الناير اليعقوبي
في بلاد ما عادت تعرف النوم إلا على صوت الرصاص ولا تستفيق إلا على أخبار الدم لم يعد الخروج إلى الشارع تعبيرا عن رأي بل فعل حياة في وجه الموت الذي يتجول علنا في ميادين وأزقة العاصمة.
طرابلس لا تصرخ عبثا… شوارعها اليوم لا تتوسل خبزا ولا وقودا بل تطالب بإسقاط ومساءلة ومحاكمة حكومة كانت سببا في هتك أمن المدينة وزهق أرواح المدنيين بدم بارد.
حكومة لطخت صورتها وصوتها ببث الفتن والفرقة بين مكونات وقبائل ومدن ليبيا، هي ذاتها التي طالما تغنت بشعار “لملمة الشتات الاجتماعي “!!!
حكومة لم توحد إلا الحزن في النفوس، ولم تنجح إلا في تعميم الغضب والسخط في القلوب، جاء رصاصها الحي جوابا على كلمة ووقفة ورفض أحرار طرابلس لواقع فاحت نجاسته.
الصورة المباشرة دون ذكاء اصطناعي لا تكذب، والدم لا يفبرك، والمشهد واضح للعيان لا غبار فيه.. دولة تطلق النار على صدور شعبها العارية، وترتعد فرائصها كلما تعالى الهتاف في وجهها.
وبعد.. واقع الحال يستوجب أن ترفع بقايا الحكومة الميتة سريريا يدها عن عنق الوطن، وأن تسلم نفسها للعدالة، لا أن توزع التهم في كل اتجاه إلا نحو مرآتها.
وأن تكف بعثة الأمم المتحدة عن البلاغة الدبلوماسية، وتنصاع لمطالب الشارع، وأن تسمي القاتل باسمه ورسمه، وتضع إصبعها في عينه بدل أن تكتفي برسم دائرة ضبابية حوله تفاقم المشهد السياسي.
الوطن لم يعد يحتمل الصمت ودماء الأبرياء حين تسال على الاسفلت تستوجب المجاهرة بقول الحق في وجه مقاول فاسد استبد وطغى، وان أوان اقتلاعه.