كشفت مجلة لوموند أفريك الفرنسية عما وصفته بالخطة المجنونة التي كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرسها وتقضي بنقل نحو مليون من سكان قطاع غزة إلى ليبيا بدعم مالي من الأصول الليبية المجمدة في الخارج منذ عام 2011.
وذكرت المجلة في تقرير مطول أن الخطة الأمريكية كانت تهدف إلى استخدام الأراضي الليبية لإعادة توطين الفلسطينيين قسرا في خطوة وصفها التقرير بأنها تدخل في إطار التطهير العرقي وهو ما يتعارض بوضوح مع القانون الدولي.
تاريخ قديم لفكرة التهجير
وأشارت لوموند أفريك إلى أن فكرة ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى القارة الإفريقية ليست جديدة حيث جرت مباحثات مماثلة قبل شهرين بشأن إمكانية نقلهم إلى السودان أو الصومال بالتنسيق المباشر مع تل أبيب.
وبحسب المجلة فقد تواصلت إدارة ترامب مع حكومات هذه الدول لاستطلاع موقفها من الخطة إلا أن السودان رفضت المقترح على الفور بينما نفت ليبيا والصومال أن تكونا قد تلقتا أي اتصالات رسمية من الجانب الأميركي بهذا الخصوص.
إغراءات مالية ومصادر تمويل ليبية
بحسب التقرير فإن خطة إدارة ترامب كانت تتضمن تقديم حوافز مالية ضخمة للفلسطينيين مقابل موافقتهم على الانتقال إلى ليبيا وتشمل هذه الحوافز توفير مساكن مجانية ومخصصات مالية منتظمة.
والمثير في الأمر وفق المجلة أن الخطة كانت تعتمد على تمويل هذه العملية من الأموال الليبية المجمدة في الخارج حيث اقترح المبعوثون الأميركيون الإفراج عن مليارات الدولارات الليبية المحتجزة منذ عام 2011 لتمويل مشروع التوطين.
نفي أمريكي رسمي بعد الضجة
في أعقاب انتشار التقرير أصدرت السفارة الأمريكية في ليبيا بيانا نفت فيه بشكل قاطع وجود أي خطط أمريكية لنقل سكان غزة إلى الأراضي الليبية ووصفت ما ورد في التقارير الإعلامية بأنه عار تماما عن الصحة.
كما نقلت وكالة أسوشييتد برس عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي قوله هذه التقارير غير صحيحة.
الوضع في غزة والمنطقة يجعل من المستحيل تنفيذ خطة من هذا النوع ولم تناقش أي خطة بهذا الشكل فهي غير منطقية وغير قابلة للتطبيق.
تداعيات سياسية سابقة في ليبيا
التقرير أعاد إلى الأذهان الحادثة التي أثارت جدلا واسعا في ليبيا عام 2023 عندما أُجبرت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش على تقديم استقالتها عقب الكشف عن لقائها في روما مع وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي.
خطة بديلة.. نقل إلى مصر والأردن
في سياق متصل كشفت شبكة NBC News الأمريكية أن إدارة ترامب كانت قد طرحت سابقا خطة لنقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن بدعوى الاعتبارات الإنسانية.
لكن القاهرة وعمان رفضتا المقترح رغم الضغوط الكبيرة التي شملت التلويح بتعليق المساعدات الأميركية التي تقدر بمليارات الدولارات سنويا.
عقبات سياسية وأمنية كبيرة
أشارت “NBC News” إلى أن تفاصيل تنفيذ الخطة كانت غامضة حتى داخل أروقة الإدارة الأميركية حيث لم يحدد موعد تنفيذها أو آلياتها في ظل التوقع بأن تواجه عقبات سياسية وأمنية وديموغرافية ضخمة في الداخل الليبي والإقليمي تجعل تطبيقها أقرب إلى المستحيل.
ما نشرته لوموند أفريك يفتح الباب مجددا أمام تساؤلات حقيقية حول محاولات فرض حلول قسرية على الشعب الفلسطيني واستخدام دول مثل ليبيا كورقة في صفقات سياسية دون أدنى اعتبار لسيادتها أو استقرارها الداخلي.
بينما تستمر واشنطن في النفي الرسمي تظل المخاوف قائمة في ظل غياب الشفافية بشأن مصير الأصول الليبية المجمدة وإمكانية توظيفها مستقبلا في مشاريع لا تعود بالنفع على الشعب الليبي.