تتسارع وتيرة الأحداث السياسية في ليبيا مع دخول الأزمة الداخلية مرحلة جديدة من التعقيد وسط تزايد الخلافات بين الأجسام السياسية وتصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في وقت تزداد فيه الانتقادات لدور المجتمع الدولي والبعثة الأممية.
أزمة توافق وغياب الاعتراف الدولي
أكد عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة أن المجتمع الدولي أصبح يمثل عائقا حقيقيا أمام التوافق الليبي مشيرا إلى أن جهود تشكيل حكومة جديدة تواجه إشكالية عدم الاعتراف الدولي.
بن شرادة أضاف أن دور مجلسي النواب والدولة انتهى فعليا عند إصدار القوانين الانتخابية عبر لجنة (6+6) معتبرا أن الخطوة التالية ينبغي أن تكون تنفيذية لا تشريعية.
من جانبه قال عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني إن الأزمة الليبية باتت رهينة للتوافقات الدولية خاصة مصالح الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.
وأكد أن البعثة الأممية تدير الأزمة فقط ولا تسعى لحلها مشيرا إلى أن التوافق الليبي الداخلي أصبح أمرا بعيد المنال.
تصاعد الغضب داخل البرلمان
الانقسام داخل مجلس النواب عاد إلى الواجهة مع تغيب عدد كبير من الأعضاء لا سيما ممثلي المنطقة الغربية عن جلسة هامة خصصت للاستماع لبرامج مرشحي رئاسة الحكومة.
وقال النائب جلال الشويهدي إن هذا الغياب يظهر هؤلاء النواب وكأنهم منفصلون عن معاناة سكان مناطقهم مؤكدا أن المجلس لا يعارض تشكيل حكومة موحدة إنما الخلاف يكمن في آلية التشكيل وضمان الاعتراف الدولي بها.
عضو البرلمان عمار الأبلق أوضح أن غياب التوافق المحلي ووجود حكومة الدبيبة المتمركزة في طرابلس يعيقان تشكيل حكومة جديدة لافتا إلى أن رئيس البرلمان عقيلة صالح أصيب بالإحباط نتيجة الغياب الواسع للنواب رغم توجيه الدعوة لمرشحين معروفين.
التهديدات والاحتجاجات تضغط على الوضع السياسي
وفي ظل الحديث عن عقوبات محتملة على النواب المتغيبين نفى النائب علي التكبالي وجود نية حقيقية لتفعيل هذه العقوبات مشيرا إلى أن هناك مزاعم بوجود تهديدات وجهت لبعض النواب لمنعهم من حضور الجلسات.
وفي تدوينة له أكد أن المرحلة السياسية لعبد الحميد الدبيبة قد انتهت داعيا المواطنين إلى الاستمرار في المطالبة بالتغيير.
وفي المقابل أعلن الناطق باسم حراك سوق الجمعة أبو بكر مروان استمرار الاحتجاجات الشعبية السلمية والدخول في عصيان مدني حتى إسقاط حكومة الدبيبة ومحاسبتها.
وأوضح أن الحراك قدم خلال لقائه ممثلة البعثة الأممية مقترحا يقضي باستبدال كافة الأجسام السياسية الحالية بمجلس تأسيسي يشكل عبر حوار سياسي جديد يشرف على المرحلة الانتقالية.
تحذيرات من هشاشة الوضع الأمني
في السياق الأمني حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من هشاشة الوضع الأمني في العاصمة طرابلس عقب المعارك الأخيرة التي شهدتها المدينة.
وقالت حنان صلاح المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن الجماعات المسلحة تظهر استخفافا صارخا بحياة المدنيين مشيرة إلى أن الخطر لا يزال قائما ما لم تعالج القضايا الجوهرية المتعلقة بنشاط المجموعات المسلحة وغياب المساءلة.
تمر ليبيا بمنعطف سياسي وأمني بالغ الحساسية في ظل فشل الأجسام السياسية في التوافق على تشكيل حكومة موحدة وتصاعد الاحتجاجات الشعبية واستمرار غياب ضمانات الاعتراف الدولي بأي مخرجات سياسية.
وبينما يبقى الشارع الليبي هو اللاعب الجديد الذي بدأ يفرض نفسه على المشهد تطرح تساؤلات حول قدرة الطبقة السياسية الحالية على إنقاذ البلاد من الانقسام والفوضى.