الحج بين العدل والامتياز
في السنتين الأخيرتين أضحى الحج امتيازا اكثر منه توزيع عادل لنسبة السكان او ما يسمى ” قرعة”، ومبادرة حكومة الوحدة الوطنية بجعل الحج مجانيّ و على نفقة الدولة فتحت الباب على مصراعيه للوصول إلى مكة بكل السبل مشروعة وغير مشروعة، رئيس حكومة الوحدة كشف بنفسه على كم الفساد الكبير في بعثات الحج في احد لقاءاته التلفزيونية العام الماضي
تتردد عبارة “يا حاج نحج معاكم” على ألسنة الليبيين، وهي ليست مجرد دعابة شعبية، بل تحمل بين طياتها نقدًا لاذعًا يعكس مرارة من تلهفت قلوبهم لزيارة الكعبة وأداء فريضة الحج ولو لمرة واحدة في العمر. فالحج، كما هو معروف، ‘حج عرفة’ ومناداة ربانية، لكن هل تظل فرصة أداء هذه الفريضة متاحة للجميع على قدم المساواة؟”
آليات الاختيار والتمييز
دأب الليبيون في السنوات الماضية على إجراء قرعة علنية ومنظمة لاختيار حجاج بيت الله الحرام، وهي آلية تمنح الأمل للجميع بالمناداة الإلهية لأداء الفريضة. ومع تخصيص المملكة العربية السعودية حصة لليبيا تقدر بحوالي 7800 حاج لهذا العام 2025، يلاحظ بوضوح وجود مسارين مختلفين لاختيار الحجاج:
حجاج القرعة: يتم اختيارهم عبر نظام تسجيل إلكتروني ومن ثم قرعة علنية تشرف عليها هيئة الحج ومنسقو الحج في البلديات. ورغم إقرار البعض بوجود استثناءات بسيطة من باب “المجاملة” أو “التقدير” تضاف من قبل هذه التنسيقيات، إلا أنها تظل شفافة ومقبولة نسبيًا لدى عامة الناس، ولا تثير الكثير من الاستياء.
حجاج الجهات الاعتبارية: يتم إيفاد هذا القسم من الحجاج بمعزل عن أي تسجيل أو قرعة، بل يتم اختيارهم مباشرة من قبل جهات تشريعية أو تنفيذية في الدولة الليبية. تظل طريقة اختيار هؤلاء الحجاج غامضة وغير شفافة بالنسبة للمواطنين، مما يثير تساؤلات حول معايير الاختيار. ووفقًا لتقديرات واسعة، يستأثر هذا القسم بنصيب “لا بأس به” من الحصة الإجمالية المخصصة لليبيا، فإذا ضربنا مثلا بتوزيع نسبة الحجاج. فقل لإحصائية السكان فسوف نجد ان أجدابيا المركز على سبيل المثال
حجاج القرعة بلغوا 95 بينما وفقا للنسبة والتناسب كان يجب ان يكونوا 150 حاجا وذلك لان عدد سكان أجدابيا المركز 150 ألف نسمة.
يرى الكثيرون في هذا التمييز إجحافًا واضحًا بحق المواطنين، ويكشف لهم فداحة الأمر الذي يخيب ظنهم في الدولة التي يفترض أن تضمن العدالة والمساواة بين جميع أبنائها في الحقوق والواجبات. فهل سيأتي يوم يحج فيه الجميع على قدم المساواة، وتختفي صرخة “يا حاج نحج معاكم” من لسان الحال الليبي؟”