تقع فيلا سيلين في منطقة سيلين على الساحل الغربي لليبيا، وتطل على البحر الأبيض المتوسط بإطلالة خلابة تعكس روعة الموقع الجغرافي وأهميته في العهد الروماني. تُعتبر الفيلا إحدى أبرز استراحات الأثرياء الرومان، وتمثل نموذجًا للفخامة التي كانوا يعيشونها خارج أسوار المدن. تتبع الفيلا حاليًا بلدية الخمس، الواقعة على بُعد حوالي 100 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس. بُنيت الفيلا في القرن الثاني الميلادي، وأُعيد اكتشافها في سبعينيات القرن الماضي، لتصبح من أهم المعالم الأثرية التي توثق التاريخ الروماني في ليبيا.
تضم فيلا سيلين 46 غرفة موزعة حول فناء واسع يطل مباشرة على البحر، وتتميز الفناءات بأعمدتها الحجرية المكسوة بالجص. أظهرت الحفريات الأثرية تفاصيل معمارية دقيقة وزخارف مبهرة على مساحات واسعة من أرضيات الفسيفساء، التي تبلغ مساحتها حوالي 400 متر مربع. هذه الأرضيات تصور مشاهد من الحياة اليومية للرومان، إضافة إلى تمثيلات أسطورية تعكس المعتقدات السائدة في ذلك العصر. تُظهر هذه الزخارف قدرة استثنائية في فنون التصميم، مما يجعلها شاهدًا حيًا على تطور الفنون في العهد الروماني.
من بين أبرز أعمال الفسيفساء في الفيلا، لوحة فنية تصور سباق العربات الذي كان يُقام في ميدان لبدة، حيث يظهر مشهد السباق بتفاصيل دقيقة ومبهرة. كما تشمل الفسيفساء الشهيرة لوحة تمثل “ربات الفصول الأربعة”، التي تعكس رمزية الفصول المناخية ودلالتها في الحياة الرومانية. تتميز فيلا سيلين بكونها ليست مجرد استراحة فاخرة، بل هي أيضًا متحف مفتوح يوثق الحياة الاجتماعية والثقافية للرومان في ليبيا، ما يجعلها وجهة تاريخية وثقافية بارزة على الصعيدين المحلي والعالمي.