الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-07-01

6:09 صباحًا

أهم اللأخبار

2025-07-01 6:09 صباحًا

( مسرحية ) . رحلة باطوس _ اللوحة الخامسة والأخيرة

( مسرحية ) . رحلة باطوس _ اللوحة الخامسة والأخيرة

محمد العنيزي

( منظر غابة وأشجار وخيمة يقيم فيها الثيرانيون بعد وصولهم من رحلتهم البحرية ..

وبعض الرجال يقومون بالتجول وجمع الحطب..فيما يتبادل باطوس الحديث مع فيدون )

باطوس : (بحماس )

وأخيرا يا فيدون وجدنا هذا المكان الملائم ..سنقيم هنا وننعم بخيرات هذه الأرض..

فيدون :

حقا إنه مكان جميل وبه نبع ماء وأرض خصبة..

ولكن ألا تخشى من القبائل المجاورة لنا يا باطوس ؟..فنحن أغراب بالنسبة لهم وربما

لا تروق لهم إقامتنا هنا ؟

باطوس :

لا يا فيدون ..فطالما أننا نعيش وسطهم مسالمين لا نؤذي أحدا..ولا نعتدي على أحد ..فلن ينالنا منهم أذى..بل على العكس من ذلك..فهم سيعاملوننا بكل مودة..

فيدون : ( بشيء من القلق )

لست مطمئنا يا باطوس..فعددنا قليل..وأنا لا أستبعد أن تقوم هذه القبائل بالإغارة علينا إذا ما أقمنا وطنا هنا بجوارهم..

باطوس :

لا تنسَ أننا سنعاملهم بالحسنى ونتقرب إليهم..دون أن يبدو علينا أننا سنقيم وطنا هنا..فنظهر أمامهم كمجموعة مهاجرة جاءت من أجل العيش..ثم نرسل إلى أهل ثيرا فيتوافد المهاجرون بأعداد كبيرة..ويزداد عددنا..وتكون لنا عصبة قوية..حينها سنقيم

الوطن الموعود..

فيدون :

والأهم من ذلك كله هو التوسع في الأرض..سوف نقوم بزراعة الأرض وشيئا فشيئا

نزداد في التوسع..

باطوس : 

صدقت في قولك..وأنا أوافقك الرأي..يبدو لي أن رأيك سديد..فالتوسع في زراعة الأرض خطوة أولى نحو السيطرة..ومن ثم البناء والتشييد..( ثم بحماس )

ستتوافد أفواج الثيرانيين إلى أرض قوريني..ويعمرون الأرض بالزرع والنسل..

( ثم يتوقف عن الحديث وهو ينظر إلى رجل قادم في اتجاههما ..هيئته مختلفة عنهم )

القادم : ( مبتسما )

مساؤكما سعيد..

باطوس :

ومساؤك أيضا..

القادم :

أنا أدعى فريكتيس من قبيلة الأسبوستاي..وأقطن هناك وراء تلك الهضبة (ويشير بيده في اتجاه الغابة )..اشتغل بالزراعة ورعي الأغنام..( ثم وهو يتأملهما )

لابد أنكما من المهاجرين الجدد..الذين قدموا من وراء البحر..

باطوس :

أجل..فنحن جيرانكم الجدد..سنقيم في جواركم..ويسعدنا ذلك..فأنتم أناس كرام..

لقد جئنا من جزيرة  ثيرا..وأنا أدعى باطوس..وهذا صديقي فيدون..

القادم :

مرحبا بكم فالأرض هنا واسعة..وبإمكانكم العيش قرب نبع الماء..والاستفادة من خصوبة الأرض وتربية الماشية والأبقار..لن تكون أمامكم أية صعوبة في العيش

فيدون :

أيها الرجل الطيب فريكتيس..هل لك أن تخبرنا عن محاصيل هذه الأرض المعطاءة ؟

القادم :

إنها أرض طيبة  تربتها من ذهب..تنمو فيها أصناف عديدة من النباتات..والأمطار في هذا الإقليم غزيرة..بإمكانكم أن تزرعوا الكروم والزيتون والفواكه والقمح وغيرها..

باطوس : ( بدهشة وهو ينظر إلى القادم )

حقا إنها لأرض معطاءة..

القادم :

لعلك لا تصدق إذا قلت لك أن في هذا الإقليم تتواصل مواسم جني المحاصيل على مدى ثمانية أشهر..

فيدون :

وكيف ذلك أيها الجار الطيب ؟

القادم :

موسم لِجني المحاصيل في السهل..ثم موسم لجني محاصيل المنطقة الوسطى..ويأتي بعده موسم لِجني محاصيل الأرض المرتفعة..

باطوس :

رائع..هذا رائع جدا..

القادم :

من حسن حظكم أنكم ستقيمون في هذا المكان..أتمنى لكم حظا سعيدا..أنا مضطر للانصراف الآن ..فسألحق بقطيع أغنامي في الوادي..

فيدون : ( مبتسما )

شكرا لك أيها الرجل الشهم..

باطوس :

سررنا بالتعرف عليك..ولنا لقاء آخر

القادم :

إلى اللقاء..سأراكم لاحقا..

( ينصرف القادم ويعود باطوس للحديث مع فيدون فيما تستمر حركة الرجال خلفهم )

باطوس :

ما رأيك في كلام ذلك الإسبوستايي..لقد قال إن من حسن حظنا أننا سنقيم هنا ..

فيدون : ( بفلسفة )

إنها إرادة الآلهة التي لم تخطيء في اختيار هذا المكان..لابد وأن إلهنا أبوللو قد طاف

بجميع أنحاء الأرض..ورأى بعينيه طبيعة الأماكن التي زارها..

باطوس : (مؤكدا )

وقد اختار لنا هذه البقعة بالذات لخصوبتها وقرب موقعها من جزيرة ثيرا..

 فيدون :

بالطبع فهي أقرب مكان خصيب ومناسب لنا..

باطوس : ( بانفعال )

أشعر أنني أقف فوق أرض من ذهب..سنبدأ العمل يا فيدون..لا وقت نضيعه..أجمع الرجال ليشمروا عن سواعدهم..هيا..

فيدون :

أمرك يا قائد هذه المجموعة..سأناديهم في الحال..( ثم ينادي بصوت عال )

أيها الرجال..تجمعوا ..تحركوا بسرعة

ليحضر الجميع أمام باطوس قائد المجموعة..هيا تحركوا..

( يتجمع الرجال ويقف باطوس أمامهم  مخاطبهم )

باطوس :

أيها المغامرون الشجعان..

لقد شاءت إرادة الآلهة أن نقيم وطننا الموعود هنا..تسلحوا بالإرادة..ولا تضيعوا الوقت..سنبدأ العمل منذ الآن..توزعوا في جماعات وتعاونوا..ابدأوا بفلاحة الأرض..

واجمعوا الصخور التي ستلزم للبناء..سنبدأ بإقامة معبد لإلهنا ابوللو..

اعملوا أيها الشجعان من أجل مجد وطنكم……..

ليكوس : ( وهو يقاطع باطوس بغضب )

مجد وجاه لك وحدك يا باطوس..وشقاء وتعب للآخرين..

أين العدالة في المجيء بنا مكرهين إلى هذه البلاد ؟

ومن أجل من سيقام الوطن المزعوم ؟

إنها ليست أرضنا ولن نهنأ فيها أبدا………

باطوس : ( يقاطعه بغضب )

ما هذا الكلام الذي أسمعه؟..عجيب أمرك يا ليكوس( ثم موجها كلامه إلى المجموعة ) ..هل تسمعون ما أسمع أيها الرجال ؟

( ترتفع همهمات الرجال..ويصيح باطوس فيصمت الجميع ويتوجه بحديثه إلى ليكوس رافعا سبابة يده )

إنني أحذرك من عاقبة كلامك..وأمام الجميع..لقد أقسمت أمام المعبد يا ليكوس..فهل أصابك مس أو خبل في عقلك ؟

ليكوس :

بل أجبرنا جميعا على أداء القسم ونحن كارهون…..

( ترتفع أصوات وهمهمات الرجال ويسود الهرج..فيتدخل فيدون )

فيدون : ( موجها كلامه إلى ليكوس )

أصمت أيها الأحمق..هذا نكث للعهد..وخروج عن إرادة الجماعة..لابد أنك جننت يا ليكوس..

ليكوس : (بثقة وتأكيد )

بل أنا في أفضل حالاتي..وفي كامل قواي العقلية…

( ثم يوجه كلامه إلى المجموعة )

هذه مغامرة خاسرة أيها الرجال..لا تنساقوا وراء كلام باطوس المعسول..الأرض ليست أرضكم..وستطردكم منها القبائل التي تعيش في الجوار………….

فيدون : ( مقاطعا ليكوس )

هذه خيانة ..هذه خيانة

يا أبناء ثيرا..لقد حدث كل شيء أمام أعينكم..وهذا الرجل خائن (يشير إلى ليكوس )

ولا مكان للخائن بيننا..

باطوس : (مؤكدا )

لقد سمعتم ما قاله هذا الرجل ..( يشير إلى ليكوس ) ..إنه يقف ضد مشيئة الآلهة..

وينقض العهد الذي قطعه على نفسه..ويسعى إلى الفتنة…

ليكوس :

أعرف أنك ستتهمني بالخيانة يا باطوس..والخروج عن أمر الجماعة..وعصيان الآلهة

لكني لا أهتم لذلك حتى لو كان الموت مصيري..

باطوس : ( مخاطبا الجميع )

لقد جئنا جميعا تنفيذا لرغبة إلهنا أبوللو..وقد رأيتم أيها الرفاق كيف بارك الإله الرحلة

وكانت مركبنا تشق عباب البحر بسلام حتى وصلنا آمنين مطمئنين..وبعد وصولنا إلى بغيتنا..يجرؤ مثل هذا المارق الذي نقض العهد ( يشير إلى ليكوس)..ويتحدى إرادة الآلهة..( يرفع يديه إلى السماء )

إلهنا يا مبارك رحلتنا..لا تغضب علينا بسبب عاص متمرد..

أيتها السماء ارفقي بنا..ولا تنزلي لعنتك علينا..

(  يرفع الجميع يديهم إلى السماء يرددون الأدعية ما عدا ليكوس )

الرحمة يا إلهنا ..لا تغضب علينا..الرحمة يا إلهنا..لا تغضب منا..

( ثم يتدخل فيدون وهو يشير للجميع بالإصغاء )

فيدون :

أيها السادة..إن العدالة تقضي بأن يجازى المرء على قدر ما يقوم به من أعمال..

( ثم وهو يشير إلى باطوس )

وها هو الرجل الذي اختارته الآلهة ليكون ملكا على قوريني الوطن الموعود..وهو الوحيد المخول من الآلهة لينطق بالحكم العدل في حق هذا الخائن المارق (يشير إلى ليكوس)

ليكوس : ( باستهزاء )

ها..ها..ها..ها..ها..ها.. لقد أضحكتني يا فيدون .. أي ملك هذا الذي تتحدث عنه ؟

هل العدالة تقضي بأن نتشرد ونترك عائلاتنا ..من أجل إقامة مجد لثيرا وكرسي

لباطوس وحاشيته التي سيتخذها ؟

فيدون :

كل هذا من أجل سعادتنا ياليكوس..سنعيش سعداء في هذه الأرض..

ليكوس :

أنت نذل يا فيدون ..وكذلك باطوس وكل من يوافق هواكما..ولا مكان للسعادة في قلوب الأنذال..لأن قلوبهم دهاليز مظلمة..

باطوس : ( يتدخل غاضبا وهو يحدث ليكوس )

لقد تطاولت وتجاوزت الحد..ولم يعد أمامنا إلا القصاص منك أيها الشيطان اللعين..لأنك تسعى لإفساد عقول الرجال..

ليكوس : ( بسخرية )

أقم علي الحد أيها الملك الموعود ..هيا أأمرهم أن يقتلوني باسم الآلهة العادلة..

( ثم بجدية وبصوت مرتفع )

إن لم أمت مقتولا ..فسأموت لامحالة مختنقا بفكرة إقامة وطن وعدتنا به الآلهة..

باطوس :

يارجال..أأمركم أنا باطوس قائد هذه المجموعة..باسم الإله أبوللو مؤسس المدن والمستعمرات..أن تقيدوا هذا الخائن المدعو ليكوس..وليقطع رأسه بالسيف جزاء لخيانته..

ليكوس : ( وهو يصيح فيما تتقدم مجموعة من الرجال وتقتاده )

اللعنة عليك يا باطوس..اللعنة عليك

ستلفظكم هذه الأرض..ستلفظكم هذه الأرض..ستعودون إلى البحر من حيث أتيتم..

اللعنة عليك يا باطوس..اللعنة عليك

( تقوم المجموعة بحركات تعبيرية مع صوت موسيقى تصويرية وتغير في الإضاءة

حيث توحي الحركات بالقيام بقطع رأس ليكوس بالسيف )

إظلام

( تضاء خشبة المسرح وتظهر المجموعة تؤدي حركات تعبيرية تدل على الزراعة والبناء..ويبدو منظر مدينة يونانية بها أعمدة كبيرة ومدخل على شكل قوس وعلى جانب الخشبة مكان مرتفع قليلا به كرسي..

يدخل فيدون ويتجمع حوله الرجال..ويقرأ أمامهم لوح المؤسسين  .. )

فيدون :

              إلهنا يا طالعنا السعيد

حيث أن الثيرانيين قد وجهوا حملتهم الاستيطانية إلى قوريني بناء على أوامر أبوللو

مؤسس المدن والمستعمرات..وبالنظر إلى الالتماس المقترح من جانب المهاجرين الثيرانيين..بشأن منحهم حق المواطنة طبقا للبروتوكولات التي اتفق عليها أسلافنا..لما فيه ازدهار الدولة وخير شعب قوريني..

وحيث أن أبوللو قد ضمن لباطوس وللثيرانيين الذين أنشأوا قوريني أن يعيشوا في رخاء ما ظلوا أوفياء للأيمان التي أقسموها..

بمشيئة الشعب…

سيتمتع الثيرانيون في قوريني بحقوق مدنية كاملة..بصفتهم أصحاب هذه الأرض الشرعيون..

ينقش هذا المرسوم على لوح من المرمر الأبيض..ويودع بمعبد أبوللو..

( يشير فيدون للرجال أن ينصرفوا فيتفرق الجميع ويدخل أبوللو وقوريني ويدور هذا الحوار بينهما )

أبوللو :

تأملي ياحورية السهول الخضراء..هذا هو الوطن الموعود..إنها مدينة قوريني..مدينة الرخاء والسعادة..

قوريني : ( مبتهجة )

لقد أسعدت قلبي يا أبوللو..وحققت أمنيتي ..وكنت عند وعدك..

أبوللو :

من أجل عينيك يا قوريني أهب أبناء ثيرا هذه الأرض..بل أهبهم العالم أجمع..

قوريني :

سيعيش أبناء ثيرا عالقين بتربة هذه الأرض التي تمنحهم الخيرات والنعم..

سوف يتكاثرون وينجبون أولادا تتفتح أعينهم على سماء قوريني…

(  يدخل الرجال تباعا..ويتجمعون فوق الخشبة فيما تواصل قوريني حديثها )

سيتعلقون بالأرض..ويزدادون عشقا لها..فيتجذر عشقهم مثل شجرة تنمو وتنمو..

وتمتد جذورها فتصمد في وجه الرياح..

ستزداد أعداد المهاجرين فتقوى عصبتهم ويقيمون دولة قوية………..

(يدخل باطوس وهو يرتدي التاج فوق رأسه..وتتوقف قوريني عن الحديث

وتكتفي بالتأمل هي وأبوللو من بعيد..فيما يجلس باطوس على الكرسي ويصيح أحد الرجال ..)

الرجل :

فليحيا باطوس الأول ملك قوريني

( يدخل رجل آخر يحمل في يده مجسم لنبتة السلفيوم..يتقدم ناحية باطوس..ينحني أمامه ويقدم له المجسم..فيرفع باطوس المجسم بين يديه ويرتفع صوت الرجل )

الرجل :

يحيا باطوس الأول..الذي جاء من أجل العدالة

يحيا باطوس الأول..الذي جاء من أجل الحرية

(  يدوي صوت قوي في المسرح..وتتغير الإضاءة  ويرتبك الجميع )

الصوت :

       ستلفظكم الأرض..وتعودون

       ستلقيكم إلى البحر الذي جئتم منه..

       ستلفظكم الأرض..وتعودون

      ستلقيكم إلى البحر الذي جئتم منه..

(( ستار أخير ))

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة