شهد ميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس أمس الجمعة تظاهرات حاشدة شارك فيها الآلاف من المواطنين رافعين شعارات تطالب بإسقاط الأجسام السياسية القائمة وعلى رأسها حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وقد جاءت هذه الاحتجاجات تعبيرا عن رفض واسع لما اعتبره المتظاهرون انحرافا في مسار الحكومة وتقسيما للوطن وشراء للذمم مما عمق الانقسام السياسي وأعاق مسار الحل الشامل في البلاد.
طالب المحتجون بضرورة إنهاء كافة الأجسام السياسية الحالية وتشكيل حكومة موحدة ذات مهام واضحة ومحددة تقود البلاد نحو إجراء انتخابات عامة وتوحيد مؤسسات الدولة.
كما وجه المتظاهرون دعوات إلى البعثة الأممية والأطراف الدولية بضرورة احترام إرادة الشعب الليبي وعدم فرض حلول خارجية لا تعبر عن تطلعات المواطنين.
وفي هذا السياق شدد المتظاهرون على أهمية عرض مسودة الدستور للاستفتاء الشعبي بشكل فوري معتبرين أن الدستور هو السبيل الأمثل لتنظيم الحياة السياسية وضمان حرية وكرامة المواطن الليبي ووضع البلاد على طريق الاستقرار الدائم.
وفي تعليق على الحراك الشعبي حذر عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني من محاولات ركوب الثورة أو استغلال الاحتجاجات لأجندات سياسية خاصة مشيرا إلى أن الحراك مهدد بالفشل إذا ما استغلته أطراف متطرفة أو انتهازية كما حدث مع انتفاضة فبراير حسب وصفه.
وقال الشيباني موجها حديثه إلى المتظاهرين عليكم الحذر من المتربصين الذين قد يمتطون ظهوركم لتوجيه الحراك وفق مصالحهم فهم بارعون في ذلك ويجب أن تكون لكم قيادة شعبية واعية لا تفوتها شاردة ولا واردة فالنصر قادم.
على الصعيد الدولي دعا الاتحاد الأفريقي إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا في أعقاب موجة العنف الأخيرة التي شهدتها طرابلس.
وأكد في بيان له على ضرورة التهدئة وتغليب الحلول السلمية داعيا كافة الأطراف الليبية إلى الانخراط في حوار شامل ينهي حالة الانقسام ويحقق الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
من جهته أكد عضو مجلس النواب عبدالنبي عبدالمولى أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية لن يتخلى عن السلطة بسهولة مشيرا إلى أن مجلس النواب لن يبقى مكتوف الأيدي وسيتخذ خطوات جريئة من بينها تشكيل حكومة جديدة ووضع البعثة الأممية في حجمها الطبيعي حسب تعبيره.
وقال عبدالمولى إن المجلس الرئاسي منحاز لحكومة الدبيبة ولن يقدم أي حل حقيقي ونحن ماضون نحو حل داخلي ولن ننتظر المبادرات الخارجية فالوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد متدهور والانفلات الأمني يزداد مما يستدعي تشكيل حكومة جديدة قادرة على إنقاذ البلاد.
ودعا عبدالمولى المتظاهرين إلى دعم الحكومة التي سيشكلها البرلمان وتمكينها من ممارسة مهامها لخدمة الليبيين وإنهاء حالة الفوضى السياسية.
بدوره علق رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي على الاحتجاجات معربا عن فخره بما وصفه بالمشهد الوطني الحضاري مثنيا على سلمية التظاهر والتعبير المسؤول عن تطلعات الشعب.
وقال المنفي إننا نفخر بالمشهد الوطني الحضاري الذي قدمه أبناء شعبنا في العاصمة عبر العودة لحق التعبير السلمي والمسؤول عن تطلعاتهم.
وندعو إلى استمرار هذا النمط من التظاهر في كافة المدن الليبية لبناء دولة عصرية تعبر عن آمال جميع الليبيين.
أما النائب سعيد أمغيب فقد أعرب عن تشاؤمه تجاه إمكانية تغيير الواقع عبر التظاهر فقط قائلا من المستبعد أن تزيح المظاهرات الأسبوعية في ميدان الشهداء شخصية مثل عبد الحميد الدبيبة.
نعرف كيف وصل إلى السلطة ونعرف ماذا فعل ليحافظ عليها حتى بعد سحب الثقة من حكومته.
أمغيب أشار إلى أن الدبيبة يدرك تماما أن خروجه من المشهد السياسي سيعني فتح ملفات كثيرة من الفساد والانتهاكات وبالتالي فإنه لن يتنازل بسهولة عن السلطة.
تأتي هذه التظاهرات في ظل حالة سياسية واقتصادية حرجة تمر بها ليبيا وسط انقسام المؤسسات وتضاؤل ثقة الشارع في جميع الأجسام السياسية.
وبينما تتوالى الدعوات لتشكيل حكومة جديدة تنقذ ما تبقى من تماسك الدولة يبقى المشهد مفتوحا على كافة الاحتمالات ما لم تتوفر الإرادة الوطنية الجامعة والحلول الحقيقية التي تستند إلى إرادة الشعب لا إلى حسابات المصالح الضيقة.