وسط الأزقة العتيقة للمدينة القديمة في طرابلس، تنبعث كل مساء أجواء من البهجة والتأمل في ساحة السيدة مريم، حيث يجتمع الناس لمتابعة عرض فني غير تقليدي في الشارع الليبي: مسرح العرائس. بدمى بسيطة وأداء حي، تُروى قصص من واقع المجتمع الليبي تحمل رسائل إنسانية واجتماعية في قالب ترفيهي يلامس الكبار والصغار.
وقد رصدت المنصة تقرير لوكالة “فرانس 24” عن هذا النشاط الثقافي الذي بات يشكل مشهدًا متكررًا في الساحة، حيث تتحول المساحة العامة إلى مسرح مفتوح تقدَّم فيه عروض مسرحية قصيرة، تتناول قضايا مجتمعية، مثل: غلاء المعيشة، تحديات الزواج، وضع المتقاعدين، وغيرها من المواضيع اليومية التي يعيشها الليبيون.


تقول منيرة الغرياني، ممثلة ومخرجة مسرحية: “نحكي كل يوم قصة جديدة من واقع بلادنا… نحاول معالجة مشاكل، مثل: غلاء الأسعار، شروط الزواج، ووضع كبار السن بعد التقاعد، بطريقة فيها حكمة وطرافة”.
ويجد الأطفال متعة بريئة في المشاهد الطريفة، فيما يتأمل الكبار في عمق الرسائل التي تطرحها العروض، كما عبّرت أحلام، إحدى الحاضرات: “الفكرة رائعة… الناس تجمعت، وكل قصة فيها عبرة يمكن أن نتعلم منها”.
أما حسين بي، أحد المتابعين، فيقول: “نحتاج لهذا النوع من الفنون… يمنحنا إحساسًا بالراحة ويوقظ فينا البهجة”.


رغم غياب مسرح العرائس تقليديًا عن المشهد الثقافي الليبي، نجح عدد من الفنانين في إعادة إحيائه كأداة مؤثرة في التعبير المجتمعي. ويقول الممثل المسرحي فتحي بالأشهر: “كل ليلة قصة جديدة… الناس تتوقف وتتابع، وهذا يُعد إضافة جميلة للحركة المسرحية في ليبيا”.
وليس مطلوبًا الكثير من التقنيات المعقدة، فدمية تتحرك على الخشبة كفيلة بإشعال تساؤلات كبيرة حول واقع الناس، لتكون بداية لحوار مجتمعي لا ينتهي.

