في منظر يعكس التراث المغاربي، تجتمع النسوة على القصعة، من أجل إعداد طبق الكسكسي، الذي تشتهر به دول المغرب العربي، وأصبح الأكلة الشعبية التي تمثل جزءا من عاداتهم وتقاليدهم، خاصة في ليبيا وتونس والجزائر، حيث بات الطبق الرئيسي الذي لا يفارق موائد الطعام.
يعتبر طبق الكسكسي أحد الأطباق التقليدية المشهورة في شمال إفريقيا، صنف منذ 2020 ضمن التراث غير المادي للبشرية ارثا مشتركا لدول المغرب العربي ،حيث يُقدم بطرق شتى سواء كان بالبصل أو الخضار أو اللحم أو السمك، تجمع بين المذاق الراقي والأصالة مما أكسبه شهرة عالمية لا تضاهى.
لكن الاختلاف يكمن في مكون القمح واستبداله بالبرغل في بعض الدول، مثل فلسطين والأردن ، فضلاً عن الاختلاف في شكل الطبق الذي يقدم فيه.
للكسكسي فوائد غذائية
تختلف طرق تحضير الكسكسي وحتى المكونات التي توضع فيه من بلد إلى آخر .
ولهذا الطبق منافع لا تحصى، فهو يوفر الطاقة فضلا عن أن طبخه بالخضر يوفر وجبة متكاملة، فضلا عن أنه يعد أكلة أصيلة سهلة الطهي وبسيطة المكونات.
وحسب أخصائي الأغذية يعد الكسكس مصدرًا غنيًا بالكربوهيدرات المعقدة، مما يجعله مصدرًا جيدًا للطاقة. كما يحتوي على الألياف إذ يتم تحضيره باستخدام سميد القمح الكامل، فإنه يحتوي على نسبة عالية من الألياف التي تساهم في الهضم وتحسين صحة الأمعاء. الى جانب أنه مصدر للبروتينات فعند إضافة اللحوم أو الحمص إلى الكسكسي، يصبح مصدرًا جيدًا للبروتينات.
طبق المناسبات
يعتبر الكسكسي من أشهى وأرقى الأطباق التي تحرص السيدات على تقديمها للضيوف، لما له من سمة خاصة لا يمكن أن تكون في مطبخ آخر غير المغربي، الذي لا يزال يحافظ على حضوره القوي في مختلف المناسبات والأعياد الدينية أيضا. حيث تعكف النساء على فتله خلال الفترة المناسبة من السنة- الربيع-، لتحضر ما يسمى بالعولة بعد القيام بعملية تجفيفه جيدا، في حين تقوم أخريات بفتله عند الرغبة في تحضيره، بحيث تتم عملية الفتل والطبخ في نفس اليوم، وهو أيضا سيد مائدة الأفراح، نظرا لما له من خاصية البركة، بحيث يأكل منه الكثيرون ويبقى للغير.
وللكسكسي أكثر من مئتي نوع، وهو بذلك كالأرز من حيث قابليته للتجاوب مع مختلف المرفقات من البقول والخضار واللحوم والدواجن والأسماك وثمار البحر وحتى المكسّرات والفواكه والسكاكر والألبان، حتى أن السكان المحليين كانوا يعتمدون عليه كطبق يومي يشيد به خبراء التغذية كوجبة متكاملة ويتغنّى به الشعراء، وبه تحفل الولائم في الأعراس وحتى في المآتم.
ويبقى الكسكسي هو أكثر من مجرد طبق غذائي؛ إنه جزء من الهوية الثقافية والرمزية لشعوب شمال أفريقيا. له جذور تاريخية عميقة، وقد مر بتطورات على مر العصور ليصبح اليوم أحد الأطباق الأكثر شهرة وانتشارًا في العالم.