كانت بحيرة مندرة واحدة من الوجهات السياحية المميزة، على الطريق الواصل بين مدن الوادي إلى بحيرة قبر عون، بفضل منظرها الخلاب الذي يعكس التناقض بين المياه الزرقاء والكثبان الرملية الذهبية المحيطة بها.. إلا أن جفاف البحيرة في السنوات الأخيرة أبرز عديد التحديات البيئية التي تهدد استدامتها كموقع سياحي.
تقع بحيرة مندرة وسط صحراء عرق أوباري، وهي جزء من مجموعة بحيرات طبيعية تشتهر بها المنطقة، مثل بحيرتي قبر عون وأم الماء.
تتميز المنطقة المحيطة بها بالكثبان الرملية العالية وأشجار النخيل التي تنمو بفضل وجود المياه الجوفية التي كانت تغذي البحيرة. ويمثل الموقع جاذبية للزوار الذين يسعون لاستكشاف وادي الحياة والتمتع بمناظره الطبيعية الفريدة.


جفاف البحيرة
وشهدت بحيرة مندرة في السنوات الأخيرة جفافًا ملحوظًا، مما أثر بشكل كبير على قيمتها كوجهة سياحية، ويعود هذا الجفاف حسب الدراسات إلى مجموعة من العوامل، منها انخفاض منسوب المياه الجوفية التي كانت تُغذي البحيرة ونسب التبخر العالي الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المناخية التي تسببت في تقليل هطول الأمطار، والاستخدام المكثف للموارد المائية من قبل السكان المحليين والمناطق المجاورة، إضافة إلى الأنشطة السياحية غير المنظمة، مثل التخييم وترك النفايات، التي تسببت في تدهور البيئة المحيطة، والذي بدأ في منحى تصاعدي على ضفاف بحيرات قبر عون وأم الماء المهددة بنفس المصير، وفقدان قيمتها المتمثلة في البيئة النظيفة، في حين يعزي السكان المحليين السبب الرئيس وراء جفاف بحيرة مافو إلى التوقف عن ممارسة نشاط، استخراج الأملاح كما كانت في السابق، ويؤكدون على ذلك بوجود المياه تحت طبقة الأملاح التي تغطي سطح البحيرة.


وعلى الرغم من جفاف البحيرة، لا تزال مندرة تحتفظ بجاذبيتها كموقع سياحي يروي قصة التحولات البيئية في الصحراء الليبية، وتحتفظ المناطق المحيطة بها، بما في ذلك الكثبان الرملية وأشجار النخيل والتجمع السكاني القديم بقيمتها، وتظل أماكن مثيرة للاهتمام للزوار الذين يزورون المنطقة بحثًا عن تجربة فريدة في قلب الصحراء. ورغم أن بحيرة قبر عون تستقطب أعدادًا كبيرة من السياح بفضل مياهها المالحة الساخنة، فقد أصبحت مندرة بمثابة رمز للتحديات البيئية التي تواجه هذه البحيرات في ظل الظروف المناخية القاسية.


الحفاظ على البحيرة
ودعت وزارة السياحة والصناعات التقليدية عبر إدارة التنشيط والترويج السياحي، للحفاظ على بحيرة مندرة والبحيرات الأخرى في المنطقة، من خلال اتخاذ خطوات عاجلة تشمل، إدارة مستدامة للموارد المائية من خلال مراقبة مستويات المياه الجوفية واتخاذ إجراءات لحمايتها، وتوعية للزوار والمجتمع المحلي حول أهمية الحفاظ على البيئة وتجنب الأنشطة السياحية المدمرة، وإعادة تأهيل المنطقة، من خلال تجنب التخييم العشوائي أو التلوث في محيط البحيرة، إضافة إلى تشجيع الدراسات البيئية والعلمية لفهم التغيرات التي تحدث وكيفية التعامل معها، ودعم برامج إحياء نشاط استخراج الملح من البحيرة.
وأكدت الوزارة أن الحفاظ على مقومات السياحة في رملة أدهان أوباري وعموم المزارات السياحية في الصحراء، أكاكوس، مساك ستافت وغيرها، يتطلب تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية للحد من التأثيرات البيئية وتطوير أساليب سياحية مستدامة تضمن استمراريتها كمواقع سياحية ذو قيمة بيئية عالية.

