بعد مرور 113 عاماً على غرقها المأساوي في مياه المحيط الأطلسي، لا تزال سفينة “تايتانيك” تبوح بالمزيد من أسرارها، ففي عمل وثائقي جديد يحمل عنوان “تيتانيك القيامة الرقمية”، استخدمت شركة ماجلان البريطانية المتخصصة في رسم خرائط أعماق البحار، أحدث تقنيات المسح الثلاثي الأبعاد لبناء نموذج رقمي بالحجم الكامل للسفينة الشهيرة، في محاولة لإعادة سرد اللحظات الأخيرة من حياتها بدقة غير مسبوقة.
التقنيات المتطورة مكنت الباحثين من التقاط أكثر من 715 ألف صورة للحطام من زوايا لم تُر من قبل، كشفت بوضوح كيف انقسمت السفينة إلى نصفين قبل غرقها الكامل في الساعات الأولى من يوم 15 أبريل 1912، كما عرضت الصور ثلاثية الأبعاد مشاهد مؤثرة من غرفة الغلايات، حيث أكد البحث أن المهندسين استمروا في العمل حتى اللحظة الأخيرة للحفاظ على إضاءة السفينة، وهو ما أنقذ حياة مئات الركاب.
وبحسب محاكاة رقمية أجراها الباحثون، فإن ثقوب صغيرة بحجم ورقة A4 انتشرت على طول هيكل السفينة، تسببت في تسرب المياه تدريجياً إلى الحجرات، مما أدى في النهاية إلى غرق السفينة.
وقال المهندس البحري سايمون بنسون من جامعة نيوكاسل لهيئة الإذاعة البريطانية، إن هذا التسرب البطيء والمستمر كان السبب الأساسي في الكارثة التي راح ضحيتها أكثر من 1500 شخص.
اليوم، ترقد بقايا “تيتانيك” على بعد نحو 350 ميل بحري من سواحل نيوفاوندلاند الكندية، وقد بدأت بالتحلل السريع بسبب البيئة القاسية في أعماق البحر، ما دفع العلماء للتحذير من أنها قد تختفي بالكامل خلال الأربعين عاماً المقبلة.
يُذكر أن الحطام لم يُعثر عليه إلاّ في 1 سبتمبر 1985، أي بعد أكثر من سبعة عقود من غرقها، وكان اكتشافه حدثاً هزّ وسائل الإعلام العالمية حينها.
الفيلم الوثائقي يُعد نقلة نوعية في توثيق الكارثة البحرية الأكثر شهرة في التاريخ، ويعيد تسليط الضوء على تضحيات الطاقم، والدراما الإنسانية التي عايشها ركاب “تيتانيك” في تلك الليلة القاتلة.
