخطاء التي لا تغتفر فعلاً، وهي هذه الفقرات الخاصة بالكاتبة مي زيادة، وذلك في صحفة 475، حيث يذكر المؤلف أن ميَّ (لم تندفع في التيار الذي يندفع فيه الذين إذا ألموا بلغة أجنبية، أو درسوا في مدارس أجنبية تنصلوا من كل ما هو شرقي وتعلقوا بكل ما هو غربي. وقد شهد لها بذلك كل من عرفها. ويكفي أن نثبت هنا شهادة سيدة من أرقى سيدات مصر هي عائشة التيمورية – قالت: (لقد وجدت في ميّ من الاعتصام بالشرقية والحفاظ على الشرقية ما يجعلني أذكر مع الفخر أنها كانت المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة. لقد نهلت مي حقاً من موارد الغرب، ووردت حياضه، وأخذت كثيراً من طرائقه واتجاهاته. ولكن ذلك لم ينسها حق أهلها، ولا احتقرت تقاليد قومها، ولا فنيت في الغرب كما يفنى فيه المستضعفون. لقد كانت مي معتزة بقوميتها، مفتخرة بنسبتها، متمكنة من لغتها العربية. وكانت محافظة كل الحفاظ على شخصيتها الشرقية).

شريفه القيادي لم تكن الباحثة الحاصلة على ليسانس الآداب من كلية المعلمين عام 1976تخصص لغة عربية فحسب .. لكنها واصلت علومها الأكاديمية لتتحصل على الماجستير متقدمة برسالة تحت عنوان «رحلة القلم النسائي الليبي» وكان ذلك بعد عودتها من أميركا حيث سافرت بعد الليسانس مع زوجها فترة من الزمن تركت ليبيا لتلتحق بزوجها ولكنها لم تترك فرصتها للاستزادة المعرفية هناك فالتحقت بكلية فونتبون للراهبات وهناك كتبت روايتها (البصمات) لتعود فتبدأ بجامعة الفاتح التدريس الجامعي بقسم اللغة العربية وفي الوقت ذاته كانت تجهز لرسالة الدكتوراه.
تميزت شريفة القيادي في عدة مجالات بداية من كتابة الخاطرة، وصولاً للقصة والرواية والمقالة الأدبية والدراسات التحليلية، لهذا فهي تعد من الأكثر إنتاجًا في تاريخ الحركة الأدبية النسائية، كما كتبت للإذاعة عدة برامج أهمها «صورة المرأة في قصص الكتاب العرب»، وبرنامج «نساء رائدات»، كما أسهمت في إثراء الدوريات والصحف المحلية والعربية. ( آداب ) .. وبالرغم من أنها خاضت مجالات الكتابة صغيرة وقبل استكمال دراساتها العليا حيث فازت في مسابقات عديدة اظهرت مباهج المبدعة المتطلعة لأكثر مايحتمه عصرها وزمانها للمرأة وبمعية أسرة دافعة تقف من وراء خطواتها الجرئية ففي العام 1974 شاركت مسابقة الشفاه الرقيقة والتي أصبحت فيما بعد عنوانا لإحدى مجموعاتها القصصية بعنوان (( هدية الشفاه الرقيقة )) وتحصلت على الترتيب الأول في المسابقة لتكون انطلاقتها لكتابة الخاطرة/ المقالة/ القصة/ الرواية/ بل ونشر نتاجها الأدبي الذي ولد عميقا متوازنا وظل يتعملق بمزيد من البحث والدراسة والقراءات المتنوعة لكتب وكتاب مميزين لتعيش حيوات أخرى وعوالم وثقافات من بعدها وبحصولها على رسالة الماجستير التي أشرف عليها حينها الأديب العربي”د.عماد حاتم” وكانت بعنوان “الحركة الصحفية الأدبية النسائية في ليبيا ” وقد صدرت فيما بعد تحت عنوان “رحلة القلم النسائي الليبي” بدأت تطرح أبحاثها المتكاملة البنية والدراسات المختلفة في مجالات الأدب كافة وتنشرها سواء في الدوريات أو الصحف .. فساهمت القيادي في إثراء الصحف والدوريات المحلية والعربية .. وهي الكاتبة الصحافة الليبية منذ عام 1965 لتصل في العام 1969 مشرفة على صفحة “ النصف الحلو” في صحيفة الرائد .
_ قدمت للإذاعة برامج عدة ومنذ بداياتها صغيرة خلال برنامج ( ركن الطلبة ) عام 1963 والذي بدأت فيه كهاوية ينثر نتاجها عبر مذيعه الفنان المدنيني لتسلمه هي بعد فوزي البشتي أيضا مقدمة إياه وكانت برامجها تخص إبداع المرأة فأعدت مع البدايات الإذاعية مادة برنامج إذاعي بعنوان ((هكذا صورت المرأة نفسها في القصة العربية )) خلال عقد الثمانينيات .. وبرنامجها (( صوت المرأة في القصة العربية وبرنامج آخر توعوي ترشيدي تبرز من خلاله أسماء نساء وتطرح سيرتهن ليكن قدوة لأخريات يسمعن فيتشجعن على إثراء حياتهن علما وتبيانا لمواهبهن في أي مجال حياتي وعنونته (( نساء رائدات )) ومع برامجها كانت لها في مجلة الإذاعة زاوية عنونتها “أ قول لكم ” عام 1968 .

_ كانت المبدعة الأكثر نتاجا في وقتها وحيث استمرت موصوفة بالمخضرمة لتتابع إنتاجها سواء كان البحثي في مجالها الأكاديمي أو القصصي عبر حقب زمنية بدأت بنضجها الأدبي في منتصف السبعينيات منذ أن فازت بالجائزة في الملتقى الأدبي عن قصتها (لعبة بعض الرجال) عام 1974 وظهرت موهبتها للجميع .. حتى العشرية الأولى من ألفينيات القرن الحادي والعشرين قبل وفاتها في العام 2014 م ..
1. هدير الشفاه الرقيقة: قصص قصيرة.- طرابلس: المنشأة العامة للنشر… 1983
2. كأي إمرأة أخرى: قصص قصيرة.- طرابلس: المنشأة العامة للنشر… 1984.
3. من أوراقي الخاصة: خواطر.- طرابلس: المنشأة العامة للنشر… 1986
4. نفوس قلقة: دراسة- طرابلس _ تونس: الدار العربية للكتاب … 1993
5. هذه أنا : رواية.- مالطا… 1999
6. مائة 100 قصة قصيرة.- مالطا: 1997
7. رحلة القلم النسائي الليبي:دراسة.- مالطا: 1997
8. بعض الهمس: [مقالات].- مالطا: 1999
9. البصمات: رواية.- مالطا: 1999
10. إسهام الكاتبة العربية في عصر النهضة: دراسات – 1999
11. حولهن:معجم للنساء العربيات.- مالطا: 2001
12. هكذا صورت المرأة نفسها: دراسات. طرابلس:المؤسسة العامة للثقافة 2008

لم تتوقف شريفة القيادة التي لها من اسمها نصيب عن تقديم إبداعها في عملها وأدبها مذ بدأت كعضو تدريس ضمن أعضاء هيئة التدريس في اللغة العربية والدراسات الاسلامية بكلية التربية جامعة الفاتح بطرابلس بداية العام 1984 حتى وصولها إلى التقاعد .. وظلت تكتب ومن ينسى ” خاطرة ” زاويتها الأسبوعية في صحيفة الشمس التي استمرت من العام 2005 حتى العام 2008 لم تتغيب عن قرائها يوما .. والقيادي لم تتغيب عن حضور الندوات والمناشط الثقافية المحلية سواء بالمشاركة أو بالحضور للإثراء .. ولقيمتها الأدبية والعلمية أعدت الباحثة “فاطمة رجب موسى” رسالة ماجستير حولها عام 2009 بعنوان : الفن القصصي والروائي النسائي في ليبيا : شريفة القيادي نموذجا .
فيالها من حياة زاخرة بالعطاءات بدأت في زمن صعب على نساء كثيرات حصولهن على حقهن التعلم وممارسة الإبداع في أي مجال يثريهن ويظهر مشاركتهن في الحياة إلا قليلات كن نبراسا لغيرهن ولمستقبل المرأة في بلادهن ومنهن شريفة محمد القيادي التي عاشت في الفترة من 31/01/1947 حتى 20/12/2014 رحمها الله وطيب ثراها فعبرت تاركة أقوى الأثر .