للكاتب مفتاح امعيزيق
في ليلة الثاني من يناير الباردة .. يهطل المطر خفيفاً على غابة
( خراشيف ) أسفل مدينة شحّات ….على ضوء السيّارة تبدو حبّات المطر اللامعة على الأشجار مثل عيون القطط سيّارتي ذات المصباح الواحد تمشي كسُلحفاةٍ بين الأعشاب المطيرة و الصخور النديّة على ضوئها الخافت . الصمت يفترس الغابة و مصابيح المنازل البعيدة في الجبل المقابل لا تكاد تميّزها من النجوم .

في غمرة ذلك المشهد أخذت بيدي الذكريات بعيداً حيث كنتُ مولعاً بالتجوال في سفوح الجبل الأخضر وغاباته . كان كلّ شيءٍ في وطني عذريّـاً الغابات لم تلتهمها حضارة الإنسان الحديديّة تلك الوحوش الصفراء . كأنّ صوتاً متهدّجاً من الجبل قائلاً : دعوها وشأنها إنها أمّكم لا تقطعوها . خذوا شيئاً من أغصانها .. أرض الله واسعة تكفي لبناء عشرات المدن لا أظنّ أنكم مضطرّون لأنّ تجرفوا أمّكم . لا أظنّ أنّ كلّ ذلك في سبيل سيّدكم المال . غيركم يدفعون المليارات لإنشاء غابات في الصحاري الصفراء .. إنّها كلّ ما تملكون إنها حياتكم .
انقطع الصوت و عادت بي ذاكرتي اللائمة بتحيّة أحد أصدقائي :
ــ السلام عليكم
ــ عليك السلام .
ــ كنّك طوّلت .. من بدري نرجو فيك