طارق الشرع
في مسلسل البطل الذي عرض مؤخرا على شاشة رمضان 2025 والمقتبس من مسرحية زيارة الملكة ؛ قاد الليث حجو بمهارته المعهودة العمل إلى منطقة مختلفة في ذهن المتلقي العربي ، وشخصياً أعتبر (البطل) وجهًا آخر مشرقًا لمسلسل ( الندم ) الذي قدمه حجو عام 2016 بآليات مشابهة، وفي مقدمتها رسائل الحياة والحرب، حينها بصوت محمود نصر ..الرسائل كانت مصدر اختلاف الأعمال و أيقونتها وتميزها بفعل القيم الثقافية والجمالية التي حملتها وطرحتها بطريقة آسرة ، الرسائل في أعمال حجو المذكورة كانت أهم مصادر الإلهام .
.. حجو لايخشى العمل في أجواء الحرب والخوف وإنما يستثمرها لصالح الجوانب الإنسانية، من هنا كان صوت المثقف المنبثق من تجربة الأستاذ الثرية هي دليل العمل للرؤية الإنسانية، كما كان صوت الكاتب في الندم صوت الحق في وجه الظلم الاجتماعي المتمثل في تجربة عائلة بطل (الندم ) ، وعوضًا عن أن تكون عوالم الحرب عائقًا في تصوير الأعمال ، كانت هذه الأجواء داعمة لتطوير القصة بشكل إيجابي، ذاك أن الحرب لاتوجد في هذه الأعمال إلا من خلال أصدائها وتداعياتها على الحياة في سوريا .

وإن كان الندم يدور حول تجربة اجتماعية محددة بعائلة صغيرة، كان البطل يدور حول عائلة أكبر وتجربة أكثر تنوعًا ؛ الأمر الذي شكل ضغطًا أكبر على إنجاز مسلسل (البطل) ، رغم تماثل العملين في أكثر من جانب، وأهمها كما أرى العلاقات الاجتماعية، ومدى تداعيات مأساة الحرب عليها، مثل العلاقة بين الآباء والأبناء ، ففي الوقت الذي نجد الأستاذ في ( البطل ) والتاجر في ( الندم ) رغم التفاوت في ثقافتهم يتجاهلان أحلام وطموحات الأبناء الذكور – باستثناء المحامي الكاتب في ( الندم ) – سيرتبط الآباء بعلاقات حب مميزة مع بناتهم ليتأثر الأب في هذا الشكل من العلاقات بالعراقيل والمآسي التي تعترضهن، الأمر الذي يؤثر على وعي الآباء ، إذ إنّ زوج البنت في ( الندم ) راح ضحية ظلم الأجهزة الأمنية القمعية، بينما ضاع الزوج في ( البطل ) نتيجة الإجراءات التعسفية وقيود تجييش المواطن ، والمحصلة أن مأساة البنات في العملين تطيح بكبرياء الأباء .
من ضمن أهم ماتميزت به أعمال حجو المذكورة كما أتصور الموضوعية في تركيبة شخوص العمل، وبوجه الخصوص في مسلسل ( البطل ) فالأستاذ المثقف بإمكانه أن يكون أنانيًّا ودكتاتوريا ووليد السجن ( فرج ) يحمل داخله الشر والخير بشكل مربك ، وزوجة الأستاذ الصلبة بإمكانها السقوط أمام تهديد رب العمل ، والدكتورة النزيهة سليلة الأستاذ وصوته لاتستطيع الوقوف دائما أمام رغبتها الإنسانية …

وأخيرا لا أظن هذه المساحة تكفي لطرح يتناسب مع قيمة هذه الأعمال .. البطل كما الندم من الأعمال الدرامية المميزة جدا المحملة بالأسئلة كما الجمال وحجو صحبة الطاقم التمثيلي، وفي مقدمتهم الموهبة الفذة محمود نصر، قدموا ما يمكن أن يضيء سيَرِهم الفنية، أما مجنون الدراما بسام كوسا فمنذ أن تابعته لأول مرة لم يخذلني في أي عمل شارك به ، حتى عندما يكون النص ضعيفاً ، بسام كوسا يكفل لك متعة المشاهدة .