الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-06-30

10:58 مساءً

أهم اللأخبار

2025-06-30 10:58 مساءً

المسرح.. مساحة الحرية التي لا تُقيدها الحدود

web1

محمود امجبر

لطالما كانت الحرية هي النبض الذي يُحيي الإبداع ، وهي الأساس الذي يبنى عليه الفكر المستقل ، والتعبير الصادق . منذ طفولتي ، نشأت في بيئة منحني فيها والدي مساحة ديمقراطية حقيقية ، حيث لم تفرض علي قيود تقيد رأيي ، ولم أتعلم إلا ما أختاره بإرادتي . عشت مناخا مليئا بالمسرح ، حيث لم تكن الحرية مجرد حق ، بل أسلوب حياة يغذي الفكر ويعزز الوعي.

وهكذا، وجدت نفسي في عالم المسرح ، ذلك العالم الذي يضعك وجها لوجه أمام الواقع ، حيث تعبر عن نفسك دون مواربة، وتصوغ أفكارك كما تريدها أنت ، لا كما يملى عليك. كتبت وأخرجت ما يعبر عني، عن مجتمعي ، عن قضايا الإنسان التي تحركني . لم يكن هناك من يخبرني بما يجب أن يكون ، أو ما لا يجب أن يكون ، إلا  ما يمليه علي ضميري ، وأخلاقي ، ووطنيتي.

كنت سباقا في تأسيس مسرح الطفل والشباب سبها وعملت مع آخرين على انطلاقه ليكون نواة لمرحلة جديدة وقفزة في ثقافة المسرح عملت لأكثر  من عشرين سنه مدير المسرح الشعبي سبها ومدير لفرقة المسرح الشعبي سبها ومدير لمكتب الثقافة بأمانة الإعلام والثقافة  بسبها كل هذه المناصب تعزز عملي في المسرح وتكون مرادف له .. فالمسرح بالنسبة لي ليس مجرد فن، بل مرآة تعكس قضايا المجتمع ، تنبش في العيوب، تكشف المستور، وتحرك المياه الراكدة. لا خطوط حمراء أمامي إلا خطوط الاحترام للدين ، للعادات ، للبيئة ، وللوطن. ومن هنا، جاءت أعمالي المسرحية سوي على مستوى الإدارة او الكتابة او الإخراج تحمل في طياتها رسائل قوية ، وصوتا لا يعرف التردد :

– كل شيء يتصلح: نقد جريء لحال التعليم، يكشف السلبيات التي تعيق تقدم الأجيال .

– مدرسة الأصدقاء: تجسيد للواقع المرير الذي يعيشه الإنسان في وطن تنقصه كل الأشياء الأساسية للحياة.

– هنا غزة : صرخة في وجه انهزام الأمة وانكسارها أمام المجازر والعدوان .

– موناليزا: مسرحية تبكي المرأة، حيث يمتزج الخيال بالواقع ، وتعكس معاناتها في مجتمع لا ينصفها.

– الشريط : نقد عميق   لتهميش الفنان ، وعدم احترامه في مجتمع لا يقدر الإبداع .

– العناية الفائقة : رسم دقيق لحياة المواطن العربي، في ظل الفتن والمؤامرات التي تحيط به دون أن يدركها .

– البقراء البيضاء : رسالةٌ للأطفال، تعلمهم نبذ الطمع ، محاربة الكذب ، ورفض الخيانة ، وترسخ لديهم القيم البديلة الصحيحة.

إذن الخلاصة : الإبداع لا يحجب ..  المسرح لا يمنع

كل هذه المسرحيات تمت الموافقة عليها من لجنة إجازة النصوص الأدبية دون أي ملاحظات ، ولم تمنع من العرض إطلاقا، لأنها لم تكن مجرد أعمال فنية ، بل حركة ثقافية تحمل هم الإنسان والمجتمع. فمن خلال المسرح، تفتح الأبواب المغلقة، وتطرح الأسئلة التي يخشى البعض طرحها، وتخلق مساحة للتفكير خارج الأطر التقليدية.

إنني أؤمن بأن المسرح ليس مجرد منصة تعرض عليها المشاهد ، بل هو حوار بين الفن والواقع ، بين الحرية والقيود، بين الإنسان والحقيقة . وبهذا الإيمان ، أواصل الكتابة والإخراج ، مدفوعا بروح لا تقبل الإنحناء ، وبقناعة راسخة بأن الكلمة الصادقة ستجد طريقها دائما ، حتى وإن حاول البعض كتمها .

فقط تختلف الآن الظروف والقدرة على الاستمرار

1986 _ 2011

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة