الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-06-30

4:02 مساءً

أهم اللأخبار

2025-06-30 4:02 مساءً

الكـون غافٍ وقلب شاعرنا الفيلسوف الأنان يأسان

محمد الشلماني

محمد الشلماني

كـنـا نُلاقـي عذابَ الـدهـر نقهــــــــرُه

نـبنـي الأمـانــــــــي عِراضًا عذبةً جُدُدا

حتى تـنـاءَى وجئتُ الـيــــــــــوم أذكرُه

عزَّ اللقـاءُ وذابتْ بـهجتـــــــــــي بَدَدا

صاحب السيرة اليوم محمد عبدالسلام الشلماني غفر الله له ورحمه المتوفي  في 28/ أغسطس / 1984 م عرف بين سكان البركة والرويسات بمدينة بنغازي فقد عاش بشارع الطيرة شارع عوينات منذ ولادته لأسرة اتصفت بين الناس بالطيبة وحسن تربية الأبناء والبنات أحمد وحميد وغالية ومحمد المولود عام 1942م قيل عنه :

الشلماني .. شاعر مجدد، يغلب على شعره الطابع التأملي الفلسفي والإعمال العقلي، شعره ذاتي يعبر عن موقفه من الحياة ورؤيته الخاصة لها، في نزوع إلى الاتجاه الوجداني والامتزاج بالطبيعة ومخاطبتها، والتوحد معها في بعض الأحيان. في شعره نبرة حزن دفينة مبعثها الموقف الرومانسي للشاعر من الكون، والوقوف على بعض أسرار الحياة من فناء وانتهاء.

في زمنه محمد عبدالسلام الشلماني الذي تتلمذ في مدارس بنغازي الحكومية ومن الجامعة الليبية عام 1970 تحصل على ليسانس الآداب كان من شباب ورجال البركة شاعرا وأديبا أسهم في إثراء الحركة الثقافية في منطقته بل ومدينته وبلده .. فكان ضمن لجنة تسمية شوارع بنغازي  وهو من قضى سنوات من عمره معلما فاضلا تتلمذ علي يديه أجيال ثم انتقل من التعليم ليكون موظفا في مجال التأمين الاجتماعي ، وبرع في مجاله ويحكى أنه من الأوائل مؤسسي ” مؤسسة التأمين الإجتماعي ” في ليبيا وانتقل للعمل في مكتبها الرئيسي بالعاصمة طرابلس .. في بعض أبياته يقول :

لـو نرفضُ السـيْر يــــومًا يسقطُ الأسفُ

والقـلـبُ يفقـدُ دقّات الأسَى أبـــــــــدا

والروحُ يرحـلُ حـيث الـحـبُّ مبتهجًا

لـو قـد فعـلنـا يحـوم الروحُ مبتعـــــدا

لم يطل البقاء في طرابلس إنها أعوام فيها عمل بالمكتب الرئيسي لمؤسسة التأمين رفقة زملائه مؤسسي التأمين الاجتماعي مكتب ولاية طرابلس منهم :  السيد حسين الضراط . المستشار عبدالحفيظ الشريف . السيد علي احمد الدينالي . والسيد محمد بالطيب .. ليتم نقلهم بكامل عددهم الي بنغازي لتأسيس مكتب ولاية برقة للتأمين الاجتماعي .. ومع كل أعماله الوظيفية ومهامه لم ينسى الشعر والأدب والقراءات المتواصلة وعلاقته بمجايليه .. فكانوا يقيمون الأماسي الشعرية وحوارات الأدب والثقافة بشكل دوري وهو أحد أهم أركان رابطة الكتاب والأدباء الليبيين التي عقدت مؤتمرها مشكلة اتحادها عام 1968 .

هي كِلْمةٌ وضبابُ العجز يحجبُها

أو يحرق الفكرَ نورٌ خالدٌ أزلا

أحببتُ مثلك لو جاوزتُ منطلقًا

حدَّ الظنونِ ولكن لم أجد سُبُلا

لولا الترنُّم يُنسي القلبَ مِحنتَه

فلنعزفِ الصدقَ والإيمانَ ما كَمُلا

الأديب الذي كتب القصة القصيرة والمقالة ونظم شعرا فلسفيا حانيا تارة وواعظا أخرى .. وصل لأن يكون من كبار موظفي الدولة لهمته العالية وذكائه الوظيفي وكلمته الفصل فقد عمل بالجامعة الليبية لسنوات ثم تولي مهام نائب امين اللجنة الشعبية لبلدية بنغازي حيث كان الأستاذ محمود حامد الخفيفي رئيسا للبلدية واستمرا معا حتى عام 1979 .. ليتولى بعد ذلك رئاسة الإتحاد الإشتراكي العربي .. تعرض شاعرنا لوعكة صحية اضطرته للسفر إلى ألمانيا طلبا للعلاج هناك .. ثم ارتحل إلى ايطاليا وبريطانيا ليعود بعدها معافا لوطنه الذي استقبله بالمهام العملية أيضا ولم يتوان عن تقديم جهده وبذل ما يمكنه .

أصبح الشلماني عام 1981 م مديرا للدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان وتولى في ذات الوقت رئاسة لجنة تسمية شوارع بنغازي .. حينما شعر بعودة المرض قدم اعتذارا عن إدارة الدار ولكنهم لم يستغنوا عنه فتولى فيها اصبح إدارة الشئون المالية والإدارية بالدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان وظل هناك حتى تاريخ وفاته في العام 1984م تاركا إرثا من النظام الإداري والسمعة الوظيفية المهمة التي تبعها من بعده وهذا ديدن أبناء البلد الشرفاء فكيف بشاعر أنان قصائدة حكايات للحنين ومشهديات معالجة لفاقدي الأمل .. تلحظها حين تقرأ قصيدته الإنسان والبحر التي يبدؤها :

ماذا أهاجكَ هل يا بحرُ ترفضُني؟

أم كنتَ تصخبُ مرتاحًا ومحتفلا؟

يا غامضَ الهمس هل لي من سبيل هدى؟

أم لستَ تدري فثار الموج واقتتلا؟

كم كنتَ يا بحرُ تدعوني إليك ضحًى

نشوانَ ترقصُ في لينٍ كمَنْ ثملا

كم كنت تعزفُ لحنًا كان يُذهلني

ينسابُ عذْبًا وحينًا صاخبًا وَجِلا

حتى لأنكرُ ما أرسلتَ من نغمٍ

هل كنتَ تهمسُ لي تحتجُّ أم غزِلا؟

أم أنت تسأل مثلي حين تسمعني

لحنًا كلحنكَ منقوصًا ومكتملا

لولا ضياءٌ خبا في الأفْق ما طلبَتْ

روحي بيانًا لليلِ الجهْل أو عِلَلا

والنفسُ ترهب في المجهول أسئلةً

لن تعلم الردَّ عنها أو ترى أملا

إن السؤالَ الذي جاهدتُ أحملُه

لا تستَطيعُه مثلي فاضطرِبْ مَلَلا

نشرت قصائده وأعماله المقالية في صحف الحقيقة بنغازي وطرابلس الغرب وفي العام 1959 م نشرت له صحيفة العمل عددا من القصص القصيرة بشكل دوري أسبوعي .. ثم تنوع نتاجه المنشور عبر الصحف والمجلات الشهرية والأسبوعية واليومية السيارة  .. العمل والرقيب والزمان والطليعة والأمة والثورة وقورينا ولأديبنا الراحل نتاج أدبي غني شعر ورواية بين دفتي كتب تركها مفعمة ببديع الأعمال وفي تصوري إذا أمهله القدر ولكل أجل كتاب كان ترك أكثر وأكثر للمكتبة الليبية الأدبية .

  • في العام 1968  صدر له ديوان : «الهتافات» عن دار الأندلس  بنغازي .
  • وديونه «النداءات» الصادر عن  الإدارة العامة للثقافة – بنغازي تمت طباعته عام  1973 .

– رواية بعنوان «بلا نهاية» صدر عن إدارة الفنون والآداب – طرابلس 1973

تحصل الشلماني على جائزة صحيفة العمل عام 1959 والتي خصتها للقصة القصيرة  .. أما صحيفة الرقيب فقد منحته جائزة عام 1961 عن الشعر .. وله من غير كتاباته الشعرية والقصصية والمقالية دراسات نشرت له عبر كتب دراسية مهمة كونها مؤرخة لأحداث مرت بالوطن وهي :

_  دراسة تاريخية بعنوان «معتقل سلوق» – الاتحاد الاشتراكي – بنغازي 1997،

_ دراسة تاريخية بعنوان «معارك يوم جليانة» – بنغازي 1978،

_ كتاب في التراجم بعنوان : «شيء عن بعض رجال عمر المختار» صدر عن مطابع الثورة – بنغازي بداية الثمانينيات .

ختاما رحم الله أبناء الوطن المثقفين بعطاءاتهم الإبداعية الجمة من أثروا كما شاعرنا الأديب الوطني محمد عبدالسلام الشلماني .. المكتبة الأدبية والتاريخية بنتاجهم الثري .. وأترك القارئ لمعطار السيرة مع قصيدة للشاعر يتضح فيها الحس الفلسفي العميق كتب فيها :

في السُّهدِ – يـا عـيـنُ – نرجـو مُشـرِقًا فُقِدا

والكـون غافٍ وقـلـبـي فـي الأسـى شـــرَدا

أُمضـي النهـارَ لأُرضـي النــــــاس مبتسمًا

والجـرحُ يصرخُ فـي الأعـمــــــــاق متَّقِدا

يـا عـيـنُ كـنـتُ إلى مَنْ غاب مُلـتجئـــــي

كـان الـمُواسـي، وكـان الـحــــبَّ والسندا

بـات الـبعـيـدَ وكـم قـد كـان يصحـبُنـــي

كان الـمعـيـنَ وفـي اللـيل الـبـهـيـمِ هُدى

كـنـا نُلاقـي عذابَ الـدهـر نقهــــــــرُه

نـبنـي الأمـانــــــــي عِراضًا عذبةً جُدُدا

حتى تـنـاءَى وجئتُ الـيــــــــــوم أذكرُه

عزَّ اللقـاءُ وذابتْ بـهجتـــــــــــي بَدَدا

لـو نرفضُ السـيْر يــــومًا يسقطُ الأسفُ

والقـلـبُ يفقـدُ دقّات الأسَى أبـــــــــدا

والروحُ يرحـلُ حـيث الـحـبُّ مبتهجًا

لـو قـد فعـلنـا يحـوم الروحُ مبتعـــــدا

يُلقـي النشـيـدَ بـلـحنٍ لا يُشـــــــــوِّهُه

حـزنٌ ويسبحُ نحـو النــــــــــــور مُتَّئِدا

غـيبُ الـحـيـاة كغـيْبِ الـمــــــوت نجهله

جَمُّ العذاب ويكفـي الـحـيَّ مـا وجـــــــدا

يـا عـيـن نـام جـمـيع الخلق واغتــــمَضَتْ

عـيـنُ الثُّريّا وأُمضـي اللـيلَ مــــــنفردا

بـيـن الـحنـيـنِ إلى مَنْ غاب أجهدَنــــــي

قـلــــــــــــبٌ يُرفرفُ تحت الضَّنْكِ مرددا

قـد يرفض العـيشَ أو يرضَى مهـانــــــــتَه

أو يـقبـلُ العـمـرَ بـالأصـفـــــاد متَّحدا

لـولا عـنـادٌ يثـير القـلـبَ يـمــــــنعُه

ألاّ يصـيرَ بعــــــيشِ الضعفِ مُعتقِدا

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة