الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-06-30

4:06 مساءً

أهم اللأخبار

2025-06-30 4:06 مساءً

شاعر أسكن الوطن قلبه _ وطرابلس هوى الروح

بيوغرافيا

أحمد الحريري

طرابلسية وليهم حس … تواجير وعربان صحاح

ولا عرفوا الخونة لا الدس … ولا يدوسو حرمة مطراح

وفي غربة ليام ونس … معاهم يندملوا الجراح

وفي عشرتهم هما وبس … طيبة قلب وناس سماح

الشاعر المنساب شعره شلال ماء دافيء يحي نفوس الحيارى ويلطف أجواء المقطبين ويبعث الحب في قلوب لم تعرفه قبلا ابن بار لمدينته ومثقف مخلص لليبيته.. هو أحمد أبو القاسم بشير الحريري من مواليد 20 أبريل 1943، المدينة القديمة لعائلة من طبقة الصيادين الفقراء .. شاعر غنائي وروائي وكان لابد أن يكون روائيا !! لماذا ؟ لأنه صاحب مشهدية تخزن الحكايا والذكريات تبلورها إلى إبداع مختلف لا يشبه أيا ممن مجايليه أو من سبقوه أو من أتوا بعده .. ولأنه يحب مدينته التي ولد وربيَّ فيها حتى ثمالة المهجوس عشقا .. مع كياسة خلق وصوت رخيم هادئ وتعامل يرتقي بمفكر عميق قادر على أن يعيش حياة الروائي القادر على تقمص كل شخوص روايته .. العائلة شجعت ابنها الأكبر واستمر فتميزت بكونها تحب الفن والشعر وتقدره حتى أن شقيق أحمد الحريري الذي يصغره سنا جمال الحريري رحمه الله وطيب ثراه .. المولود أيضا في المدينة القديمة طرابلس سنة 1959 بدأ رحلته في عالم الفن منذ أواخر الستينات وأوائل السبعينات وكان كشقيقه متعدد المواهب، فبرع في التمثيل المسرحي والتلفزيوني، إلى جانب موهبته الموسيقية ، إذ كان عازفًا بارعًا على آلة الغيتار، ساهم في عديد الأعمال التلفزيونية كفني أو برديوسر برامج ومنوعات وشارك في تكوين فرقة موسيقية مع مجموعة من الفنانين. وهذا الانتماء الفني واحتواء أحمد لشقيقه الأصغر هذا ساعد جمال في صقل موهبته ومواصلة مسيرته بإبداع .. وتوفي إثر مرض عضال عام 2011 م تاركا إرثا فنيا يشهد له ويحتاج إلى المزيد من التوثيق والتقدير.

بنسايم بحرها ..

وعبير وردها الفواح

وسوانيها الخضرا …

إلي يشوفها يرتاح

وشواطيها مرسى ..

لكل تايه وسواح

طرابلس زها للقلب .. قبل العين

وفيها خاطري مرتاح

هذا نموذج من كلماته فيها ولها وعنها حتى من لا يعرفها يدرك ملامحها ومناطقها والمسميات القديمة من أشعاره المؤرخة لكل ماكان ومامر بها وحتى لتاريخها المعاصر .. الحريري الذي توفي في العام 2015 تاركا للمكتبة الفنية الليبية والأدبية ذخرا من الأعمال قيل بداية من قبل بعض الباحثين ما يزيد عن خمسمائة أغنية وطنية وعاطفية تغنى بها كبار المطربين الليبيين والعرب .. كما عالج النص الدرامي وكتب (السيناريو) ، وقدم للمرئية الليبية عشرات النصوص التمثيلية ، مع عدد كبير من المنوعات المرئية ، وأجاد كقاص فكتب القصة والرواية والشعر وله عدد كبير من المقالات الصحفية المحكمة .. وفي إحصائية أخيرة لمهتمين بنتاج الشعراء والقاصين الليبيين والباحثين في سير عمالقة الفن والأدب في ليبيا قدرت الأعمال الشعرية الغنائية التي كتبها الحريري بأكثر من 1000 أغنية وقدم للإذاعة المرئية أكثر من 800 ساعة بين برامج ومسلسلات درامية ومنوعات .. أحمد الحريري عاش حياة بين المشقة والراحة إذ توفي والده وهو مايزال صبيا يتلمس سنين المراهقة .. بعد استكماله سنوات التأسيس الإبتدائية التي عاشها جوار والده متعلما منه مهنة التطريز التي تميز بها معظم سكان المدينة القديمة الحرفيين وبعد وفاة الوالد أبوالقاسم بشير عمل تحت اسم مستعار كمطرب ليعيل العائلة فعرف (أحمد توفيق ) ربما لأن الأعراف الليبية آنذاك لم تكن تحبذ عمل الشاب كمطرب وكم قاسى الفنان الليبي عامة من هذه النظرة الدونية للفنانين حتى أن العوائل لا تقبل أن تزوج بناتها لمطرب أو موسيقار .. انضم إلى المجموعة الصوتية بفرقة الإذاعة _ طرابلس ومنها جاءت المحاولات الأولى للكتابة .. الفعلية .. وانطلق من هناك فكتب شعراً وأغاني ، ووضع أساسا للأغنية الطرابلسية وتعاون مع مطربي جيله أمثال : سلام قدري ، محمود كريم ، محمود الشريف ، وكاظم نديم . ومن أبرز أغانيه (عرجون فل) ، و(حدود الزين) ، و(لو تؤمريني) .. تتالت بعد هذه السنوات أعماله التي ارتبطت بأسماء لموسيقيين ومطربين آخرين .

لمن يريد أن يعرفه واقعيا وليس عبر مايكتبه فليقرأ هنا ما قاله عن رؤيته للحياة والمستقبل عن معنى الالتزام عنده وكيف يرى واقع الفن العربي بين محك الهزل والالتزام الواجب في سطور :

” أميل في الغالب إلى الواقعية، وإن كنت بطبعي خياليا وحالما إلى حد ما، لأن بداياتي المبكرة كانت شعرية غنائية موغلة في الكلاسيكية، ولأنني ابن صياد سمك فقير، فقد تأثرت بالإنسان كواقع مضمخ بالعرق والدموع وطعم الملح، وأنا مسكون بغضب البحر وسكونه، والحياة بالنسبة لي لوحة واقعية لا تخلو في بعض جوانبها من شطحات الخيال والأحلام، وهما بطبيعة الحال أساسيان لتلطيف حدة حرارة الحياة بهمومها وأحزانها ومسؤولياتها الكبيرة وفي جملة واحدة أقول، مزيج أنا بين الحلم والحقيقة “.

أما الالتزام فهو أحد أهم قوانين الحياة كما أفهمه ، هو الذي ينظمها ويجعلها موغلة في الدقة، هو الذي يحدد مساحة المرء، ويحدد حجم رسالته الحياتية ويرسم أيديولوجيته، أن تكون لك رسالة تؤديها على نحو إيجابي منظم. وفيما يتعلق بالفن العربي الملتزم ، أقول إنه بصفة عامة يتعرض لموجات تجعله مهزوزا في الغالب ، ولقد أثرت الحضارة الغربية المادية في معظم الفنون الإنسانية بضجيجها وفوضويتها، فطبول (الجاز) و(الروك)، غير الطبول الإفريقية مثلا، وصراخ الوتريات الحاد المسافر بوحشية في لحم الإنسان وعقله غير وداعة (السنتوري) و(البوزوكي) و(العود)، هناك مؤامرة تحيكها حضارة الغرب المادية ضد التراث الإنساني عربيا كان أو غير عربي، هناك ضجيج غير عادي يصم الآذان ويجعلها غير قادرة على التقاط حلاوة مقام (السيكا) مثلا، وعندما يكون الضجيج في أوجه، فإن المرء لا يمكنه أن يستوعب شيئا، ويفسرون الصراخ حاليا بأنه رفض للواقع الإنساني، لكنه صراخ مرسوم بدقة، ويخضع بالكامل لأسعار البورصة العالمية ” .

كانت الرواية ” وجدت في عيونكم مدينتي ” التي كتبت في لبنان عام 1972 للحريري هي الأولى والأخيرة وكما قيل قد احترقت ولم يعدها .. ولكن أعماله المقالية والشعرية دونت تاريخه الحافل بنتاج وصفي فريد عبر كتب ودواوين :

• “ لو تعرفي  1965م  (ديوان شعر)   ”

• “خمسينية صائد الرياح 1995 م (ديوان شعر)  ”

• “عزف منفرد على مقام العشق  1998 م (ديوان شعر) ”

• “فراغات عاطفية 2006م (ديوان شعر) ”

• “إقلب الصفحة 2007م  (ديوان شعر/ خواطر صحفية)  ”

علي قد ماخط الفقي وكتبلي..

بغرامها سيدي لقاني مبلي..

في حبها ماعرفش واحد قبلي..

ولا يوم بعدي ف حبها يشاركني.

عروس البحر معقود بيها حبلي..

احني طرابلس بقلوبنا عشقناها..

وصارت هويه للأسد والشبلي..

كتب مسلسلات ناقش فيها عيوب المجتمع، وكان من أوائل الكتاب الليبين الذين ناقشوا عيوب مجتمعهم في قالب من المواقف اليومية الحياتية ، وهو من اكتشف الفنان الراحل الكوميديان إسماعيل العجيلي والفنان يوسف الغرياني أمده الله بالصحة وشكل منهما ثنائيا جميلا عبر مشهديات خفيفة الظل تعود الجمهور انتظارها في مواسم رمضانية  .. و خلال مسيرته الفنية تعامل مع أربعة المخرجين العرب وصفهم بالكبار في أحد لقاءاته الصحافية لم ينس فضلهم وحنكتهم وذكرهم : المرحوم (فخر الدين صلاح _  أحمد خضر _ ممدوح مراد _ وحسين كمال .. فيقول عن هذه التجربة المهمة في صقل أعماله الفنية :

تجربتي مع الأستاذ (ممدوح مراد) في مسلسل (السوس) أثمرت الجائزة الثالثة في مهرجان القاهرة الدولي الأول للأعمال المرئية بعد عشر سنوات من إنتاج المسلسل، وأعتبر تجربتي الأخيرة مع الفنان (حسين كمال) مهمة جدا ومثمرة إلى أبعد حد، وبصورة شاملة أقول إن التعامل مع أساتذة الإخراج في مصر بالذات يؤدي في الغالب إلى نتائج باهرة.

ويستطرد في مجاله قائلا رحمه الله :

الفن العربي امتداد لتراث عظيم وحضارة إنسانية خالدة، الأقواس العربية والنقوش العربية الإسلامية والتراث الأندلسي ومعلقات مكة الخالدة و(زرياب) و(الفارابي) وصولا إلى (الرحابنة) و(عبدالوهاب)، وغيرهم، كل هذا يشكل فسيفساء حضارية إنسانية خالدة … أما عن رياح الغرب فهي تهب على كل بقاع الأرض، لكنها رياح عابرة وتشبه إلى حد بعيد فقاعات الصابون.

حين أعلنت وفاته عن عمر ناهز الثانية والسبعين كتب عنه  الكاتب أحمد الفيتوري مقالا تأريخيا توثيقيا لسيرته وأعماله في بعضها مايجب أن يسرد هنا ونحن نستقي سيرة الحريري كي نعرف عنه أكثر ونقترب من محاريبه الكثيرة غير محرابه الأساسي الذي تعايش فيه عشق طرابلس وقد .. عنون الفيتوري المقال   :

*(( أحمد الحريري أخر الرومانسيين الليبيين ))*   

” فتنا النخل والديس / وتعدينا / لحقنا الندم / ياريتنا ولينا “

_ وجدت في أغنية الحريري نافذة أطل منها على العالم، بمحبة تبدو في جوهرها صوفية إسلامية سكنت نفسي يوم كنت طفلا، فصبيا يرتاد الزاوية كي يمدح الرسول في” البغدادي”، مرددا مع صبيان مثلي في المولد النبوي : صلاتك ربي والسلام علي النبي.

……..     ……..     ……..

_ التقيت أحمد الحريري وجها لوجه في بنغازي؛ حيث جاء وزوجته فاطمة محمود ليسجلا حلقة من برنامج مرئي، أظنه”فكر واكسب” أو شيئا مثل هذا .. رقة تجرح وسلاسة تغيض فتىً أهوج، معجب بعنفوان نفس شرسة تعارك الكون هي نفسي لحظتها، خبلني الرجل بنعومة طرابلسية ، في ملمس الحناء على يد عروس في عمر الزهر .. وكنت أتوق للطيران، والرجل كأنه طير يضمه قفص لكنه لا يحبسه .

……..     ……..     ……..

_ في السنة التالية أخذني طموح الصحفي إلى طرابلس، هناك في بيت أحمد الحريري صبغت أغنيتي كما يصبغ المتوضئ وضوءه. وبأم عيني، شاهدت أغنية الحريري تقول نفسها، دون مماحكة ودون بحث، ودون انتظار، كانت الأغنية تطرق قلب الحريري المخملي والذي دعكه الوقت.

……..     ……..     ……..

تربي في حارات اطرابلس القديمة، وفي رواية كتبها “وجدت في عيونكم مدينتي” طبعت في بيروت ، واحترقت كل نسخها في بيروت 1975 م ، ولم يتبق منها غير ما كتب عنها من نقد ، في هذه الرواية المحروقة ذكر الحريري: ساعة ولدت لم يكن أبي في البيت، ……… ، جاء والسكر ……  اخترق البيت كما اخترقته الشوارع التي أوصلته بأن كانت مسنده؛ وقف حيث وضعت مقمطا، ولا حيل لي ولا حيلة لأحد كي يصده عني، فتح فاه الذي جمع فيه لعابه ……. وسكب الخلائط في فمي ….. قيل لي ، كان ذلك عقب أول رضعة من حليب أمي ، وثاني ما ذقت في البدء.

اختلط هذا بوحل شوارع المدينة القديمة، مع خلائط من طرق النحاس عند القزدارة الطرابلسية ، وأنين دفوف الزوايا العيساوية ، وباز المالوف ، وتواشيح ومدائح ، وروائح السفنز والزلابية ، ومطعم برعي ، الذي افتتح في نهاية القرن التاسع عشر ، وكان زيت هذا : ……. المشروب الشعبي للمدن الليبية .

_ حين دخلت بيت الحريري، كان حوكيا يغزل حرير الكلام وقد خبلته المرحلة ، لم يفقد مشيته لكن الطرق غير المعتادة توهته ………. أغنيته تفوح بمشموم الفل .

أعد للإذاعة المسموعة عديد البرامج الاجتماعية التي تحتوي حلولا مهمة عبر إذاعة طرابلس المحلية كما تميزت أعماله في المرئية قديما وحديثا حيث كان يرى  أن : ” صناعة المنوعات المرئية في العالم من أخطر الصناعات الفنية ، لأنها تقوم على دراسات سيكولوجية وقواعد علمية وبأموال طائلة ، وهناك في وطننا العربي تقدم ملموس خاصة في المرئية المصرية ، لتوافر الإمكانات أولا، ولأن تجربة السينما الاستعراضية قديمة في مصر ” وننتقي أشهر نتاجه الفني الذي تركز في أذهان المشاهدين من درامة ومنوعات وبرامج :

_ مسلسل المنحرفون .

_ مسلسل السوس .

_ سماعي شهدان . منوعة

_ فكر واكسب . تعاونا مع المخرج المصري حسين كمال

_ كلمة ونص .  تعاونا مع المخرج المصري حسين كمال

_ بطاقة حب .   تعاونا مع المخرج المصري حسين كمال

_ علم وخبر . منوعة

_ خاطيني . منوعة

لن نجد مبدعا حقيقيا يشار إليه بالبنان دون أن نستعلم من قصة حياته ومسيرته أنه من أولئك المنهكين حياتيا المرتبطين بالناس والأرض بل يتألمون لأنهم يعيشون تفاصيل الروايات المعيشية للأشخاص المشاركينهم مشاويرهم تلك ومنهم مبدعنا الراحل أحمد الحريري الذي عبر عن كل ماكتب في مشارب مختلفة بقوله :

الهموم هي التي تفجر الإبداع وتعطيه درجات متقدمة من النجاح ، وهمومي الفنية كثيرة كأحلامي الفنية التي لا تنتهي، أما حكاية التعبير عن قضايانا العربية فنيا ، فلا أعتقد أننا اقتربنا بمقدار قيد أنملة من ذلك، خاصة بعد أن توسعت أسواق الكاسيت وأشرطة الفيديو. وبالنسبة إلى السينما فهي حاليا (سينما شباك)، أساسها (الأكشن) ، الإثارة والمغامرات الخاصة .. ليبيا بيئة عربية عريقة وأصيلة، وحيث وجدت العراقة والأصالة وجد الفن، ولا فرق في المستويات بين قطر وآخر إلا بتوافر فرص الانتشار، وقد بدأ العمل الدرامي الليبي يحصد جوائز المهرجانات، والأغنية الليبية اليوم صارت منتشرة والحمد الله والمستقبل يبشر بالخير.

من رؤاه ومفاهيمه حول كيفية معالجته للقضايا ومفهومه للنقد الذي يعد نظرة تطويرية للعمل الفني دراما أو أغنية مايمكنه أن يكون درسا للحالمين الواقعيين فالحريري عبر أعماله الأدبية والغنائية والمنوعات يرى في نفسه اختلافا دون كبر فيقول :

” أعتقد أنني رسام إلى حد ما ، فأنا أرسم ولكن من دون فرشاة وألوان وأدوات رسم ، أنا أرسم بمادة الكلمة الخام عند معالجتي لأي قضية ، وأراعي في ذلك شروط التناغم والانسجام ، وأعتمد كثيرا على المرح لأنني أحب الألوان المرحة كما أحب الحياة ببساطتها، نحن جزء من الطبيعة ، والطبيعة جميلة حتى في بعض جوانبها القبيحة ” .

في النقد نستطيع أن نلمس التطور فالنقد نوع من الجراحة، والجراحة لا يمارسها إلا الجراح بكل المفاهيم والمقاييس والقوانين، والمرء الذي لا يجيد مسك المشرط واستعماله لا يمكنه أن يجري عملية جراحية على الإطلاق، وبالنسبة إلي كإنسان واقعي لا أحب أن أتورط في مشاهدة أشياء بعيدة عني .

لا أحب أن يكون تطور الأغنية العربية من خارج بيئتها، أنا أحب البيت العربي الأفقي البناء، بأقواسه ونقوشه وتعويداته وتقاليده الهندسية، وبالتالي فأنا أكره العمارة الغربية، أكره ناطحات السحاب والقلاع الإسمنتية، والموجة التي تمر بالأغنية العربية تأتي بها رياح ((برانية) بلغة الصيادين، ولا يمكنك أن تكون أنيقا بقياسات غير قياساتك، ولا يمكنك أن تتطور من خلال تطور بيئة غير بيئتك.

وبخصوص تطور النص في الأغنية العربية، فهذا يبدو واضحا لأنه يرتبط بتطور الحركة الشعرية والأدبية بصفة عامة، أما الموسيقى العربية حاليا فهي تتعرض لرياح غربية عاتية، ونحن إذا أردنا أو رغبنا في سماع موسيقى غربية فالأجدر بنا أن نسمعها من منابعها الأصلية، من أهلها وليس من الذين تركوا موسيقاهم العربية الجميلة وشرعوا يلهثون وراء السراب، هذا ليس تطورا، إنه تقليد أعمى، وللتقليد مخلوقات خاصة غير الإنسان ”

هذا المبدع يرى أنه وغيره من الفنانين بدأوا هواة ثم تطوروا  وحركة التطور تشدهم ليتفرغوا بالكامل لأعمالهم الإبداعية فيتحولون من هواة إلى محترفين ولأنه ابن المدينة القديمة حيث يصاغ الذهب والفضة فقد كان له تصوير للحالة تلك خاص جدا ما شبه غيره الفرق بين الهواية والاحتراف كماه وفي منظوره للتعلم والتتلمذ بين الفنانين ليبيين أو عبر الوطن العربي وما تحكمه الموروثات من منطقة عربية لآخرى مايجعلها تجربة فريدة حين قالعن كل هذا :

” التفرغ يعني الاحتراف، ولا يُحوّل الذهب الخام إلى تحف موغلة في الدقة إلا نقاش محترف ، والاحتراف في الفن ليس جديدا في وطننا  .. شجرة اللوز وكل الأشجار المثمرة وغير المثمرة تتجدد كل عام من حيث ثمارها وأوراقها وأغصانها وزهورها، لكن الجذع والجذور واحدة وثابتة، وبقدر رعاية المرء للشجرة بقدر ما تزيد نموا وعطاء وهكذا التراث، وشجرة اللوز واحدة في كل الوطن العربي، ولا اختلاف إلا في نوعية جودة الثمار، والإيقاع في البيئة العربية واحد، ولا يختلف إلا في التركيبات الشكلية ” .

” طرابلسية ” ختاما لسوابيت الياسمين التي عطرت سيرت عاشق طرابلس تأملوا بعضا من قصيدته وعيشوا خفق قلبه الذي وإن توقف في 2015 خفق قصائده نابض بها ومعها :

طرابلسية .. طرابلسية … الرايس فيهم يردع ميه

ولما يقولو : يا طرابلسي

نحس بنشوة مش عادية

طرابلسية ليبيين … جذور و تاريخ وأعلام

 عرب من مكة منحدرين … زرعهم عالأرض الاسلام

 العاص وعقبه مشهورين … اللي بهروا من بعد ظلام

 عصارى جدود اوشهلوليين … ولا حر معاهم ينضام

طرابلسية معروفين … مراكبهم هزمت لصنام

فلايكهم وصلت لصين … ايسيرو فى الغارق بالعام

صحاب صنايع صيادين … متاع تواشيح وأنغام

يقيمو عالراس وعالعين … الي يجي قاصد من قدام

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة