أطلق وزير الصحة بالحكومة الليبية، عثمان عبد الجليل، تحذيراته الصريحة حول تفشي الفوضى في سوق الأدوية، و خلال مشاركته في ملتقى “الأمن الدوائي بين الواقع والإصلاح”، الذي نظمه مجلس الأمن القومي الليبي،
كشف عبد الجليل أن نسبة 80% من الأدوية التي تتكدس في الصيدليات دخلت البلاد بطرق غير قانونية، فيما أن 70% منها لم تخضع لأي إجراءات رقابية رسمية.
وأوضح عبد الجليل أن الأزمة لا تكمن فقط في غياب الأجهزة الرقابية الفعالة، بل في تعدد الجهات المسؤولة عن دخول الأدوية إلى البلاد عبر المنافذ والموانئ. هذا التعدد، بحسب الوزير، خلق بيئة خصبة لتهريب الأدوية غير المصرح بها، والتي لا تخضع لأي معايير تتعلق بالجودة والسلامة. وأضاف أن هذا التسيب لا يقتصر على عمليات الاستيراد فقط، بل يمتد إلى طرق التخزين والتوزيع، ما يجعل الأدوية معرضة للتلف أو الفقدان الفعالية بسبب ظروف التخزين غير الملائمة.
وحذر الوزير من أن غياب الرقابة وترك السوق مفتوحة أمام الأدوية غير المضمونة قد يؤدي إلى كارثة صحية غير مسبوقة. فالمريض الليبي، الذي يقف أمام رفوف الصيدليات بحثًا عن علاج لمرضه، قد لا يدرك أن ما بين يديه دواء غير صالح، وربما يحمل في مكوناته مواد ضارة أو عديمة الفعالية.
و شدد عبد الجليل على أن الحل لا يكمن فقط في تعزيز الرقابة، بل في إصدار تشريعات صحية جديدة تُلزم جميع الجهات بتوحيد قناة استيراد الأدوية ضمن آلية خاضعة لرقابة صارمة. كما دعا إلى إنشاء جهاز وطني متخصص لمتابعة جودة الأدوية المستوردة، على أن يعمل هذا الجهاز بكوادر ذات كفاءة علمية وتقنية قادرة على فرض معايير صارمة.
وأشار الوزير إلى ضرورة إلزام الشركات المستوردة بتطبيق معايير أكثر صرامة، بحيث لا يُسمح إلا للأدوية الحاصلة على تراخيص دولية بالدخول إلى السوق الليبية، مع ضرورة خضوعها للفحص الرقابي قبل طرحها في الصيدليات.
إلى جانب أزمة الأدوية، لم يُخفِ عبد الجليل قلقه من وضع النظام الصحي بشكل عام، مؤكدًا أن استمراره على هذا الحال ينذر بمستقبل أكثر سوءًا.
وقال الوزير إن محاولات الإصلاح التقليدية لن تجدي نفعًا، وأن هناك حاجة إلى تدخل جذري لإعادة هيكلة النظام الصحي، بما يضمن تقديم خدمات طبية تتناسب مع احتياجات المواطنين. فالتحديات تتجاوز مسألة الأدوية إلى معضلات أعمق، تتعلق بتدهور البنية التحتية للمستشفيات، وهجرة الكفاءات الطبية، وغياب التمويل الكافي لتطوير القطاع الصحي.