د. محمد محجوب
هذا الكتاب الذي أهدانيه مؤلفه أعتقد جازمة .. أنه جاء في وقته وزمانه لكوننا نتخبط بين أناس يقتربون ويبتعدون وظيفيا . اجتماعيا . علميا . وعمليا .. في العلاقات الإنسانية والأخرى بين الإنسان وماحوله من ساكن ومتحرك .. ولكن دون منطق فهل ياترى لأن كثر لم يتوقعوا أهمية المنطق في الحياة كأسلوب وسلوك وتصوروا أن هذه الرؤى الكلامية فيها من الفلسفة ما يجعلها متقعر بعيد عن النهج اليومي الحياتي فما من داع لولوج عالمه ولو عبر قراءات تفهيمية تعريفية .. إذن جاء الوقت لندرك أهمية المنطق لتنظيم حياتنا ولو بقراءة هذا الكتاب الذي تصوره مؤلفه وجامع مادته العلمية دكتور محمد حسين محجوب _ أستاذ علوم الفلسفة _ بكلية الآداب _ قسم الفلسفة _ جامعة بنغازي وعنونه :
” مدخل إلى عالم المنطق “
ونرى أن الكتاب يهتم بدراسة علم المنطق الصوري ؛ الذي محوره البحث في التفكير الإنساني من حيث الصواب والخطأ، بصورة محددة منذ تأسيسه، على يد المعلم الأول، حيث تشير بعض الكتابات، إلى أنه عندما انتهى أرسطو Aristotle) 382- 322 ق م ) من تأسيس علم المنطق) لم يتخذ لهذا العلم رموزا كالرموز الرياضية أو الهندسية، ولكنه صاغ القضايا المنطقية، والمسائل المتعلقة بها في قوالب لغوية، شبيهة بكلام الناس؛ أي في صورة ألفاظ وأصوات، كالتي يألفها الناس في أحاديثهم اليومية، ومن هنا نشأت علاقة المنطق باللغة؛ ولكن مع تطور البحث صدقت مقولة أبو حيان التوحيدي 923 -1023م التي نصها “إن البحث عن المنطق قد يرمي بك إلى جانب النحو، والبحث عن النحو قد يرمي بك إلى جانب المنطق” •بميلاد فكرة المنطق ولد علم جديد يقوم على اللغة إضافة لعلومها السابقة مثل علم النحو. غير أني أتحفظ على فكرة أن أرسطو أنشأ علم المنطق: لأن أرسطو وجد أرضية هذا العلم عند عديد الفلاسفة مثل: (سقراط Socrates 470- 399 ق. م ) الذي استخدم الجدل ولكن من أجل تحديد مفهوم اللفظ أي تعريفه حتى يقضي بذلك على التلاعب بالألفاظ. وكذلك ( أفلاطون -427 Plato 357 ق.م ) الذي توسع في الجدل وتفنن في تقسيم المعاني الكلية قسمة ثنائية تعين على حصرها وبيان صفاتها ومميزاتها. والسوفسطائية Sophism. حيث كان المنطق عندهم هو مجرد فن للكلام والجدل والتلاعب بالألفاظ مما أدى إلى فساد التفكير. أما أرسطو فإنه حول المنطق من فن الجدل إلى علم ( حسب بعض التصورات) له قوانينه وقواعده وأطلق عليه الاورجانون Organum أي الآلة وقصد بها العقل. بهذا المعنى يعد أرسطو المؤسس الحقيقي، وقد تحدث أرسطو في نقطة جوهرية وهي مسألة القياس Syllogism، والبراهين Demonstrations. أن هذا العلم استمر في عملية التطور Development؛ فقد أضاف إليه عديد البُحاث مثل إضافة (جالينوس) للضرب الرابع من القياس، وتذكر بعض الروايات العلمية أن (فرفوريوس 301- 305 م) هو من وضع المربع الأرسطي؛ وكون آخرين أضافوا لا ينفي فكرة أن أرسطو هو مؤسس هذا العلم. وهنا أطرح السؤال التالي: هل يتكامل أي علم على يد عالم واحد؟ أجيب بلا؛ من جانبين؛ قضية تكامل العلم ليست منطقية في ذاتها، أن يكمل عالم واحد، بالدراسة والتحليل حتى جزئية أمر يصعب التدليل عليه. مع القول بأنه قد يكون هناك مبرر لمثل ذلك القول؛ وهو أن أرسطو وضع قوانين الفكر الأساسية Law of thought التي يتفق عليها الفلاسفة والعلماء، ومع قيمة هذا العلم لا أراه مبرراً للقول بأن أرسطو وضع علماً كاملاً. وهنا يمكن المقارنة بين علمين من أعلام الفكر وهما: أرسطو في وضعه لأسس المنطق، والإمام (الشافعي ت 204هـ/ 820م)، في وضعه لعلم أصول الفقه. فقد اعتمد ( رجع إليهما ولو تاريخياً) كل من كتب ودرس في هذين العلمين عليهما، لدرجة يمكن القول معها من جاء بعدهم كان من عيالهم في تلك المباحث. وأطرح في هذا المقام فكرة مفادها: هناك منطق أرسطو وهناك منطق أرسطي؛ منطق أرسطو هو القضايا التي تحدث فيها أرسطو بصورة أساسية؛ ومنطق أرسطي ما قاله وكل ما حُمِلَ على هذا المنطق. وقد تطرق هذا الكتاب إلى عديد النقاط منها:
تقديم لمحة تاريخية عن جذور المنطق؛ المقارنة بين التفكير المنطقي واللامنطقي، الإشارة إلى بعض المفاهيم المنطقية Logical Concepts، العلاقة بين المنطق وبعض العلوم مثل علم الحواسيب. والكتاب محاولة لتحليل مكونات المنطق الأرسطي في مباحثه الثلاث: مبحث الألفاظ، مبحث التصورات، مبحث القياس. ومن مبررات وضع هذا الكتاب؛ ملاحظة تذمر الطلبة من دراسة هذا العلم ( المنطق الصوريFormal Logical )، كذلك التوسع في الحديث عنه، في جلّ كتابات الأساتذة العلماء الذين تناولوا الحديث عنه، دون التركيز على جوهره، عدم وضعه في النسيج الفلسفي، الذي يهيئ له الحياة كخلية ضمن نسيج معرفي، ضعف الإشارة إليه في عديد المؤلفات عنه لعلاقته ببقية العلوم، وخصوصاً المتطورة منها مثل علم الحواسيب، لهذه الأسباب وغيرها كتبت هذا الكتاب، من أجل المساهمة في توضيح صورة هذا العلم وفائدته في جل المناشط الإنسانية، وخصوصاً لمن يدرس المجال الفلسفي. أو يهتم بمعرفة كيفية التفكير السليم.
تضمن الكتاب ثماني فصول مجموعة من الفصول

الفصل الأول . بعنوان مدخل لعلم المنطق.
أعطى هذا الفصل، لمحة تاريخية عن نشأة هذا العلم ومكوناته، كما أشار إلى بعض المفاهيم، التي أدخلها أرسطو لهذا العلم.
الفصل الثاني . بعنوان أرسطو مؤسس المنطق الصوري.
أوضح أن جهود أرسطو في المنطق جاءت بعد مرحلة من الفوضى في اليونان، تمثلت في التشكيك، عبر جدل سوفسطائي مبني على التنكر لكل ما هو ثابت، كما أشار هذا الفصل إلى عدة مفاهيم من بينها: مفهوم الاستدلال، والقاعدة العامة، التي يقوم عليها المنطق، إضافة إلى تعريف المنطق والحديث عن الكتب المنطقية لأرسطو.
الفصل الثالث . بعنوان المنطق علم وأداة.
تناول اهتمامات أرسطو بشكل عام، والحديث عن نظريته في المعرفة والمنطق؛ في نطاق المقارنة بين تصوره، وتصور المدرسة الرواقية في نظرية المعرفة.
الفصل الرابع . بعنوان مفاهيم منطقية.
اهتم هذا الفصل بالمفاهيم الجوهرية للمنطق، كما تحدث عن أنواع المنطق، وموضوع علم المنطق، وطبيعة المنطق وأنواع البراهين المنطقية، والقانون المنطقي.
الفصل الخامس . بعنوان العلاقات المنطقية.
تناول مجموعة العلاقات ، التي تربط المنطق بالعلوم الأخرى مثل: علم الحواسيب، والرياضيات، وكذلك علم اللغة، كما بين عدم موضوعية المناظرات، التي دارت بين علماء النحو العربي والمناطقة، كما ذكرتها الوثائق التاريخية.
الفصل السادس . بعنوان نظرية التصور.
درس هذا الفصل ، العديد من مكونات هذه النظرية مثل: الحد المنطقي، وتقسيم الألفاظ، وتقابل القضايا، والمفهوم والماصادقات Extentions، والكليات الخمس، وعديد النقاط التي تدخل في إطار هذه النظرية.
الفصل السابع . بعنوان التصديقات.
تناول هذا الفصل، مفهوم القضية المنطقية، ومفهوم الحكم المنطقي، والقضايا التحليلية Analytical proposition، والقضايا التركيبية Synthelicfr ، وتقسيم القضايا، كما أشار إلى سور القضية المنطقية، و كذلك للاستدلال أو البرهان.
الفصل الثامن . بعنوان الاستدلال غير المباشر( القياس)
قُدِمت في هذا الفصل؛ العديد من التعريفات لمفهوم القياس، باعتباره محور المنطق الصوري، كما تمت الإشارة إلى طبيعته، وأجزأه، وأشكاله، وأضرب تلك الاشكال، كما تطرق هذا الفصل، إلى مفهوم المغالطات المنطقية؛ وأنواعها، وخلص إلى بعض الانتقادات للمنطق الصوري .
إضافة إلى مقدمة، وخاتمة ، وقائمة بالمراجع التي اعتمد عليها هذا الكتاب .
جدير بالذكر أن الكتاب الصادر عن دار الجابر للنشر والتوزيع التي دخلت ضمن اتحاد الناشرين الليبيين .. شارك هذا العام 2025 م ضمن جناح الاتحاد عبر منشورات دار الجابر .. بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في
” وأختم أن مقدمة الكتاب التعريفية لا تغني النهم لنهل المعرفة عن اقتناء الكتاب وتمحيص كل كلمة فيه “