يشهد الملف الليبي في الآونة الأخيرة تحركات لافتة يقودها الفريق ركن صدام حفتر رئيس أركان القوات البرية في إطار استراتيجية تتبناها القيادة العامة للقوات المسلحة لتكريس لغة الحوار والتعاون وفتح قنوات تواصل فعالة مع مختلف الأطراف الدولية الفاعلة في الشأن الليبي.
زيارات ذات دلالات متعددة
الزيارات الرسمية التي أجراها الفريق ركن صدام حفتر إلى عدد من العواصم كان أبرزها أنقرة، واغادوغو، ونيامي، وإنجمينا، تحمل في طياتها رسائل سياسية وعسكرية واقتصادية تؤكد سعي القيادة العامة للقوات المسلحة إلى إعادة تموضع ليبيا كطرف فاعل في محيطها الإقليمي والدولي.
زيارات حقيقية وتحمل معاني كثيرة وتدل على رغبة حقيقية في توطيد العلاقات وتحسينها في مجالات متعددة منها التعاون العسكري والتنمية والبنية التحتية والاقتصاد.
تركيا: من الخلاف إلى التعاون
أبرز محطات هذه الجولة كانت زيارة الفريق صدام حفتر إلى الجمهورية التركية حيث حظي باستقبال رسمي رفيع المستوى في مقر رئاسة القوات البرية التركية.
وقد عقد سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين في مقدمتهم وزير الدفاع التركي يشار غولر ورئيس أركان القوات البرية الفريق أول سلجوق بيراكتار أوغلو.
وجرى خلال الزيارة بحث سبل تعزيز التعاون العسكري وتبادل وجهات النظر حول قضايا إقليمية ودولية إلى جانب التأكيد على أهمية تطوير العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح البلدين وخاصة فيما يتعلق بالمشاريع التنموية وإعادة الإعمار في الجنوب والشرق وهي المناطق التي تؤمنها القوات المسلحة ما أتاح فرصا جديدة أمام الشركات التركية والدولية للعمل والاستثمار.
زيارة أنقرة لم تكن الأولى من نوعها فقد سبق أن شارك الفريق صدام حفتر في معرض “ساها إكسبو 2024” للدفاع والفضاء بإسطنبول في أكتوبر الماضي وهو ما يعكس تطورا في سياسة تركيا تجاه المؤسسة العسكرية.
العمق الإفريقي.. بوابة الجنوب
إلى جانب الجوار المتوسطي لم يغفل الفريق صدام حفتر البعد الإفريقي حيث أجرى زيارات إلى النيجر وبوركينا فاسو وتشاد التقى خلالها رؤساء الدول ووزراء الدفاع في مسعى لتفعيل التعاون الأمني والعسكري في الحدود الجنوبية لليبيا خاصة مع تنامي التحديات المرتبطة بالهجرة غير النظامية والتهريب ونشاط الجماعات المسلحة.
وفي بوركينا فاسو التقى رئيسها الانتقالي إبراهيم تراوري في العاصمة واغادوغو حيث تم بحث ملف الهجرة وضرورة التنسيق الأمني المشترك. أما في النيجر فقد هدفت زيارته إلى تعزيز العلاقات الثنائية وساهمت في إطلاق سراح عدد من الليبيين المحتجزين لدى سلطات نيامي كما جاءت استكمالا لزيارات سابقة أجراها إلى تشاد كمبعوث خاص من المشير خليفة حفتر.
رسائل واضحة.. وتطلعات وطنية
التحركات التي يقودها الفريق صدام حفتر تعكس نهج المؤسسة العسكرية كشريك مسؤول في بناء الدولة وتؤكد أن أذرعها مفتوحة لكل من يرغب في التعاون وإنهاء الأزمات التي مرت بها ليبيا.
رفع الكفاءة القتالية.. وتخريج دفعات جديدة
على المستوى الداخلي شهد رئيس أركان القوات البرية تخريج دفعة جديدة من كتيبة القوات الخاصة بعد اجتيازهم دورات تدريبية متقدمة في جمهورية بيلاروسيا.
ويأتي ذلك ضمن خطة تطوير شاملة تهدف إلى رفع كفاءة وحدات القوات المسلحة وتعزيز جاهزيتها القتالية وفق أحدث المعايير الدولية.
تحركات الفريق ركن صدام حفتر تبرهن على أن الرجل يتقن لغة الدبلوماسية وإيجاد الفرص بين تقاطع المصالح في الوقت الذي تتطلع فيه ليبيا إلى دور أكثر توازنا في علاقاتها الخارجية واستعادة عافيتها على الساحة الدولية.