الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-04-20

1:56 صباحًا

أهم اللأخبار

2025-04-20 1:56 صباحًا

ظاهرة حرمان النساء من الإرث في المجتمع الليبي

ظاهرة حرمان النساء من الإرث في المجتمع الليبي

بقلم المستشار جمعة عبدالله بوزيد

تردني أسئلة كثيرة من نساء حرمن من حصولهن على نصيبهن في التركة من مورثيهن بحيث أصبحت ظاهرة تستدعي إخضاعها للنقاش ويكون ذلك في صور مختلفة منها انه لا توزع التركة بعيد وفاة المورث ويترك الأمر على ما هو عليه لسنوات طويلة وتكون كل اعيان التركة او بعضها تحت سيطرة بعض الأبناء وبمضي مدة طويلة دون مناقشة التركة يتمسك بها حائزها واحيانا يدعي الابن ا لحائز انه كان شريكا لوالده أو انه اجرى عليها تحسينات وصيانات كلفته أموالا كثيرة واحيانا يحصل على توكيل في البداية من جميع الورثة لإنهاء الإجراءات ثم يقوم ببيع العقار .. وتجد المرأة نفسها محرجة ان طالبت بحقها قد تخسر أخوتها وان سكتت ضاع حقها فإن أعطيت بالمطالبة العائلية لا تعطى حقها بل تعطى نصيبا زهيدا .

وقد لا يُصدق البعض أن المجتمع الليبي المسلم بلد المليون حافظ يقبل بحرمان المرأة من الإرث، ولكن للأسف هذه حقيقة واقعة، خاصة في العقارات، من خلال بعض الحيل المخالفة للشريعة الإسلامية. ففي المنطقة الشرقية، يطبّقون قاعدة معروفة منذ أكثر من مائتي سنة تُنسب لأحد مشايخ البدو يُدعى “عمر بوجلغاف”، وهي: “المرأة لها بيتها وما ضم وراسها أو ما لم”. ويُقصد بهذه العبارة أن للمرأة الحق في أثاث البيت، والذهب أو الفضة التي تلبسها على رأسها، والتي غالبًا ما تكون مهرها.

أما في المنطقتين الغربية والجنوبية، فيتحايلون على حق المرأة في الإرث من خلال الوقف على الذرية، حيث يقوم الرجل بوقف عقاراته على أبنائه الذكور دون الإناث، وإن نزلوا (أي أبناء الأبناء) دون البنات، فتحرم الإناث من ذريته. وعلى الرغم من أن هذا الرأي يستند إلى اجتهاد فقهي ضعيف في مذهب الإمام مالك، إلا أن فقهاء المذاهب الأخرى، وكذلك غالبية فقهاء المذهب المالكي، يُسمّونه “الوقف الجَنَف” أي الظلم. ومع ذلك، فقد طُبق هذا النوع من الوقف على نطاق واسع.

وفي الحالتين، يُستغل ضعف المرأة وعدم قدرتها على المطالبة بحقوقها في مواجهة الذكور، وفقًا للعادات الاجتماعية التي لا تقبل بذلك. وما دفعني لكتابة هذا المقال هو ما سمعته عن رجل قام ببيع قطعة أرض ورثها عن والده بسبعة ملايين دينار، وأعطى كل واحدة من أخواته الثلاث ألف دينار “جبر خاطر”، كما يسمونه في العُرف.

• كان هذا الأمر شائعًا أكثر قبل ستينات القرن الماضي، مما دفع الملك إدريس -رحمه الله- إلى عرض الموضوع على مجلس النواب، الذي أصدر القانون رقم (6) لسنة 1959 بشأن حماية حق النساء في الإرث، وهو ما زال ساري المفعول إلى اليوم، وإن لم نجد له صدى في التطبيق العملي.

وقد نص القانون في مادته الأولى على: “يكون ميراث النساء وتعيين أنصبتهن طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية”.

أما المادة الثانية فقد نصّت على: “لا يجوز الامتناع عن أداء ما تستحقه المرأة من نصيب في الميراث. ويُقصد بالامتناع عدم تسليم المرأة نصيبها في الميراث أو الحيلولة دون انتفاعها به أو تصرفها فيه أو حبس غلته عنها أو عدم تمكينها من مباشرة ما للمالك من حقوق أخرى على ملكه، بشرط أن يكون استحقاق المرأة ثابتًا سواء بالإقرار أو بصدور حكم نهائي من جهة مختصة”.

في حين نصّت المادة الثالثة على: “إذا نازع واضع اليد على التركة في حق المرأة في الميراث أو في نصيبها فيه، وجب عليه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ مطالبة المرأة بحقها أن يحضر إلى المحكمة المختصة للفصل في النزاع، وإلا اعتُبر مُقرًا بحقها في الميراث”.

ونصّت المادة الرابعة على: “كل ميراث استحق لأية امرأة في الفترة من 25 ديسمبر سنة 1951 حتى العمل بهذا القانون يجب أداؤه إليها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به إذا كان الميراث غير متنازع فيه”.

أما المادة الخامسة فقد نصّت على: “كل مخالفة لأحكام هذا القانون يُعاقب عليها بالحبس مع الحكم بأداء ما تستحقه المرأة من ميراث”.

• عند مناقشة بعض مشايخ القبائل حول مشروعية تطبيق قاعدة “المرأة لها بيتها وما ضم وراسها وما لم”، كان ردهم أن أراضي القبيلة حصلوا عليها وحافظوا عليها مئات السنين بقوة السلاح، وإذا قُسّمت على النساء اللاتي يتزوجن من رجال ليسوا من القبيلة، فسيؤدي ذلك إلى توزيع أراضي القبيلة على قبائل أخرى، مما يهدد بفقدان القبيلة لمصدر رزقها، وقد يخلق نزاعات مع القبائل الأخرى قد تتطور إلى حروب.

• أما في المنطقة الغربية، فقد ألغى القانون رقم (16) لسنة 1973 بشأن إلغاء الوقف على غير الخيرات هذه الحيلة. ونصّت المادة الأولى على: “لا يجوز الوقف على غير الخيرات. ويُعتبر منتهيًا كل وقف لا يكون مصرفه خالصًا لجهة من جهات البر”.

وفي المادة الثانية نصّ القانون على: “تؤول الأعيان التي انتهى الوقف فيها إلى الواقف إذا كان حيًا وكان له حق الرجوع في الوقف. وإن لم يكن حيًا آلت الملكية إلى المستحقين الحاليين كلٌ بقدر حصته”.

• رغم صدور القوانين التي تمنع حرمان النساء من الإرث وإلغاء الوقف على الذرية، إلا أن هذه الممارسات ما زالت قائمة في الواقع العملي، مستندة إلى ضعف المرأة وجهلها بحقوقها، وسلطة المجتمع الذكورية.

• أما من الناحية الشرعية، فإن حرمان المرأة من الإرث يتناقض بوضوح مع نصوص القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى:

“يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ…” (النساء: 11).

كما جاء في الحديث الشريف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم”، وأكد أن تخصيص الذكور دون الإناث جَوْر وظلم.

تحريم النساء من الإرث أمر مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، وقد وردت نصوص قرآنية توصية تقرر حق المرأة في الميراث، حيث يضع الله للنساء نصيبًا محددًا في التركة وفقًا لما ذكره في كتابه الكريم.

قال الله في سورة النساء (آية 7):

“لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ”. نَصِيبًا مُفْرُوضًا”.

وقد خص الله أن ترث الورثة، ومن ذلك نصيب الزوجة، والبنت، والأم والجدة ، والأخت، وغيرها من النساء، وأي منع أو حرمان للمرأة من إرثها هو ظلم محرم شرعًا،هو تعد بشكل دائم على حدود الله.

كما جاء في سورة النساء (آية 13-14):

“تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.” وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ

وفي الختام، أرى أن حرمان الإناث من حق شرعي منحه الله لهن يُعد من الكبائر، ولا تُقبل معه صلاة ولا صيام ولا حج ولا غيرها من الأعمال الصالحة. أما حجتهم في الحفاظ على أراضي القبيلة فهي مردودة؛ لأن المجتمع العربي في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان مجتمعًا قبليًا أيضًا، ومع ذلك طبّق أحكام الله بعد نزول آيات المواريث.

هذا الموضوع مطروح للنقاش، ويجب اتخاذ إجراءات عملية لحماية حق النساء في الإرث، وهو حق مهدور في مجتمعنا. وعلى كل حال فإن القانون يحمي حق النساء في الإرث عند اللجوء للقضاء .

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications