فاطمة نصر
التسويق شطارة! ومدارسه وإستراتيجياته مهما تشابهن أو اختلفن؛ نتيجتهن وحدة وهي إنك تكون بيّاع شاطر، إلا أنّ شطارة البيع والتسويق في بلادنا اتّخذت طابعًا جديدًا كليًّا، طابع خلقته الأزمات اللامتناهية، واستمد أنجع إستراتيجياته من معاناة المواطن.
بمجرد تجديد مصرف ليبيا المركزي التذكير بالموعد النهائي لسحب العملة من فئة الخمسين دينارًا بعد عدة تمديدات؛ أصابت حالة الهلع والجنون الجميع، مواطنين وتجّار.. فلا ريب أن جميعنا كان في غفلة، فالموعد لم يأت مباغتة وسبق الإعلان عنه وإرجاؤه عدة مرات.. إلا أنه فجأة تحول المال من نعمة إلى نقمة، والمواطن الذي تسلم راتبه منذ أيام بفئة الـ 50 دينارًا، يريد أن يتخلّص منه بأي طريقة، أما التاجر الذي سيودعها في حسابه في آخر المطاف ولن تشكّل له أي خسارة؛ بات يرفضها وينفر منها.
عند تصفحك لحساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام حتمًا ستصادفك صورة ورقة الخميسين، مصحوبة بتعليقات مختلفة، أحيانًا مبشّرة وأحيانًا أخرى منفّرة، ولنفصّل الأخيرة قليلًا فهي بعنوان: “سامحونا معش نقبلوا فيها”.. “للأسف ممنوع الدفع بورقة خمسين”، “بكرة آخر موعد لقبول ورقة الخمسين منعًا للإحراج”.. ليس هذا فحسب فورقة الخمسين، أضحت مذنبة ومحكوم عليها فهي من الممنوعات والمحظورات؛ فقد وضع على صورتها إشارة الحظر والمنع الحمراء، وشطب عليها بالقلم الأحمر كناية عن رفضها.
على الجانب الآخر، هناك من انتهز الفرصة للترويج لبضاعته الراكدة، مبشرًا المواطنين بأنه لا داعٍ للقلق من ورقة الـ 50 دينارًا التي بحوزته، فهو يقدم عروضًا وفرصًا شرائية غير مسبوقة لمن يحمل ثقل همّ أوراق الخمسينات التي بحوزته: فبورقة الخمسين الواحدة بإمكانك شراء حقيبة، أو قميص، وهي عروض باتت نادرة في ظل أزمة ارتفاع الأسعار المتواصلة، مما يشكك في مصداقية هذه العروض، ويشكك أيضًا في جودة المنتجات التي تباع تحت شعار: “عندك ورقة 50؟ درنالك عروض تعال وخوذ”.