الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-03-09

3:42 مساءً

أهم اللأخبار

2025-03-09 3:42 مساءً

رسم بالفرشاة والألوان.. نقش بإزميل البنَّاء.. وللقدر كادر للّوْحة الأخيرة 

رسم بالفرشاة والألوان.. نقش بإزميل البناء.. وللقدر كادر للّوْحة الأخيرة 

الفنان الذي يترك فينا أعمالا تخلد مباهج تفكيره تارة في لوحة تبرز اللون والملمح، وتارة أخرى أراجيح الدنيا بين اشرئباب وانكسار كسب، وخسارة فرح وحزن وتارة الأوجاع تتمثل في أنين لوحة، أو نقش بإزميل في لوح وحجر وصخر صلد، فتتكلم اللوحة حياة كاملة ورواية أبطالها الإنسان وروحه ورواكده وبواعثه .. هنا سنقول إن الفنان العابر بين دنيا الفناء إلى دنيا البقاء، يبقى فينا نحن -الأحياء- مازلنا ننتظر، وفي أجيال ستترى بعدنا تذكره بتلك الذواخر المهمة التي يتتلمذ عنها الشغوفين بالفنون، وتفتح آفاقا للتخيل للقادرين سبر غور لوحة معلقة، فيترجمونها كما تقول خواطرهم .. وهكذا تودع ليبيا اليوم على وجه العموم والزاوية مدينته خاصة الفنان التشكيلي العالمي ” علي الزويك ” رحمه الله وطيب ثراه ..

الزويك سيفتقد العالم بأسره أعماله، فقد استطاع أن يصل بفنه ليشار لليبيا بالبنان، حيث انتقل بعد عمر عاشه في الزاوية منذ ولادته في العام 1949 م للعيش في بلجيكا؛ لينهل الفن الذي أحبه، وارتبط بروحه ويوميات حياته في ليبيا، ينهل من معينه علميا ويرمي بنوابغ أفكاره في لوحاته، فهو من أنتج لوحة شهيرة على مستوى عالمي، أخذت كمَعْلَم يُدرَس أيضا هي (( المدينة البيضاء )) الرمز التاريخي في مسيرته الفنية، منتهجا فيها الواقعية، قبل أن ينتقل للتجريدي، وهذا اللون من الفنون عادة ما يؤخذ به أهل الغرب ذواقة الفن في العالم .. هو أحد أهم رواد منتدى الشباب للثقافة والفنون بالزاوية، ويعتز مؤسسو المنتدى بذلك، فقد كان مُثريا للقاءات في منتداهم الشبابي،  بنقاش فني ثقافي متفرد بشكل عام، عبر خبرته الفنية الثقافية الواسعة .. كما انضم الى هيئة الرسامين في صحيفة (الأسبوع الثقافي) في العاصمة طرابلس بداية السبعينيات، ولاقت أعماله الفنية في الصحيفة اهتماما من قبل القراء والزملاء، وجميل أنه وطَّن موهبته الفنية في أرضه قبل أن يبحث عن مزيد من العلم في فنونه المعمقة تلك خارج الوطن، لكن صاحب الإبداع يتألق حيثما حل .. في أوروبا عاش متعلما باحثا بشكل أكاديمي، مجربا لكل ألوان تاريخ الفنون في العالم .. وفي بلجيكا تلقى علومه، وقدم معارضه بين فنانين عالميين عرب ومستشرقين وأوروبيين، كانت الخمسة عشر عاما التي عاجها جوالا في معارض ومتاحف الفن العالمي، مع كل الحوارات التي التقى فيها فكره الفني بأفكار آخرين، كفيلة بتسلحه فنا وعلما، ومن ثم بكل ما تألق عاد لوطنه .. وفيه كان اسما وعلما وفنانا لا تهمل له لوحة، ولا تشق له ريشة، فهو-رحمه الله- كان من أهم أركان الحركة التشكيلية الليبية في الجانبين العملي والمعرفي، ولإجادته للغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية، أصبح الفنان علي الزويك مرجعا متفردا لتفاصيل الحراك الغربي في الفن التشكيلي، حتى أن  النقاد العرب والغربيون احتفوا بأعماله التشكيلية عبر العديد من المقالات والدراسات في اللقاءات الثقافية الفنية المختلفة، وعبر الصحف والمجلات العربية والعالمية .. فكيف لا يُعتد به في وطنه ؟! .

 أقام الزويك العديد من المعارض في مختلف دول العالم، وكان من بينها معارضه التي ذاع صيتها في كل من: بلجيكا، سويسرا، النمسا، السويد، كوبا وفنزويلا. وتعتبر شواهده في الفن التأريخي مرحلة دراسية مهمة، تربط التاريخ الليبي عبر فنونه بمرحلة التواجد الإنساني ماقبل التاريخ على الأرض الليبية .

 ورأت بعثة اليونسكو السويسرية الى ليبيا .. والتي درست فنون ما قبل التاريخ في الجنوب الليبي .. أن اعمال الفنان علي الزويك امتدادا خلاقا لتجربة الفن الليبي في مرحلة ما قبل التاريخ، والتي تعتبر شواهده من أقدم ما رسمه الإنسان في تاريخ وجوده على الأرض.

وأختم بجملة تعريفية وردت على لسان الفنان الليبي العالمي ( علي الزويك )، وكانت في أحد اللقاءات الفريدة عن بداياته، وكيف يكون الفن ليس مجرد تعبيرا عن الذات؟ بل عن محيط بكامله يعيشه الإنسان، متغلغلا يومياته بتفاصيلها :  

*((بدايتي في التشكيل كنت أرسم البلح وبيوت الطين ، القرى البيضاء المتداخلة بين الأضواء والظلال ، الأشياء تحت الماء، رسمت عالم الفقراء بمفهوم العالم الصناعي , زمني زمن الآخرين ، المتقدمين، المتخلفين، على حد سواء ، هو زمن الشكوى، الشكوى من كل شيء .. لا يذكر شيء إلا وتسبقه كلمة أزمة ، عدد الذين يعيشون خارج أوطانهم يزداد كل يوم، والأسباب عديدة ، منها: الخبز والشمس، القلق، الانحسار، الوحدة رغم الزحمة ، المدن المكتظة بواجهات المحلات الاستهلاكية، وسقط المتاع. لكل هذا العناء . الألم . الوجع . والحب .. تتعاظم يوما بعد يوم الحاجة الملحة للتعبير عن الذات))*.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة