تُعد صناعة ربّ التمر من التقاليد العريقة في الجنوب الليبي، حيث ساهمت وفرة إنتاج التمور في ترسيخ هذه الحرفة التي توارثتها الأجيال. ولا تزال هذه الصناعة جزءًا أساسيًا من الثقافة الغذائية للمنطقة، إذ يرتبط رُب التمر بأطباق شعبية، أبرزها العصيدة، التي تشتهر بمذاقها المميز عند تحضيرها باستخدام هذا الشراب المركّز.
أوضحت مدينة إقريش، عضو جمعية البيت الأصيل بسبها، تفاصيل صناعة رُبّ التمر، مشيرةً إلى أن العملية تبدأ بتنظيف العراجين، وغليها لساعات طويلة، حتى تتركّز عصارة التمر. وتضيف أن لهذه الصناعة طقوسًا خاصة، منها اعتقاد قديم بأن شمّ رائحة التمور أثناء غليها قد يفسد العملية، لذا كانت الجدات يفضلن إعدادها على أسطح المنازل وفي أوقات النوم؛ لضمان نجاحها.
وتؤكد إقريش أن أنواعًا معينة من التمور تُستخدم في صناعة الرُبّ؛ لضمان الحصول على قوامه المثالي، ونكهته الغنية. وإلى جانب استخدامه في المأكولات، يدخل رُبّ التمر أيضًا في بعض الوصفات العلاجية التقليدية، حيث يُعتقد أن له فوائد صحية عديدة.
رغم التطور الحاصل في طرق تحضير الأطعمة، لا تزال صناعة رُبّ التمر تُشكّل جزءًا مهمًا من الموروث الثقافي الجنوبي، ما يعكس تمسّك الأهالي بتقاليد الأجداد، في ظل التحولات العصرية.