حذّر عضو لجنة الإعلان الدستوري السوري، أحمد قربي، من خطر تكرار السيناريو الليبي في سوريا، في ظل الجمود السياسي والانقسامات الداخلية، مشيرًا إلى أوجه الشبه المقلقة بين التجربتين.
وقال قربي في تصريح صحفي إن ليبيا عاشت فترة انتقالية استمرت عامًا كاملًا دون إجراء انتخابات، وسط انتشار واسع للسلاح وهيمنة القبلية، الأمر الذي أدى إلى انقسام الدولة وتفكك مؤسساتها.
وأضاف أن القضايا السياسية عادة ما تكون مركّبة، ولا يمكن اختزالها في عامل واحد، إلا أن أحد أبرز الأسباب التي ساهمت في انقسام ليبيا، بحسب تعبيره، هو عدم الاحتكام إلى صناديق الاقتراع كوسيلة لحسم الخلافات، ما ترك المجال مفتوحًا أمام صراعات مسلحة وقوى الأمر الواقع.
وأشار قربي إلى أن هذا التحذير ليس الأول من نوعه، فقد سبق أن أصدرت مؤسسة كارنيغي للسلام مطلع فبراير الماضي تقريرًا يتضمّن مجموعة من التوصيات لتجنّب تكرار السيناريو الليبي في سوريا. وأكّد التقرير أن هذه التحذيرات في محلّها، لافتًا إلى أن سوريا تواجه تحديات أكبر وأكثر تعقيدًا من تلك التي واجهتها ليبيا، نظرًا لما تتّسم به من تنوع عرقي وطائفي وتفتّت سياسي وجغرافي أعمق.
وتُعد مسألة انقسام السيطرة الجغرافية بين أطراف متباينة أحد أبرز أوجه التشابه بين الملفين الليبي والسوري. ففي ليبيا، تسيطر حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة على العاصمة طرابلس، وهي السلطة التنفيذية التي انبثقت عن مؤتمر جنيف في عام 2021، في حين تفرض الحكومة الليبية برئاسة أسامة حمّاد سيطرتها على المنطقة الشرقية والجنوب وتواجه تحدي عدم الاعتراف الدولي، مما يكرّس حالة الانقسام المؤسساتي.
وفي السياق ذاته، حذّرت كايا كلاس، ممثلة الاتحاد الأوروبي للأمن والسياسة الخارجية، خلال جلسة برلمانية في ديسمبر الماضي من تكرار السيناريوهات الدامية التي شهدتها العراق وليبيا وأفغانستان، مشددة على ضرورة استخلاص الدروس من تلك التجارب المريرة.
وقد جاءت تصريحات كلاس بعد نحو أسبوع من سقوط حكم بشار الأسد ومغادرته البلاد، حيث أكّدت على ضرورة تفادي الانزلاق نحو العنف الطائفي، والابتعاد عن المسارات التي سلكتها دول مثل ليبيا والعراق وأفغانستان، والتي انتهت إلى حروب أهلية وانهيارات مؤسسية واسعة.
وفي السياق ذاته، عبّر عبد السلام أحمد، ممثل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عن مخاوف المكون الكردي من تكرار السيناريو الليبي في سوريا، وذلك في حال سقوط نظام الأسد دون وجود توافق سياسي واضح على شكل الحكم المستقبلي.
وأوضح عبد السلام أن “الإدارة الذاتية الكردية قلقة من أن تؤدي الفوضى التي قد تلي سقوط النظام إلى انقسامات حادة وصراعات مسلحة شبيهة بما حدث في ليبيا”، مضيفًا أن “القوى المنضوية في إطار المعارضة المسلحة تعاني خلافات عميقة حول شكل النظام السياسي المقبل، ما قد يفتح الباب واسعًا أمام إعادة إنتاج السيناريو الليبي بحذافيره.”