الناير اليعقوبي
في كل حرب يشعلها الكيان الصهيوني في غزة، يسقط شهداء هناك وتسقط أقنعة هنا.
وفي كل قافلة تتجه إلى معبر رفح، يرافقها بصيص من أمل، و يلتصق بها بعض من الضجيج و كثير من المزايدات.
دخلت ” قافلة الصمود” إلى ليبيا كما دخلت و خرجت منها عدة قوافل على مدى عقود ، وفرت لها الطرق وفتحت لها البوابات كما تفتح الأبواب لضيوف هم بمثابة أهل البيت .
القافلة توقفت عند مدخل مدينة سرت… توقف احترازي، كأي إجراء في بلاد لم تلتئم جراحها بعد و تعمل أجهزتها الأمنية على سد ثغرات عميقة أنهكت استقرارها و أمانها .
الضجيج كان جاهزا ، و المزايدة كانت حاضرة، ومكبرات “الصائدون في المياه العكرة ” بدأت تصوب فوهتها على من طلب – بطيبة قلب – وقفة من القافلة ليتحقق ويسأل و يتأكد من هوية من جاء باسم ” فلسطين “.
صائدون جاؤوا و هم على نية مسبقة و عن سابق إصرار و ترصد للإثارة و الإدانة كأن المطلوب أن تغيب الدولة ليحضر الحماس وأن تخرس القوانين لتنطق الشعارات.
صائدون مقصدهم أن تتحول فلسطين إلى تهمة بالعمالة و الخيانة جاهزة لكل من يعمل جاهدا كي يكون مسؤولا أمنيا أمينا و حريصا و يقظا في بلاده.
المزايدون يعرفون أن ليبيا لم تكن في سابق أيامها و حتى اليوم غريبة عن فلسطين .. يعرفون ذلك كامل المعرفة إلا أنهم تناسوا شهداء من قراها و أريافها و مدنها امتزجت دماؤهم بأديم القدس ، كما أنهم غضوا العين عن مساعدات خرجت من جيوب المحتاجين قبل المقتدرين من أبناء ليبيا .
من البديهي أن تسأل الدولة – اذا أردنا للدولة أن تقام – عن هوية من يدخل أراضيها، و أن تتريث، و أن تتقصى عن قافلة لا يعرف كنه بعض من توشح بوشاحها.
كم مرة تحولت ” الكوفية الفلسطينية ” إلى غطاء لأولئك الذين يتاجرون باسمها من داخل فلسطين و الدول العربية ؟!
كم مرة اختبأ مشروع استخباراتي في شاحنة معونات عربية و أجنبية لأطفال يموتون جوعا على ركام بيوتهم ؟!
كم مرة أستغلت غزة من أولئك الذين يقتاتون على صبرها و جلدها لجلد وطنيين و تخوينهم لمجرد قالوا كلمة حق بعيدا عن معسول القول الذي تلوكه ألسنة الخبث و تنفثه مرفقا بابتسامة صفراء ؟!
يا سادة، المشكلة ليست في القافلة بل في ذلك الذي ارتدى عباءة المسلم العربي الغيور الوحيد على فلسطين !!!! ، و وظف نبل القافلة و مغزاها ، وحولها إلى اختبار لوطنيين يحافظون على سيادة بلادهم و أفئدتهم تهتف بالمسجد الأقصى.
ليبيا عرف عنها أنها تقوم بالواجب و زيادة تجاه الأخوة الفلسطينين ،و لا تشوبها شائبة التقصير ،ومن يزايد، على ” الليبي ” في قضية العرب الأولى ، فهو إما غافل أو متناس عن عمد لغاية نجسة في نفسه .
و بعد .. إن تأخرت القافلة أو عادت أدراجها على خلفية اتفاقيات بين ليبيا و مصر تنظم حركة المرور بينهما ، ذلك لا يعني أن كامل التراب الفلسطيني حذف من خريطة أولى أولويات ليبيا، فهو كان و مازال و سيبقى في قلوب عامة المواطنين ما بقت في أعمارهم بقية، يقدمون الغالي و النفيس من أجله في مواجهة صائدين نكرة و معهم من يحركهم كالدمى .