إبراهيم الكوني
استفهم عن سرّ هوس الإنسان بارتياد الآفاق !!
فأجابت : بأن ما تعلمه هو أن على الإنسان .. أن يهجر أي أرض عمّها السوء .. ولكن الجواب لم يقنع الفرعون العظيم.
فابتسم وقال : إن الهجرة في الإنسان طبع .. وهي لهذا أقوى حتى من السوء .. بدليل أننا نرى أناساً يهيمون على وجوههم في البريّة .. حتى إذا عدموا وجود البرّ .. احتالوا باستقطاع حطبة من شجر .. لتكون لهم عوناً في ركوب الغمر !
من اختار أن يعيش طليقا في الصحراء فعليه أن يتولى أمره بنفسه.
ها نحن نتقارب .. اسمع .. اسمعني جيدًا. إن الإنسان الذي يختار حياة الصحراء لا ينبغي عليه أن يعتمد على أحد. لأنه لا يخضع لسلطة أحد .. إنه يتمتع بكل حريته، حتى إنه لا يعرف ماذا يفعل بهذه الحرية غير الركض خلف الغزلان أو مطاردة السراب، وعندما يدركه العجز والعطش فعليه أن يعتمد على نفسه في إنقاذ نفسه .. عليه أن يدفع ثمن الحرية الكاملة التي يتمتع بها بفضل التحرر من السلطة .
” نعم هي مخيفة وموحشة… ولكنها كالحياة .. كالوجود نفسه .. سر من أسرار تبدو غارقة في الوحشة والسكون .. تعدك بكل شيء … تعدك بأثمن ما يمكن أن تهبه لمسافر تائه .. تعدك بالماء .. وعندما تبحث عن الماء لا تجد سوى السراب … سراب .. سراب بحر من السراب … يتراقص أمامك ويطلع لك لسانه ساخرًا ويقودك بلا هدف .. ولكن اسمع .. ينبغي أن تقاوم دائمًا .. لا تستسلم للسراب على أنه سراب، فما سراب الصحراء إلا حكمة .. لغز .. ابحث عن ماء حقيقي خلفة .. لا تدع لليأس فرصة للاستبداد بك أو استباحتك .. ففي النهاية، هناك، خلف هذا السراب اللانهائي ستجدُ بئرًا، إن لم تجد واحة كاملة. المهم أن تقاوم … هذا هو سر الصحراء الأول ” .
…….. …….. ……..
القربُ في الحبّ هو مقبَرة له ، والزّمنُ تَميمة تبطلُ شِعره وسِحره