ألقى النائب العام المستشار الصديق الصور كلمة مهمة خلال لقائه بأعضاء النيابة العامة الجدد رصدتها المنصة، كشف فيها عن تطورات جوهرية في عمل النيابة، وإجراءات غير مسبوقة لضبط منظومة العدالة في البلاد. وأكد أن الجرائم لا تسقط بالتقادم، وأن العدالة ستطال الجميع مهما طال الزمن.
وأشار المستشار الصور إلى أن آلاف الأحكام القضائية الصادرة في فترات سابقة بدأ تنفيذها، بما في ذلك أحكام مرَّ عليها أكثر من 15 و20 عامًا، موضحًا أن هناك خطة جادة لتفعيل هذه الأحكام المتراكمة، وإعادة الاعتبار لهيبة القانون، ومشدّدًا على أن لا أحد فوق العدالة.
وفي هذا السياق، أعلن عن تنفيذ أكثر من 18 ألف حكم قضائي فعليًا حتى الآن، لافتًا إلى أن هذا الإنجاز لم يتحقق حتى في فترات الاستقرار قبل عام 2011. وقال:
“اليوم أصبح القضاء قادرًا على تنفيذ الأحكام، وعادت هيبة النيابة العامة بشكل ملموس، وهو ما يمثل رسالة واضحة بأن لا جريمة دون عقاب.”
كما كشف أن لدى المحامي العام بطرابلس أكثر من 56 ألف حكم قضائي لم تُنفذ بعد، وكثير منها يعود إلى أكثر من ثلاثين عامًا، مشيرًا إلى أن ملفات عديدة كانت “مدسوسة” ولم تُفتح أو تُتابع، معتبرًا أن ما يحدث حاليًا هو خطوة كبيرة نحو إحقاق الحقوق وتحقيق الردع العام.
شدد الصور على أن: “الفرصة لا تتكرر، وإذا جاءك الشاهد أو المجني عليه أو حتى الضحية، فلا مجال للتأجيل… لأن كثيرًا منهم قد لا يعود.”
وأوضح أن بعض الشكاوى والملفات لا تحتمل التأخير، خاصة حين تكون مرتبطة بضحايا أو شهود يصعب الوصول إليهم مرة أخرى، مشيرًا إلى أن العدالة السريعة والمنصفة هي حق لكل مواطن.
وأشار إلى أن الوضع الأمني المعقّد في بعض المناطق يتطلب التعامل السريع واحترام وقت المواطنين، وأن على وكلاء النيابة التحرك ميدانيًا حين تقتضي الضرورة، وعدم الاكتفاء بالإجراءات المكتبية.
وأضاف أن المكتب أنشأ وحدة فنية مختصة بعمليات الرصد والمتابعة، تضم عناصر من الضبط القضائي وضباط الشرطة، تتابع تنفيذ أوامر القبض في مناطق مثل البيضاء، بنغازي، مصراتة، الزاوية، وسبها.
وأكد الصور أن المنظومة الرقمية الحديثة سهّلت عملية الاستيفاء، قائلاً: “بمجرد إدخال اسم المطلوب تظهر البيانات والموقع، وهذا ما لم يكن متاحًا حتى في فترات الاستقرار الأمني السابق.”
وأكد أن تطور المنظومة الرقمية لدى النيابة العامة أتاح تتبع المطلوبين في قضايا الجريمة المنظمة وتجارة البشر في مختلف أنحاء ليبيا، وأن الإدراج في هذه المنظومة أصبح أداة فعّالة لتسريع عمليات القبض والتنفيذ. وأوضح أن النتائج بدأت تظهر في بنغازي وسبها والبيضاء، بفضل التعاون مع الجهات الأمنية والعسكرية.
وأكد الصور أن المنظومة الرقمية الحديثة سهّلت عملية الاستيفاء، قائلاً: “بمجرد إدخال اسم المطلوب تظهر البيانات والموقع، وهذا ما لم يكن متاحًا حتى في فترات الاستقرار الأمني السابق.”
وكشف أن الوحدة المختصة نجحت في كشف قضايا نوعية، منها قضية تهريب مخدرات بوزن 25 طنًا، بالإضافة إلى ضبط عناصر من شبكات الاتجار بالبشر كانت تعمل عبر الحدود.
كما نوّه إلى أن مكتب النائب العام مفتوح على مدار الساعة لتلقي البلاغات من المواطنين، سواء عبر الهاتف أو الحضور المباشر، مشددًا على ضرورة تفاعل أعضاء النيابة مع كل حالة على حدة، وتقديم الدعم القانوني الفوري.
وفي مفاجأة صادمة، كشف النائب العام عن وجود عناصر أمنية تتقلد مناصب عليا رغم صدور أحكام قضائية ضدها، من بينها لواء في وزارة الداخلية أُدين بقضية سرقة عام 2009، وصدر الحكم بحقه في 2010، إلا أنه استمر في الترقّي داخل الوزارة. وأكد أن هذه الحالات لن تمر دون محاسبة.
وردًا على الانتقادات التي تُوجّه للنيابة العامة بشأن إطالة فترات الحبس الاحتياطي، أوضح المستشار الصور أن هذه الانتقادات، التي تصدر من بعض المنظمات الحقوقية، لا تراعي الواقع الأمني والمؤسسي المعقد في ليبيا.
وأضاف أن الحبس الاحتياطي شُرِّع للبحث عن الحقيقة، إلا أن النيابة تواجه واقعًا صعبًا، حيث إن المؤسسات التأهيلية غير قادرة أو خاضعة لسيطرة مليشيات، والجهات المنفذة لأوامر التحقيق إما غير فعالة، أو خائفة، أو مرتبكة، خاصة في القضايا التي تمس شخصيات ذات نفوذ.
وأشار إلى أن تمديد الحبس الاحتياطي في بعض الأحيان يصبح ضرورة اضطرارية لحماية مسار العدالة، في ظل غياب بيئة تحقيق آمنة ومستقرة.
وأكد النائب العام على أن نجاح النيابة العامة مرهون بالتعاون والتكامل والعمل بروح الفريق، مشددًا على أن النيابة العامة اليوم تعمل بقلب واحد وهدف واحد: تحقيق العدالة، وإنهاء الإفلات من العقاب، وإعادة هيبة الدولة والقانون.
وختم النائب العام كلمته بقوله: “نحن لا نعمل في جزر معزولة قوتنا في التعاون، والتكامل، والعمل الجماعي ومادام هدفنا واحد وعدالتنا واضحة، فسننتصر للحق مهما كانت الظروف.”