حميدة البرعصي
ساعتان هما زمن الطوفان من انهيار السد الثاني حتى آخر موجة ، اكتسح الوادي كل شيء في طريقه .
جرفت المياه كل المباني والأشجار والسيارات والناس باتجاه البحر لتستقر في قاعه ، مدينة بأكملها أصبحت ترى تحت سطح البحر كأنما هي قارة مجهولة اكتشفت للتو .
كان يقطن في منطقة بعيدة عن الوادي ، وكان يكفيه لكي ينجو أن يصعد للدور الأول من بيته .
سرعان ما انحسرت المياه
وعم السكون والحزن المكان ، لم يعد يسمع سوى صوت صراخ الأطفال وأنين الثكالى و ونداءات الاستغاثة .
الكارثة كانت أكبر من أي تصور ، معدل هطول للأمطار غير مسبوق بلغ خمسة أضعاف المعدلات المعتادة ، أكثر من مائة وتسعين مليون طن مكعب من المياه جعلت السد ينهار في دقائق ، موجة بعلو 25 مترا جعلت المباني والسيارات والأشجار تطفو فوق سطح الماء مثل علب فارغة .
لقد نجى من الطوفان ، لكنه لم ينجو من الجروح التي أصابته أثناء مشاركته في عمليات الإنقاذ لأسرته ولجيرانه .
جروح ليست خطيرة ، لكن خوفه من تلوث الجرح جعله يذهب إلى إحدى المستشفيات الميدانية التي جهزت لتقديم المساعدة للمصابين .
كانت الممرضة قد التفت بوشاح ووضعت كمامة على وجهها ، قالت له استلقِ على السرير حتى أنظف لك الجرح .
كشف عن ذراعه المصابة فقامت بتنظيفها وتعقيمها وتغيير الضمادة بأخرى جديدة .
لقد سمعت كل كلمة قلتها لي في تلك الليلة ، إن انهيار السد ليس نهاية كل شيء ، ستعود الحياة كما كانت وستزهر الأحلام من جديد ، وكشفت له عن وجهها كانت هي بابتسامتها وصوتها العذب ….