بقلم: حسين المسلاتي
أثارت الزيارة الرسمية التي أجراها رئيس أركان القوات البرية بالقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، الفريق صدام حفتر، إلى الجمهورية التركية اهتماما واسعا على الصعيدين المحلي والدولي، خاصة في ظل الاستقبال الرفيع الذي حظي به من قبل رئيس أركان القوات البرية التركي، الفريق أزل سلجوق بيراقدار أوغلو، ووزير الدفاع التركي، يشار غولر.
وتأتي هذه الزيارة في توقيت حساس تمر به ليبيا ومنطقة شرق المتوسط، حيث تشهد البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، خاصة مع تصاعد الأزمات التي تواجه حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وعدم قدرتها على بسط سيطرتها في طرابلس، وسط انفلات أمني خطير ناجم عن تحركات المجموعات المسلحة، ما يهدد بانفجار صراع مسلح قد يعصف بالعاصمة.
في المقابل، تواصل القيادة العامة للقوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر، ترسيخ حالة من الأمن والاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في شرق البلاد وجنوبها ووسطها، مما وفر بيئة جاذبة لانطلاق مشاريع تنموية وإعمارية كبرى، باتت محط أنظار دول كبرى وشركات عالمية.
ويبدو أن زيارة الفريق صدام حفتر إلى تركيا تُعد جزءا من سياسة عسكرية ودبلوماسية جديدة، تهدف إلى تعزيز قدرات القوات المسلحة الليبية من خلال الانفتاح على الدول ذات الخبرات العسكرية المتقدمة، بما ينسجم مع الخطط الاستراتيجية التي تتبناها القيادة العامة لتحديث المؤسسة العسكرية، ورفع كفاءة وحداتها، خصوصا القوات البرية التي تُعد العمود الفقري للجيوش الحديثة.
وتؤكد لقاءات الفريق صدام مع شخصيات دولية بارزة – كاجتماعه مع نائب قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، الفريق جون برينان، في مدينتي بنغازي وسرت، والتدريب العسكري المشترك مع القوات الأمريكية ولقائه مع وزير الدفاع البيلاروسي – أن هناك تحركا مدروسا نحو تنويع الشراكات، بما يخدم المصالح العليا للدولة الليبية.
وقد لقيت جهود القيادة العامة في مكافحة الإرهاب والجريمة والهجرة غير الشرعية إشادة من لجان الخبراء التابعة لمجلس الأمن الدولي، ما عزز من صورة القيادة العامة للقوات المسلحة كمؤسسة مسؤولة وفاعلة في محيطها الإقليمي والدولي.
ويرى مراقبون أن تركيا، التي لطالما دعمت طرفا محددا في الصراع الليبي، بدأت تعيد النظر في مقاربتها، وتفتح قنوات تواصل جديدة مع القيادة العامة، إدراكا منها لحقيقة موازين القوى على الأرض، ولأهمية الفريق صدام حفتر كرقم صعب في أي معادلة سياسية أو عسكرية قادمة، خاصة أن القيادة العامة للقوات المسلحة باتت تمثل “الثلاثية الذهبية”: القوة، التأثير، والفاعلية.
وفي ظل تقاطع المصالح بين أنقرة وبنغازي، يبدو أن الأفق مفتوح لتعاون بناء يخدم مساعي إنهاء الأزمة الليبية، ويفتح الطريق نحو استقرار مستدام وتنمية شاملة، تستفيد منها جميع الأطراف، وعلى رأسها الشعب الليبي.