قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، أمام أعضاء مجلس الأمن، الأربعاء، “إن الانقسامات المتواصلة بين القوى المختلفة في ليبيا تهدد بـ«تآكل وحدة» هذا البلد العربي الأفريقي”، داعية إلى كسر الجمود السياسي وحل الأزمة الليبية الطويلة.
وكانت ديكارلو تطلع أعضاء مجلس الأمن على مجريات الوضع في ليبيا، غداة الذكرى السنوية الـ14 لـ«ثورة 17 فبراير» 2011، حيث أشارت إلى أن «حلم ليبيا بالمدنية والديمقراطية لم يتحقق بعد»، محذرة من أن «الانقسامات المتجذرة، وسوء الإدارة الاقتصادية، وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، والمصالح الداخلية والخارجية المتنافسة لا تزال تعمل على تآكل وحدة ليبيا واستقرارها». وأكدت في هذا السياق أن «هناك حاجة ملحة لإحراز تقدم في ليبيا».
و نقل موقع “الشرق الأوسط ” عن ديكارلو تحدثها عن جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومنها إنشاء لجنة استشارية من 20 شخصية ليبية لتقديم توصيات لـ«معالجة القضايا الخلافية في التشريع الانتخابي، التي منعت إجراء الانتخابات الوطنية». وقالت بهذا الخصوص إن البعثة تتخذ «خطوات لعقد حوار منظم بين الليبيين حول سبل معالجة محركات الصراع الطويلة الأمد، وتطوير رؤية شاملة من القاعدة إلى القمة لمستقبل بلادهم»، مؤكدة أن «الانقسامات والمنافسة على السيطرة على مؤسسات الدولة لا تزال تهيمن على المشهد سواء السياسي أو الاقتصادي الليبي».
في سياق ذلك، ذكرت ديكارلو باستمرار الخلافات على منصب رئيس المجلس الأعلى للدولة، على الرغم من أن «بعض أعضائه يحاولون تجاوز الانقسامات الحالية». ونبهت إلى أن «التسييس والانقسامات السياسية تعوق التقدم في المصالحة الوطنية»، مشيرة إلى أنه «رغم الاتفاق الذي يسّرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ديسمبر الماضي بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بشأن مشروع قانون للمصالحة الوطنية، فإن التعديلات اللاحقة على مشروع القانون من قبل البرلمانيين أثارت مخاوف بشأن استقلال لجنة المصالحة الوطنية المستقبلية». ولاحظت أيضاً استمرار الخلاف على ميثاق المصالحة، الذي اعتمد في 14 من فبراير على هامش قمة الاتحاد الأفريقي الذي احتضنتها أديس أبابا.
كما تطرقت المسؤولة الأممية إلى «الانتخابات المحلية الناجحة»، التي أجريت حتى الآن، مشيرة في هذا السياق إلى أنه «على الصعيد الأمني، لا تزال نشاطات الجهات المسلحة غير التابعة للدولة، وشبه التابعة للدولة، تشكل تهديداً لاستقرار ليبيا الهش».
و عبرت ديكارلو عن «قلق بالغ» من «الاتجاه المستمر للاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري في جميع أنحاء ليبيا»، وناشدت السلطات الليبية «اتخاذ خطوات عاجلة لوقف هذه الممارسات». مطالبة بـ«وصول أوسع بكثير وإصلاحات منهجية لمساعدة نظام العدالة، والإصلاح الليبي على التوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان».
بهذا الخصوص، قالت ديكارلو إن «المهاجرين وطالبي اللجوء، وبينهم الأطفال، لا يزالون يواجهون انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في كل أنحاء ليبيا»، مؤكدة أن «الاكتشاف المثير للقلق والمأساوي للمقابر الجماعية، في أعقاب الغارات على مواقع الاتجار بالبشر، يسلط الضوء على الخطر الشديد الذي يواجهه المهاجرون في ليبيا». ولفتت في هذا السياق إلى اكتشاف مقبرة جماعية في شمال شرقي ليبيا، ومقبرة جماعية أخرى في الجنوب الشرقي، داعية إلى «إجراء تحقيق كامل ومستقل»، لأن هذا الأمر «بالغ الأهمية لتقديم الجناة إلى العدالة».
وبخصوص الوضع السياسي، حذّرت ديكارلو من أن «الاستقرار الهش في ليبيا بات معرضاً للخطر بشكل زائد»، مؤكدة أن «قادة البلاد والجهات الفاعلة الأمنية فشلوا في وضع المصلحة الوطنية قبل منافستهم على المكاسب السياسية والشخصية». وحثت أعضاء المجلس على تقديم الدعم للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، المعينة حديثاً حنا تيتيه، التي ستباشر مهامها في طرابلس الخميس، سعياً إلى «كسر الجمود السياسي، وحل الأزمة الليبية المطولة، ودعم الشعب الليبي نحو توحيد مؤسسات ليبيا وإجراء انتخابات وطنية شاملة». مشيرة إلى أن الحل السياسي هو السبيل المناسب للاستقرار على المدى الطويل في ليبيا، ومؤكدة أن توحيد المؤسسات الليبية ضروري للمحافظة على وقف إطلاق النار في ليبيا.